نشر بتاريخ: 02/11/2016 ( آخر تحديث: 02/11/2016 الساعة: 15:25 )
الكاتب: د.فهمي شراب
ما زال البعض يتزنر بلغة الضغائن والأحقاد والثارات فبعض من أفراد حماس ما زالوا يستخدمون مصطلحات تجاه الخصوم من مثل ( الخونة والعملاء الخ..) والبعض في فتح يتمترس حول ألفاظ لا تتماشى مع روح مصالحة حقيقية من مثل ( مليشيات حماس والانقلاب الدموي والقتلة الخ..)، للأسف، غابت مفاهيم الدين الحنيف عند الأطراف ومظاهر التسامح وسياسة الصفح الجميل. بعض القيادات بدل أن تطفئ نيران الفتنة التي تغلي مراجلها وتوشك على الانفجار، يسكب عليها زيت أحقاده وثاراته فتزيد اشتعالا. ويوقف عجلة التقدم الحضاري والإنساني ويوقف مسيرة دولة.
إننا في فلسطين وتحديداً في قطاع غزة في ورطة كبيرة، فالحياة في جوانب كثيرة معطلة، والأزمات تحيط بنا إحاطة السوار بالمعصم. وما زالت القيادات في كل شطر من الوطن تتعامل مع الأخرى كدولة معادية. ولا اعرف على ماذا يستحكم الخلاف بين الإخوة الأشقاء؟ الم يردهم قول الصحابي الجليل سلمان الفارسي "إن استطعت أن تأكل التراب ولا تكونن أميراً على اثنين، فافعل..". وهذا يدل على عظم المسئولية وخطورتها، ونحن شعب بدون سيادة وما زلنا تحت الإرادة الاحتلالية البغيضة..
لا يمكن أن ننتظر حرب شرسة شعواء لا تبق ولا تذر لكي نقتنع بأهمية المصالحة وإعادة لم شمل الأسرة الفلسطينية. لقد فقدنا الكثير بهذا الانقسام، وهذا الانقسام أخطر من مراحل تاريخية سابقة اتصفت بأسوأ الأوصاف. إننا نقتل نفسنا بأيدينا, فعلى من نطلق الرصاص؟ إن مسببات الانقسام قد تمت الإحاطة بأسبابها. إنها باختصار بسبب الإقصاء. نعم انه الإقصاء. وكيفية معالجته تكمن في ضرورة المشاركة والاحتواء، والتسليم السلس للسلطة بعد أي عملية انتخابية وقبول الآخر، أي مشاركة الأحزاب التي لها ثقل في الحكم، وإلا كانت سبباً في تعطيل النظام السياسي كله، والعودة لمربع الصفر، بغض النظر عن الأيديولوجية أو الخلفية الفكرية والسياسية لكل حزب، فالكل مدعو للمشاركة..
ليس شرطاً أن يصل الأطراف في الحب لدرجة العشق والارتباط التام كالزواج لكي يصلوا للمصالحة الحقيقية وإنقاذ الشعب من هذا التعطل والانسداد في جميع الآفاق. يكفي قليلا من مراعاة مصلحة شعبنا المقهور والمناضل.
فلنبدأ بتغيير مفرداتنا ونحسن الاختيار، ففي البدء كانت الكلمة.. و "قولوا لهم حسنى"، ولن نخسر شيئا عندما نحسن من خطابنا الإعلامي والسياسي الداخلي، ولتتوقف وسائل الإعلام عن ضخ كميات الشتائم ونفث سموم التفرقة والعنصرية والتمييز بين أبناء الوطن الواحد، مضافا إليه الالتزام والاقتناع بضرورة التنازل من كلا الجانبين لكي تنتهي المعاناة والمركبة ستسير بإذن الله. وكل طرف يتنازل من اجل الشعب بقدر إدراكه لحقيقة عِظم دوره وقيمة مكانته ورياديته وتاريخه العريق. قبل أن تستأصل شأفة هذا الوطن الغالي الذي سالت فيه دماء كثيرة ضد الاحتلال الإسرائيلي. سئمنا من سياسة العض على الجراح ولعق أحزاننا وابتلاع ألسنتنا، وانتظار المستحيل والمراهنة على المتغيرات الإقليمية.. فالناس في غزة أصبح بطن الأرض خير لهم من ظهرها.