الأحد: 24/11/2024 بتوقيت القدس الشريف

ترامب الذي هزم الحمار

نشر بتاريخ: 09/11/2016 ( آخر تحديث: 10/11/2016 الساعة: 01:34 )

الكاتب: رئيس التحرير / د. ناصر اللحام

صفعة اخرى لمراكز استطلاعات الرأي في العالم، لا سيما وأن معظم مراكز الاستطلاعات فشلت مؤخرا في تقدير اهمية الأصوات العائمة والمترددة (حزب الكنبة) اولئك الناس الذين يجلسون قبالة شاشات التلفزيون ولا ينزلون في اية نشاطات وينتظرون حتى اخر لحظة ليقرروا حسم الامر، أصواتهم لا تقل عن 5% في اي مجتمع واحيانا 30% في المجتمعات الخائفة والمتخلفة وهي تحسم أية انتخابات. كما حدث فعلا مع هيرتسوغ ونتانياهو، وفي بريطانيا حين وقع استفتاء الخروج من الاتحاد الاوروبي، وكما سيحدث عندنا في الدول العربية في أية انتخابات قادمة، ويقول المثل الامريكي (الرجال المنبوذون هم رجال خطيرون).
وبينما تقوم الحكومات بالاهتمام بارباب العمل وأصحاب الرساميل والكارتيلات، ترى ان المواطنين المنبوذين والمعذبين وسكان احياء الصفيح والمناطق المنبوذة الخالية من الخدمات هم الذين يقررون من يفوز ومن يسقط.

المرشح الامريكي الابيض دونالد ترامب فاز بفضل الاصوات العائمة التي لم يحترمها الحزب الديمقراطي، وهي أصوات الخائفين والغاضبين والفاشلين والمعذبين بين أسنان مسننات الرأسمالية المتوحشة التي حوّلت سكان القارة الامريكية الى عبيد يعملون ليل نهار من أجل أن يربح الاغنياء أكثر وأكثر.
وبالمناسبة فانه لا يعتبر رجلا خطيرا بمعنى الكلمة، لانه مليونير اشتهى أن يصبح رئيسا، ولكنه ليس رجل ايديولوجيا ولا ممثل تيار ديني او كنسي او فكري او شمولي.

ماذا عسى ترامب أن يفعل ؟
من أجل الاجابة على هذا السؤال علينا ان ندرك ان الولايات المتحدة الامريكية دولة مؤسسات وليست مزرعة للحاكم مثل بعض الدول، وبالتالي فان الهامش المسموح له أن يفعله محدود جدا. وان ما يمكن ان يفعله بالعالم الخارجي أسهل عليه بكثير مما يمكن ان بفعله داخل الولايات المتحدة.
الحزب الديمقراطي حزب عريق وعنيد، وان شعاره الحمار تعبير دقيق عن عناد هذا الحزب، والحزب يملك ادوات اعلام وأذرع موزعة في كل العالم تروّج لخططه وبرامجه وهو ما يفسر لنا الحملة الكبيرة ضد ترامب في وسائل اعلام العالم، ولكن ترامب ومن خلال مدير حملة هيلاري كلينتون السابق استطاع تحويل هذه الحملة لصالح ترامب. وبدلا من ان تحطمه قام بالاستعانة بها من اجل المزيد من الاثارة وحصد الاهتمام.
ولا عيب في ان تشعر كل عاصمة مهمشة انها اهم عاصمة في العالم . ولكن قراءة ترامب يتكون من خلال النقاط التالية:
- علاقته مع روسيا والصين عالميا.
- علاقته بايران وتركيا اقليميا.
- علاقته بمصر والسعودية عربيا.
علاقته بفلسطين واسرائيل محليا.

أيام فقط ، وسيكون هناك امتحان مبكر للرئيس ترامب ، من خلال مؤتمر السلام المزمع عقده في باريس من اجل حل الصراع العربي الاسرائيلي واعادة احياء عملية السلام وفكرة الدولتين.
واذا شارك ترامب في مؤتمر باريس سيكون لعالمنا نحن طعم اّخر. واذا رفض فان علينا الانتظار لنعرف ماذا يريد؟
مؤتمر باريس سيضع قادة اوروبا ونتانياهو وابو مازن وقادة الدول العربية في امتحان مبكر وخطير. لم يكن اي منهم قد استعد له .