الأحد: 24/11/2024 بتوقيت القدس الشريف

من يخرج المجنون من منزلنا ؟

نشر بتاريخ: 12/11/2016 ( آخر تحديث: 12/11/2016 الساعة: 11:02 )

الكاتب: رئيس التحرير / د. ناصر اللحام

هرب مريض عقلي من مشفى الأمراض العقلية، ودلف الى أحد المنازل وأغلق الباب على نفسه من الداخل . اهل المنزل كانوا يشربون الشاي في الحديقة ، وصرخ الاطفال أن مجهولا دخل الى منزلهم واغلق على نفسه الباب بالقفل .


قام أهل المنزل وتجادلوا معه عبر النافذة أن يفتح الباب لانهم لا يريدون كسره وتدمير واجهة المنزل، وانه في حال لم يفتح الباب ويخرج من منزلهم فانهم سيضطرون الى استدعاء الشرطة. لكن المريض لم يأبه ولم يتأثر بمحاولات الاقناع الباهتة التي ساقوها أمامه .


وبعد ساعة او أكثر فاض بهم الكيل واتصلوا بالشرطة، التي حضرت واستخدمت هيبتها وصولجانها دون جدوى، فعاد رجال الشرطة الى طريقة أهل المنزل يتوسلون اليه ويحاولون اقناعه بالحسنى ان يفتح الباب بدلا من تحطيمه وتدمير المنزل . وهذه المحاولة باءت بالفشل .


وتدخّل الجيران وأصحاب الرأي والعلم، وكلّ أدلى بدلوه في هذا السباق "المجنون" ولكنهم ردوا على ظهورهم دون أن يفلحوا أيضا. وأرخى الليل سدوله وأهل المنزل في الخارج ينتظرون العودة الى حياتهم الطبيعية ، ولكن المهمة كانت أصعب مما نتخيلها .


انتقل الجمع من الغضب الى السخرية، ومن السخرية الى القهقهة . حتى رجال الشرطة لم يمنعوا أنفسهم من الضحك بصوت عال. وبينما يتجمهر بعض الجيران يحاولون مساعدة رب المنزل وأطفاله في هذه "المصيبة" . جاء رجل بسيط يكاد لا يراه الجمع، وقدّم اقتراحا عجيبا . وقال : اذا تسمحون لي فأنا اعرف مريضا مثله "مجنونا " يمكنه ان يتفاهم معه ويخرجه بكل سهولة .


استسحن الجميع الاقتراح وطلبوا منه بكل ادب أن ينفّذ نصيحته ويستدعي المريض الاّخر على وجه السرعة . وهذا ما كان .


حضر "المجنون الاخر " وكان يمشي بتبختر شديد، وشرح له رب المنزل ورجال الشرطة بكل ادب ما حدث لهم وكيف حلّت هذه المصيبة على رؤوسهم . وكان الجميع يخشون ان يدخل المجنون الثاني المنزل ولا يخرج فتصبح المصيبة مصيبتان .


ولكن صاحب الحضرة، المجنون الثاني استمع اليهم بكل هدوء، ونظر من نافذة المنزل عند الواجهة الامامية وقال : لا تقلقوا . بسيطة .


وصمت الجميع دون أن ينبسوا ببنت شفة . ينتظرون اللامتوقع والاسوأ .


صاحب الحضرة نادى على المريض داخل المنزل بصوت مرتفع وواثق جدا وقال له : اسمع. سأقول لك أمرا واحدا وانا اقسم أنني منفذه . اذا لم تقم على الفور بفتح الباب والخروج فانني سأدخل اليك من خرم المفتاح واضربك ضربا لم تره من قبل. وأخذ يخلع حذاءه استعدادا للدخول من خرم المفتاح .


وعلى عكس ما توقع الجميع فان المريض داخل المنزل اخذ يرتعد من الخوف خشية ان ينفذ صاحب الحضرة تهديده . وقام على الفور وفتح الباب وخرج من المنزل وانتهت الازمة . وسط تصفيق الجميع وسعادتهم التي لا توصف .


والله من وراء القصد .