الخميس: 28/11/2024 بتوقيت القدس الشريف

الاستجداء لن يثني إسرائيل عن منع الآذان

نشر بتاريخ: 17/11/2016 ( آخر تحديث: 17/11/2016 الساعة: 11:24 )

الكاتب: ابراهيم أبو صعلوك

يرفع الأذان في فلسطين منذ قدوم عمر ابن الخطاب رضي الله عنه إليها، دون أن يحتج عليه أحد، ودون أن يمنعه أحد، لا بسبب الازعاج الذي يسببه كما تدعي حكومة إسرائيل، ولا بسبب اللغة التي يرفع بها، ولا لكونه جزءاً من الهوية الإسلامية والعربية لهذه البلاد على مر العصور والأزمان.
نعم منذ قدوم عمر إلى هذه البلاد، عمر الذي لم يقبل الصلاة في كنيسة القيامة في القدس حفاظاً على حرمة الأديان، وحفاظاً على كرامة الانسان أي كان، ولم يمنع المسلمون النصارى واليهود من ممارسة طقوسهم الدينية بما في ذلك أجراس الكنائس لدى النصارى، والنفخ في البوق (شوفار) لدى اليهود في صلاة الصباح قبل عيد رأس السنة العبرية, وفي يوم العيد نفسه, وفي يوم الغفران اليهودي ويوم السبت.

لقد احترم المسلمون في جميع بلادهم هذه الطقوس مع أنها تحدث ضجيجاً، ناهيك عن أنها مخالفة لتعاليم الإسلام، لكنهم احترموها من منطلق احترام الغير والأخر. ولربما كان هذا سبباً في حمل حكومات إسرائيل المتعاقبة على احترام الآذان وإدراكاً منها لقوة الآذان وقوة الأمة التي تقف وراء الآذان.
حتى جاءت هذه الحكومة العنصرية التي تعمل جاهدة على ارضاء زمرة من اليهود المتطرفين العنصريين التي لا ترى من شدة حقدها على العرب والمسلمين لغيرها وجوداً ولا كياناً، فطالبت بمنع الآذان لأنه يذكرها بوجود العرب والمسلمين في فلسطين خمس مرات في اليوم والليلة.

لذا فإن الاستجداء والندب والتهديد والوعيد لن يساهم في صد هؤلاء، فهذه جميعاً سلاح الضعفاء، ولكن ما يساهم في صدهم هو اتخاذ خطوات عملية على جميع الأصعدة والمجالات التي تتناسب مع القانون الدولي، ومع حقوق الإنسان بحيث يقوم الجميع كل من مكانه وموضعه بما يستطيع.
فعلى أعضاء الكنيست العرب تقديم مشروع قانون لمنع اليهود من النفخ في البوق (شوفار)، وعلى أبو مازن الانسلاخ من اتفاقية السلام، وعلى الأردن ومصر سحب سفيريهما من إسرائيل، لأن منع الأذان مخالف لروح اتفاقيات السلام التي يفترض أن تجعل من وقع عليها يحترم شريكه ليس في قضية تتعلق بالدين مثل الآذان فحسب بل حتى في القضايا السياسية وغيرها، وعلى دول الخليج العربي ودول المغرب العربي والدول الاسلامية التي تقيم علاقات مع إسرائيل تحت مسميات مختلفة قطع هذه العلاقات، وخاصة السعودية التي أصبحت مؤخراً تناغم إسرائيل بهذه الطريقة أو تلك مثل زيارة الجنرال السعودي المتقاعد، أنور عشقي لإسرائيل، ومصافحة الأمير السعودي تركي الفيصل، الذي كان سفيرا للسعودية في واشنطن ورئيسا للمخابرات السعودية لنائب وزير الخارجية الإسرائيلي داني أيالون في منتدى الأمن بميونيخ ، وكذلك على تركيا التي تعزم على إعادة سفيرها إلى تل أبيب لامتناع ذلك أيضاً.

وعلى رؤساء الطوائف المسيحية في البلاد والعالم السعي لدى جميع المحافل الدولية لصد قانون منع الآذان لأنه حال تم إقراره ستتطاول حكومة إسرائيل على أجراس الكنائس أيضاً.
ما كانت حكومة إسرائيل تجرؤ على مجرد التفكير في منع الآذان لو أنها لم تدرك جيداً وضع الدول العربية وما تعانيه من أزمات، وتدرك غياب عمر وصلاح الدين، وتعي جيداً حقيقة العلاقات التي تربطها بالدول العربية والاسلامية التي لربما كانت هذه العلاقات هي الضوء الأخضر للتفكير في التجريء على الآذان، لذا يجب علي هذه الدول أن تحفظ ماء وجهها، وتقوم بواجبها القومي والديني لأن الاستجداء لن يثني إسرائيل عن منع الآذان.