نشر بتاريخ: 17/11/2016 ( آخر تحديث: 17/11/2016 الساعة: 14:50 )
الكاتب: رئيس التحرير / د. ناصر اللحام
حين نقل الزعيم ياسر عرفات مقر قيادته من أريحا الى رام الله، هرع الجميع من كل صوب وحدب الى هذه المدينة المسيحية الوادعة. انتشر الجميع مثل النحل فوق ازهارها، وما هي الا أيام حتى تغيّر وجه المدينة مرة والى الابد. اصبحت قلعة اسمنتية، ارتفعت البنايات الشاهقة وتراجعت حقول الورد واللوز. لم يبق في فيافيها اقحوان ولا زوزو ولا حتى شقائق النعمان.
امتلأت رام الله باللاجئين والفلاحين والعائدين ، وامتلأت جيوب التجار وخفتت أشعة الحب في عيون العشاق. وبين عاشق وتاجر، كتب محمود درويش عن زهر اللوز أو أكثر، وكتب سميح القاسم عن الجدار، وكتب احمد رفيق عوض ( مقامات العشاق والتجار ) وهي رواية تؤرخ تلك المرحلة بطريقة مذهلة. وكتب مريد البرغوثي روايته ( عائد الى رام الله ) وكتب ادوارد سعيد عن الاتجاه حتى تجرأ البعض على الطلب من عرفات حظر كتابه في السوق.
رام الله الطيبة الاصيلة الحنونة الوادعة المسالمة التي لم تكن تجرؤ يوما على منافسة المدن القوية مثل القدس وحيفا ويافا وبير السبع وعكا والخليل ونابلس وبيت لحم وغزة، صارت هي عاصمة القرار. اختارتها الايام لتكون هي العاصمة السياسية للمنطقة.
لفترة وجيزة كان المثل الشعبي يقول (يمكنك ان تنقل مكان مدينة لكن لا يمكنك ان تنقل مكان بئر). ولكن مواسير البلدية وسلطة المياه قتلت رومانسية هذا المثل، واليوم تستطيع ان تغير مكان مدينة ومكان بئر ومكان امبراطورية أيضا. وكل مدينة تعرف مواسيرها وتعرف مزاريبها واّبارها.
بالاجماع نعرف ان رام الله صاحبة قرار. ولا جدال في ذلك. ولكن يبقى السؤال الأكثر اهمية: ما هو القرار؟