نشر بتاريخ: 20/11/2016 ( آخر تحديث: 20/11/2016 الساعة: 10:13 )
الكاتب: د. هاني العقاد
مؤتمر العين السخنة كان محطة الانطلاق لتنفذ مصر مخطط التعامل مع غزة بمفردها دون التنسيق مع السلطة الوطنية الفلسطينية او الحكومة الفلسطينية ولا حتى دون اي مشاورات لها بهذا الجانب مع حماس وكأن غزة اصبحت كيان مستقل للضغط على سلطة ابو مازن ليقبل بما تمليه عليه مصر , لا احد يعرف حتى الان مدى استمرار هذا السلوك والى اين سيأخذ الفلسطينيين ..؟ واين سيأخذ قضيتهم ومستقبل نضالهم لإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس , تجري منذ فترة اتصالات على مستويات مختلفة مع اطر سياسية وشخصيات محسوبة على ما يسمي بتيار الاصلاح في القطاع مع تواجد دائم لنشطاء واعضاء تشريعي في مصر والتنقل بينها وغزة مرارا وتكرارا , فبعد المؤتمر السياسي والشكلي في العين السخنة والبيان المزيف الذي صدر عنه استضافت مصر مؤتمر اقتصادي لرجال الاعمال والمستثمرين الفلسطينيين من غزة بعيدا عن التنسيق ايضا مع السلطة الفلسطينية , فيما يدور الحديث عن ابعد من المؤتمر بأن مصر على طريق الانفتاح مع غزة اقتصاديا و هذا لا يقلقنا بل اننا كمراقبين نرحب بكل التسهيلات الاقتصادية التي تمنحها مصر لغزة لكن لو كانت هذه التسهيلات ضمن اطار علاقة رسمية مع القيادة الشرعية لكان الامر لا يثير الشكوك في دور غير نظيف يجري فيه التحدث خارج اطار الشرعية مع قوي شعبية وسياسية فلسطينية .
كل تلك الاجراءات والتحركات المصرية تتم على مرأي من حركة حماس التي لا مانع لديها في اي انفراجه تحسن واقع الحياة في قطاع غزة تتمثل برفع الحصار او اقامة منطقة حرة برفح او حتى التحدث مع فصائل العمل الوطني ودعوتهم للقاهرة للتباحث حول عديد من الامور التي لها علاقة بتحسين العلاقة بين غزة ومصر ,لكن لا اعتقد ان تسمح حماس بدور سياسي خارج ادارتها في القطاع تشرف عليه مصر, ويبدو ان مصر مستمرة في مسلسل الاستدعاءات من قطاع غزة لشرائح مختلفة من التجار والاقتصاديين والمستثمرين والقادم هناك مؤتمر لرجال الاصلاح واخر للشباب في الايام والاسابيع القادمة برنامج سياسي التفافي التوجه , والمرحلة القادمة بعد كل هذه اللقاءات تكون ترجمة ما تمخضت عنه هذه اللقاءات من توصيات الى واقع عملي على الارض وهنا تحتاج مصر الى جهاز تنفيذي وسلطة شرعية لتحمي مقدراتها الاقتصادية والمنطقة الحرة التي تخطط لإقامتها وتشرعن التبادل التجاري مع قطاع غزة من خلال السلطة الفلسطينية والحكومة الفلسطينية , و تعقد الاتفاقيات اللازمة لهذا الغرض .
البعض يعتقد ان مصر يمكن ان تتعامل مع غزة ككيان مستقل او تختار تيارات معينة او فصائل او لجان مشتركة لتمنحها الشرعية على انها البديل عن سلطة الرئيس ابو مازن وتفتح لها الحدود متى شاءت أن تطلب الامر ذلك وتتعامل معها على انها السلطة البديلة أو حتى تعتبرهم سفراء على غير العادة , لكن هذا قد يشوه دور مصر كثيرا في القضية الفلسطينية , لا اعتقد ان الامور قد تسير بشكل مختلف تماما وتستغني نهائيا عن السلطة الشرعية في رام الله او تتعامل مع حماس على انها السلطة البديلة وسلطة الامر الواقع في غزة وتمنحها ادارة كل تلك الامور , لكن اخشى ان تدير مصر الجزء الخاص بها في عمليات التبادل التجاري من غير اتفاقيات او برتوكولات اقتصادية رسمية مع سلطة الرئيس ابو مازن او سلطة حماس في غزة ليصبح الامر تقاسم منافع بين السلطات في مصر وتيار خاص يسعي لإسقاط كلا من ابو مازن وحماس في غزة وبالتالي البديل عن سلطة حماس دون اكتراث لأهمية تماسك الجبهة الفلسطينية لان البرنامج الذي يقوده اصحاب ذلك التيار برنامج غير فلسطينيي بالمعني انه برنامج عربي يقصد به تحسن الاجواء وازاحة ابو مازن و حماس لتنفيذ برنامج السلام مع الفلسطينيين عبر السلام مع العرب وليس كل العرب بل الدول العربية الاعضاء في الرباعية العربية مصر عضو هام في تلك الكتلة .
لعل البوابة الحقيقية لكل مشاريع القاهرة الاقتصادية وغير الاقتصادية هي البوابة الرسمية لذلك فان رئيس المخابرات المصرية عرض رعاية مصر لحوار وطني فلسطيني شامل بمشاركة الكل الفلسطيني واتمنى ان يكون هذا الاقتراح من اجل انهاء الازمة الفلسطينية الداخلية وليس للالتفاف على السلطة الفعلية في رام الله باللعب على وتر الاختلافات الداخلية لمنح الشرعية لأطراف لفظها الشعب الفلسطيني بعدما تاجرت في عرضه وماله وارضه وخرجت تسوق نفسها هناك بتوصيات غير نظيفة من قوي لطالما حاكت الدسائس لتصفية القضية الفلسطينية ولم تستطع فعل ذلك , واذا استمرت القاهرة في السيناريو البديل والتعامل مع بعض القوي في غزة بعيدا عن على زعم محافظها على وحدة الشعب الفلسطيني وشرعيته فان هذا يشكل خطر كارثياً على مستقبل الوحدة الفلسطينية والقضية الفلسطينية بشكل عام , واذا كانت مصر تعمل في هذا السيناريو من باب التكتيك نقول العنوان تعرفه مصر ولا يمكن ان يقبل الشعب الفلسطيني اي برنامج التفافي والحل امام مصر مفهوما و واضحا فعليها ان تترك الفلسطينيين يحلوا مشاكلهم بالديموقراطية ويجددوا شرعيتهم بالطرق التي نصت عليها وثيقة الاستقلال والدستور الوطني وعليها ان تستمر في برامجها التي تخفف عن الشعب الفلسطيني في غزة وخاصة انشاء المنطقة الحرة برفح وفتح معبر رفح على مدار الساعة للأفراد والتجارة من خلال التوافق الوطني وانهاء الانقسام والوحدة الفلسطينية واشراك السلطة الشرعية والممثلة لكل الشعب الفلسطينيي في كافة الخطط والبرامج والمشاريع .