نشر بتاريخ: 21/11/2016 ( آخر تحديث: 21/11/2016 الساعة: 10:39 )
الكاتب: زهير الشاعر
كما نعلم أن الحديث في هذه الأيام حول المؤتمر السابع المزمع عقده في التاسع والعشرين من الشهر الحالي نوفمبر 2016 ، لا زال يمثل حالة جدلية هائلة بين الاستقطاب وردود الأفعال ، حيث أن الخصومات، الظاهر منها على أشدها، والغير ظاهر منها تسير بخطوات هادئة وواثقة من التغيير القادم بغض النظر عن عقد هذا المؤتمر من عدمه.
إذاً ، لو تطرقنا في البداية إلى أهمية عقد المؤتمر السابع بالنسبة إلى حركة فتح وهي التي تمثل كبرى الفصائل الفلسطينية لا بل تعد هي الحركة الحاكمة سياسياً والتي تتحكم بالموارد المالية بالمطلق، سنجد أنها تتمثل في إفراز قيادة المراحل حسب تحدياتها ، وكان ما أفرزه المؤتمر السادس على سبيل المثال والذي عقد في أغسطس 2009 لأول مرة في ربوع الوطن، ما يمكن تسميته قيادة خليطة بين جيلين مختلفين في الفكر ونمط العمل الوطني، مما أدى إلى حالة من التصادم أدت إلى انقسام حاد في داخل حركة فتح .
كما أن المؤتمر السادس أسس لحالة من التبعية والطمع الحركي بالنفوذ والتفرد، وأسقط فكرة الشراكة الوطنية منذ ذلك الحين حتى وصلنا بعد كل هذه السنين وبعد هذا التشرذم العميق إلى مطلب إنعقاد المؤتمر السابع في ظل التحديات الهائلة التي تواجه القضية الفلسطينية برمتها، وذلك لإفراز قيادة فلسطينية جديدة من المفترض أن تكون مؤهلة لقيادة المشهد الفلسطيني خلال السنوات القادمة، ولكن الشواهد تؤكد عكس ذلك!.
وهذا للأسف الشديد بسبب أنه لم يكن هناك رفاهية من الوقت أمام القيادة الفلسطينية لدراسة ما يتعلق بمتطلبات نجاح هذا المؤتمر والتحديات التي تواجهه ، حيث تتم عملية الإعداد له بعجلة وكأنهم في حالة سباق مع الزمن لضمان انعقاده بالرغم من الضغوطات التي تُمَارس من أجل تأجيله أو إلغائه في الوقت الحالي، مما جعل حالة الإختيار للأعضاء المشاركين فيه لا تخضع لموازين التاريخ النضالي وإستحقاق المشاركة فيه ، لا بل خضعت لموازين الإستقطاب لضمان التصويت لصالح الحفاظ على الموقع، وبالتالي الحفاظ على النفوذ والمزايا بعيداً عن هدف إفراز قيادة مؤهلة هدفها خدمة المصلحة الوطنية العامة وقادرة على تَحَمل المسؤولية إتجاه التحديات القائمة والقدرة على الحفاظ على الثوابت الوطنية.
فكان مثلاً تضمين أسماء الأبناء ، والأصدقاء والأحباء ، والسائقين والمرافقين ، والزوجات والأنساب، وغيرهم من الأسماء المثيرة للجدل !، في حالة فريدة من نوعها وغير مسبوقة في تاريخ حركة فتح ، توحي إلى حالة من التخبط والقلق وبالتالي الخروج عن المألوف لتحقيق غاية ذاتية وليس غاية وطنية.
لذلك لم يكن مستغرباً حالة الغضب الشديد التي لا زالت تسود أوساط أبناء حركة فتح والتي تشير إلى إمكانية حدوث إنقسام أخر داخلها من خلال توسيع الخصومة وتعميقها، وهذا بحد ذاته ينذر بكارثة وطنية ستأخذ في طريقها الأخضر واليابس إن بقي الحال على ما هو عليه في التعاطي مع الشأن الوطني العام وكأنه شأن خاص ضمن الورثة التي تخضع في ملكيتها لفريق يخشى منطق الشراكة ولا يؤمن إلا بمنطق التبعية!.
في تقديري أن هذا الأمر بالتأكيد ليس عفوياً بل هو مدروس بعناية فائقة كخطة بديلة وطارئة ، تم إخراجها في وقت حرج تمر فيه القيادة الفلسطينية، وذلك في سياق البحث عن طوق نجاة في ظل تشديد الخناق الشعبي عليها والمطالبة برحيلها ، هذا في ظل الإخفاقات المتلاحقة وأخرها ما تم الإعلان عنه بالأمس عن قرار فرنسا إلغاء فكرة إنعقاد المؤتمر الدولي للسلام حيث أن الظروف الدولية لم تعد تساعد في هذا الإتجاه لتحقيق هذه الغاية، وهذا ما كانت تدركه القيادة الفلسطينية منذ البداية ولكنها كانت تمارس الخداع وتلعب على عامل الوقت وحرق الزمن ، وكنا سباقين منذ البداية في المراهنة على أن هذا المؤتمر لن يعقد، وطرحنا أسباب رؤيتنا لذلك في عدة مقالات سابقة!، لذلك لابد من التوضيح بأنه بمقابل الحصول على طوق النجاة في سياق السير في سيناريو عقد المؤتمر السابع لحركة فتح ستكون النتيجة هي إنتحار وطني جامع في ظل حالة الاستحواذ والإقصاء والإختيار الذي أفرز الكثير من الأسئلة حول الهدف من دخول الكثير من هذه الأسماء كارقامٍ مضمونة التصويت حسب توجيهها، وذلك من كل الفئات التي تم إختيارها للمشاركة في هذا المؤتمر المزعوم الذي لا زال مجهول الموعد وإمكانية الحدوث.
أسئلة بسيطة ولكنها منطقية تحتاج إلى إجابات وهي ، ما هي الآلية التي تم فيها إختيار هؤلاء الأعضاء؟،وماذا سيكون الحال لو عُقِدَ هذا المؤتمر وانتفض الغاضبين من إقصائهم وتمردوا على نتائجه؟، وهل تم التأكد من الذين تم إختيارهم كأعضاء فيه ، هل هم من المؤهلين بالفعل ولديهم القدرة على إفراز قيادة جديدة أم هم مجرد أرقام ليس إلا ؟.
أخيراً ، إن تم الإجابة على هذه الأسئلة بأمانة ومصداقية ومراجعة وطنية حقيقية، لربما يكون هناك أمل بأن يستدرك القائمين على هذا المؤتمر، مخاطر إنعقاده بدون توافق فتحاوي على آلياته ومحاوره، وبالتالي الخروج من حالة بيع الوهم الجديدة التي تتحدث عن أن المؤتمر سيفرز قيادة وطنية لتشرع فكرة المقاومة الشعبية الذكية من أجل ضمان قيام الدولة الفلسطينية في عام 2017!، وعوضاً عن ذلك مواجهة الحقيقة التي تقول بأنه لا يجوز أن يكون هناك هدف معلن لإنعقاد هذا المؤتمر وهو المصلحة الوطنية العليا وتحقيق الحلم ، والواقع يقول غير ذلك وينحصر بهدف مفضوح هو الرغبة بالحصول على الأمان الذاتي ومتطلباته ومكتسباته!.
تنويه على الهامش : ما أثاره عضو اللجنة المركزية لحركة فتح أبو جهاد العالول حول قرب حدوث تقدم على ملف المصالحة بين حركتي فتح وحماس يناقض تماماً ما جاء على لسان عضو المكتب السياسي لحركة حماس د. موسى أبو مرزوق ، بأنه لا يوجد أي لقاءات بين الحركتين بخصوص المصالحة وبأن كل شيء متوقف!، يا ترى لماذا هذا التناقض؟! ، وهل أبناء قطاع غزة كتب عليهم دفع فاتورة هذه اللعبة الرخيصة في تبادل الأدوار إلى ما لانهاية ؟، وإلى متى سيبقى هذا الحال طالما أن حصار قطاع غزة هو مصلحة مشتركة حسب متطلبات الشراكة المتناقضة القائمة؟!.