نشر بتاريخ: 21/11/2016 ( آخر تحديث: 21/11/2016 الساعة: 10:28 )
الكاتب: عقل أبو قرع
أصبح الحديث عن الاخطاء الطبيه من الامور شبه اليوميه في بلادنا، سواء أكانت هذه الاخطاء تحدث في المستشفيات الخاصه أو في القطاع الخاص، أو في داخل المستشفيات الحكوميه، وأصبح واضحا أن تشكيل لجان التحقيق وبغض النظر عن طبيعتها أو حجمها أو أهميتها لا يشكل رادعا أمام الخطأ الطبي القادم، ولا يشكل عامل اقناع للمواطن وللمريض بمدى جدية تطبيق توصياتها للحد من الخطأ الطبي القادم.
ومع عودة الجدل مرة اخرى حول ألاخطاء الطبيه في القطاع الصحي الفلسطيني ، وبغض النظر عن نتائج لجان التحقيق التي يتم تشكيلها، او عن وجهات النظر التي يبديها البعض من هنا وهناك، ألا ان موضوع الاخطاء الطبية في القطاع الصحي الفلسطيني، أو بالتحديد نظرة الناس الى هذا الموضوع، أذا حدث امر غير متوقع أو غير مفهوم، سواء أكان حالة وفاه أو حدوث عاهة، هو موضوع جدير بالاهتمام ويتطلب تسخير وزارة الصحه أو الحكومة حيزا هاما له، سواء من حيث النقاش العلمي الموضوعي، أو من ناحية مراجعة السياسات والبروتوكلات التي تعمل على التقليل منه أو التعرف عليه ان حدث، أو من ناحية طبيعة التوجه الاعلامي الى الناس، وتبيان أن الاخطاء الطبية من الممكن ان تحدث في أي مكان طبي في العالم، وأن هناك فرق كبير بين الخطأ الطبي وبين الاهمال الطبي.
وكما حدث في الماضي، تثير القضايا المستجده من الاخطاء الطبيه، سواء في القطاع الخاص أو العام ، جدلا متكررا وبدون نهاية، حول الاخطاء الطبية، وحول الانظمة المتبعة او الموجوده حاليا، للتعامل مع الاخطاء الطبية في حال حدوثها، أوحول اجراءات المتابعة والمراقبة والمساءله والتعلم والتقييم المتبعة، هذا اذا كان هناك اجراءت محدده موثقه على شكل بروتكول، للتأكد من عدم حدوث الاخطاء الطبية من الاساس، وللعمل من اجل عدم حدوثها مرة اخرى ان حدثت، ورغم مأساوية نتائج الاخطاء الطبيه ن حدثت، وبغض النظر عن الاسباب الحقيقيه الا ان ذلك من المتوقع ان يؤدي الى العمل من اجل التركيز اكثر، على منع حدوث مثل هكذا امور في المستقبل من الاساس، بعيدا عن تشكيل اللجان وعن الاجتماعات والتصريحات الاعلامية، وبعيدا عن تبادل الاتهامات بين الاطراف المختلفة، وعن اللقاء اللوم هنا او هناك، والذي لن يساهم ايجابيا، في منع حصول اخطاء طبية اخرى، أو في مواصلة تطور وتقدم القطاع الصحي الفلسطيني.
هذا القطاع، الذي أسوة بالقطاعات الصحية، في الكثير من الدول، من المفترض ان يحتل أعلى الاولويات الوطنية، سواء من حيث الكمية أو النوعيه، وبالاخص على صعيد الميزانية الحكومية، سواء من حيث رصد الميزانيات، او من حيث اعداد وتدريب والاحتفاظ بالكفاءات المتخصصة وتوفير الحوافز المطلوبه لها ،او من حيث الحصول على افضل الاجهزة والمعدات، او من حيث فعالية الادارة والمسؤولين، واجراءات المتابعة والمراقبة، او من حيث طبيعة التعامل والاحترام مع المريض والمواطن والمراجع والمستفسر، او من حيث الاهتمام بالرعاية الصحية بشكل عام، سواء اكانت الرعاية الصحيه الاوليه وهي الاساس، اوالرعايه الثنائية على صعيد المستشفيات، او حتى الرعاية الصحية الثلاثية المتخصصه، او من حيث التركيز على مفهوم الصحة العامة كمفهوم وقائي شامل للمواطن وللبلد وللمجتمع، في ظل الازدياد المخيف في نسبة الامراض المزمنة، وما يؤدي ذلك الى تبعات أجتماعية واقتصادية وصحيه.
ورغم الاقرار ان هناك تحسن وتطوير في خدمات واجهزة وكوادر القطاع الصحي في بلادنا، الا ان هناك الكثير الذي ما زلنا نحتاجة، والذي وفي ظل الامكانيات المحدودة، والظروف المعقدة، يمكن القيام بة، من خلال سياسات وأجراءات وأمور اداريه، ومن خلال تغيير في ثقافة عمل وتعامل، ومن خلال تطبيق اجراءات، ومن خلال تعديل في فلسفة الادارة، واعادة تسخير المصادر حسب احتياجات المواطن الفلسطيني، وحتى الحاجة الى اعادة ترتيب اولويات، والى تبني انظمة ادارية اكثر كفاءة واكثر وضوح واكثر نجاعه.
ومع تكرار الحديث والجدل حول دوامة الحديث عن الاخطاء الطبية، وبالتالي تصاعد القلق والارباك والخوف، عند المواطن والناس بشكل عام، او عند المرضى الذين يمكن ان يكونوا في اوضاع مشابه لتلك التي حدثت فيها هذه الحادثه، فأن معالجة قضية الاخطاء الطبية بشكل خاص، والواقع الصحي في بلادنا بشكل عام، يحتاج الى المزيد من الاجراءات الواضحة، وبالاخص الى تبني وتطبيق فلسفة، المزيد من المتابعة والمساءله والتعلم والتقييم، والى التركيز على التخطيط لاستراتيجيات بعيدة المدى، تعتمد على مبدأ الوقاية كاولوية للحفاظ على الصحة العامة، وفي حال موضوع الاخطاء الطبية، الحاجة الماسة، الى وجود اجراءات وانظمة عملية، تمنع حدوثها من الاساس.