نشر بتاريخ: 22/11/2016 ( آخر تحديث: 22/11/2016 الساعة: 16:18 )
الكاتب: عطا الله شاهين
لبّى ذاك الشّابّ دعوةَ صديقه لحضورِ حفلِ عرْسه، لأنّ أُمّه أجبرته على الزواج لكيْ تفرح به قبل موتها، ومن كثرة ما ألحّت عليه رضخَ صديقي لرغبة أُمّه، فوجدتْ له فتاةً عادية تصلح له من ذات الطبقة، وبعد أن وصل ذاك الشّابّ إلى حفلِ العُرس وجدَ القاعةَ غاصّة بالمدعوين، فرآه العريس الذي كان يتصبّب عرقاً من حرّ القاعة، فرحبّ به واختار له مكانا بعيدا عن ضجيجِ الموسيقى، وحينما جلسَ انتبه إلى فتاةٍ كانتْ تجلس بمفردها وتنفث دخان سيجارتها في الهواء، وبدت كأنها تشعرُ بملل، لكنّ ما لفت نظره أكثر لبسها المحتشم.
بعد فترة علا صوت الأغاني من دي جي بدا له جديدا، وقام المدعوون بالرقص على أنغام موسيقى راقصة، لكن تلك الفتاة ظلّت جالسة بمفردها دون أن تشارك بالرقص، وبعد ما خرج العريس ليدخن سيجارةً تبعه ذاك الشاب وسأله عن تلك الفتاة، فقال له العريس هي صديقة زوجتي العروس، لكنها فتاة يقولون عنها بأنها فتاة معقدة رغم أنها فتاة مثقفة، لكنها تطلقت بعد قصة حبّ ولم تعد تثق بأحد وأتتْ من باب الواجب ليس إلا، وبعدما انتهى العريس من سيجارته استأذنه ودخل ليجلس بجانب عروسه، أما ذاك الشاب فأراد التعرّف على تلك الفتاة، التي جذبته من هدوئها غير العادي، فتجرأ فجأة وذهب صوبها وقال لها: لو سمحتِ الولاعة فناولته وأشعل سيجارته وأرجع لها الولاعة وشكرها وقال لها: يبدو أنني رأيتكِ في مكان ما، مع أن هذه أول مرة يراها، لكنه أراد التودد بطريقة ما، فقالت له بصوت مسموع لا أعتقد ذلك، فأنا أول مرة أراكَ فيها، ولاحظتُ بأنك تجلس هناك لوحدك، وأشاهد المللَ على وجهكَ، فابتسمَ وراح يكلمها بينما ظلّ واقفاً فقالت له لماذا أنتَ واقف؟ فيمكنكَ الجلوس، فجلسَ ذاك الشاب ودار حديثٌ عادي بينهما وتحدّثا في أمورٍ عدة، ولمسَ من خلال حديثها بأنها ليستْ معقّدة إنما تعاني من مشاكل نفسية كأيّ إنسان يواجه نفس المشاكل، وبعد برهةٍ من الزمن نظرتْ إلى ساعتها، وقالت أعذرني لقد تأخّرت، سأباركُ للعروس على عجلٍ، وسأخرج لأنّه عندي مشروع عمل عليّ الانتهاء منه، واستأذنتْ منه وانصرفتْ بعدما ناولته كارت عملها المدون عليه رقم موبايلها، فشكرها وقال لها فرصة سعيدة، وبعدما ذهبتْ قال في ذاته إنها فتاة ليست بمعقدة، لكن الناس هنا دائما لا يرحمون الآخرين من تفوهاتهم، وعندما انتهتْ حفلة العرس دنا ذاك الشاب من صديقه العريس وسأله من تكون تلك الفتاة؟ فقال له هي فتاة بسيطة لم يبق لها أحد وتعيش بوحدة قاتلة بعدما انتهت قصة حبها بالطلاق، ومنذ تلك اللحظة ينظر إليها المجتمع على أنها فتاة مختلفة، رغم أنها فتاة مثقفة، فقال ذاك الشاب إنه مجتمع ظالم متى سينظر للمرأة على أنها نصف المجتمع؟ وتمتم حينما همّ بالخروج من القاعة المليئة بروائح عطورٍ رخيصة الثّمن وقال لماذا ينظرون للمطلقات بنظرةٍ غريبة، فقد كان حديثها معي يدلّ على أنها فتاة قوية وتناضل من أجلِ حقوق المرأة، فهي فتاةٌ عقلانية وحديثها عن ظُلْمِ المجتمع كان عقلانيا، وتفهّمتُ من خلال حديثها العابر بأنّ المرأةَ عليها أنْ لا تستسلم، وأن تظلّ تناضل من أجلِ مساواتها بالرّجل ..