الخميس: 28/11/2024 بتوقيت القدس الشريف

"الإصرار مفتاح لكل الأبواب"- تمكين الشباب من خلال التعليم الدولي

نشر بتاريخ: 23/11/2016 ( آخر تحديث: 23/11/2016 الساعة: 13:01 )

الكاتب: القنصل الأمريكي العام دونالد بلوم

أريدكم أن تتعرفوا على عبير اليازجي. منذ وقت مبكر وضعت عبير أمام نصب عينيها تعلم اللغة الانجليزية والتخصص بها في الجامعة. كانت تطمح جدياً للدراسة في الخارج، وقد استطاعت الحكومة الأمريكية مساعدتها من خلال منحة فولبرايت في درجة الماجستير تخصص إدارة الأعمال في الريادة الإجتماعية في الولايات المتحدة. فور عودتها، نشطت عبير في مؤسسة سكاي غيكس في غزة، حيث دأبت على اخبار زملاءها بماهية الإبتكار وكيفية بناء الشركات الريادية. بالنسبة لعبير لم تتوقف الأمور عند هذا الحد، فقد فازت بمنحة من مكتب فولبرايت في واشنطن لتظيم مخيم حول ريادة الأعمال، وكانت من ضمن فريقين مختلفين من خريجي برامج الحكومة الأمريكية للحصول على منحة بقيمة 25 الف دولار من الحكومة الامريكية. تعكس أعمالها تلك الروح الريادية والحس بالمسؤولية الاجتماعية التي تتمتع بها والتي تسهم في التنمية والتطور في غزة وحول العالم.
قصص النجاح الفلسطينية هذه كانت اللبنة الأساسية التي مهدت لعقد حوار فلسطيني–أمريكي في الشهر الماضي وهو الأول من نوعه في العاصمة واشنطن حول التعليم العالي. هناك التقيت بالدكتور صبري صيدم، وزير التربية والتعليم العالي، ونخبة من كبار المسؤولين الأكاديمين رفيعي المستوى من الفلسطينيين والأمريكيين، بالإضافة لشخصيات من القطاع الخاص وذلك للتشاور حول سبل تحسين وتطوير التعليم العالي الفلسطيني.
كم أدهشتني تلك الطاقة وذلك الالتزام نحو التغيير – التغيير الحقيقي الذي سمعت عنه خلال تلك المناقشات. لقد رأيت رؤساء جامعات يتحدثون بإسم المعلمين الفلسطينيين ويسلطون الضوء على التحديات المشتركة التي يواجهونها. وكم أعجبني أيضاً تضامنهم سوياً لجعل اللقاء هذا خطوة أولى وليست أخيرة نحو تعاوننا المشترك.
وكجزء من الحوار قمت بإعلان عن تقديم منحة لجامعة النجاح بقيمة 342 الف دولار من أجل تطوير منهج جديد في تكنولوجيا المعلومات والتدريب المهني ما بين جامعة نورث ويسترن والشركات الفلسطينية المحلية. أيضاً نقوم بدعم أطلس كورب بمنحة قيمتها 352 الف دولار نقدم من خلالها تدريب لمدة عام في شركات أمريكية لشباب فلسطينيين موهوبين في مجال إدارة الأعمال. هذه ليست سوى أمثلة بسيطة عن الوسائل التي نسعى من خلالها لتوطيد أواصر شراكتنا خلال الأشهر المقبلة.
بالعودة على عبير. ما هي الدروس المستفادة من تجربتها؟ ما هي العلاقة بين التعليم وريادة الأعمال؟ وكيف يستطيع التعليم الدولي من خلال "تمكين الشباب" الذي هو المحور الاساسي هذا العام في أسبوع التعليم الدولي من تمكينهم من خلال ريادة الأعمال؟
من وجهة نظري الإجابة بسيطة ولكن قوية. الريادة تعني الإبتكار. إنها التفكير النقدي وتحدي الوضع الراهن. إنها تشكيل فريق العمل وحل المشكلات ومعرفة سبل رد الجميل لمجتمعك. إنها تعني كل هذه الأمور بحق وصولاً إلى عقلية ريادية لا ترتكز فقط على التعليم وإنما أيضاً على كيفية التفكير. في كل من جامعة ستانفورد وجامعة ييل يوجد معاهد مكرسة خصيصاً لتعزيز ريادة الأعمال. هذا التركيز موجود ليس فقط في مجموعة الجامعات في نادي الآيفي وإنما في كافة مجالات التعليم. من أجل هذا السبب يوجد في الولايات المتحدة رابطة وطنية من الكليات المجتمعية للريادة من أجل تعزيز الأعمال الريادية كنواة أساسية تحويلية للطلاب.
بالطبع هذا التركيز على الريادية يجب ان يبدأ قبل وقت كافي من دخول الجامعة. لذلك نقوم بتمويل برنامج المخيم الاستكشافي الصيفي كامب ديسكفري لأطفال صفوف المرحلة الابتدائية حيث يمكن للشباب اليافعين التعلم والاختراع من خلال الفنون والعلوم. يوجد لدينا أيضاً أكبر برنامج في العالم ممول مركزياً لتعليم اللغة الإنجليزية أكسس ACCESS، الذي يتيح لطلاب المراحل الثانوية الذين يواجهون صعوبات مادياً ولكنهم موهوبين أكاديمياً من أن يصبحو ليس فقط متحدثين باللغة الانجليزية، ولكن أيضاً أصحاب مشاريع فكرية ريادية يقدمون محاضرات في الاقتصاد والعلوم ويتشاركون بأفكارهم حول كيفية تغيير أنفسهم وبالتالي تغيير العالم.
يعد هذا النوع من العمل أحد المهام الرئيسية في القنصلية بما في ذلك برامج الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية USAID والبيت الأمريكي في كل من القدس ورام الله. وهذا يجسد الحكمة في المثل العربي "الإصرار مفتاح النجاح". هنالك تركيز على الإبتكار والريادية في كل ما نقوم به. نستخدم الريادة كوسيلة لجلب الشباب سوياً ولا سيما الفتيات، ولكن أيضاً الفتيان، لمساعدة تحسين المجتمعات المحلية والمجتمع بشكل عام. ونحن ندرك ذلك التأثير المضاعف الذي يستطيع من خلاله الريادي المجتهد من التأثير في الاقتصاد والمجتمع والعالم.
وهكذا، يمكننا إعداد الطلاب من أجل أن يكونوا قادة الغد وبناة المجتمع المدني اللازم لقيام دولة فلسطينية في المستقبل. بالتالي يمكننا هكذا أيضاً من الاستفادة من "الميزة النسبية" في التعليم الفلسطيني. هذه هي الطريقة المثلى لإحياء الأمل في مجتمع يواجه التحديات ولكنه يتغنى بشبابه الواعد. تلتزم بعثتنا الدبلوماسية هنا في القدس بدفع هذه العلاقة ما بين الريادة والتعليم قدما، من منطلق انه لا يوجد استثمار أكبر نستطيع أن نقدمه لمستقبل الشعب الفلسطيني. وأنا أدرك أنه بإصرار شركاؤنا الفلسطينيين بالتأكيد بإمكاننا أن ننجح.