نشر بتاريخ: 01/12/2016 ( آخر تحديث: 01/12/2016 الساعة: 14:17 )
الكاتب: سفيان أبو زايدة
ثمانية مرات بالتمام والكمال صفق المشاركون في مؤتمر المقاطعة عندما ألقى النائب عن حركة حماس أحمد الحاج علي كلمة السيد خالد مشعل في هذا المؤتمر. التصفيق كان في ذروته عندما خاطب النائب الحاج علي الرئيس عباس مذكرا بكل صفاته الاربعة التي يحملها كرئيس لحركة فتح و رئيس للسلطة و رئيس للمنظمة و رئيس لدولة فلسطين . كانت كلمة معتدلة جدا تحدثت عن الشراكة و ضرورة انهاء الانقسام و طي صفحة الماضي و ان حماس جاهزة لكل مقتضيات الشراكة قبل ان يتمنى لحركة فتح التوفيق في تعزيز وحدتها الداخلية.
الحقيقة لم تكن هذة الرسالة الاولى التي ترسلها حركة حماس للرئيس عباس من خلال تلبية الدعوة للمشاركة في هذا المؤتمر . سبق ذلك العديد من الرسائل شديدة الوضوح كان اولها الوعد الذي قطعته على نفسها حركة حماس برعاية تركية قطرية بتسهيل وصول اعضاء المؤتمر من غزة و عدم منعهم كما حدث في المؤتمر السادس الذي انعقد في مدينة بيت لحم عام ٢٠٠٩، حينها رفضت حماس السماح لاعضاء المؤتمر بمغادرة القطاع و رفضت كل الضغوطات و الوساطات . كان الامر حينها محزن جدا حيث اضطر اعضاء المؤتمر من غزة بالتصويت و الترشح عبر التلفون.
في هذا المؤتمر حماس لم تعيق خروج اي عضو بل تعاملت معهم بكل الاحترام. لماذا لم تسمح حماس في حينه خروج اعضاء المؤتمر و الان سمحت لهم، امر يحتاج الى تفسير ، مع انه هذا هو الامر الطبيعي ، و هذا حق اساسي يجب عدم التعدي علية . قد يكون التفسير في الايام و الاسابيع القادمة، لانه حسب معرفتنا بحماس لا يوجد لديها هدايا مجانية.
الرسالة الاخرى و التي كانت اوضح من كل الرسائل و هو منع حماس لاي نشاط فتحاوي في غزة معارض لعقد المؤتمر او اي نشاط ينتقد او يعارض الرئيس عباس . منذ بداية الشهر الماضي، حيث كان القرار الاول بمنع احتفال لاحياءء ذكرى الخالد ياسر عرفات، حماس وبعد ان اعطت الموافقة الخطية على السماح بهذا المهرجان تراجعت عن موقفها و سحبت موافقتها دون توضيح الاسباب. منذ ذلك الحين تم تقديم عدة طلبات للقيام بفعاليات سلمية ديموقراطية لكي يعبر ابناء فتح عن مواقفهم و جميعها رفضت من حماس ، وايضا دون توضيح الاسباب.
الرسالة الاشد وضوحا هو الانقلاب في الخطاب الاعلامي سواء الصادر من رام الله اومن غزة او الدوحة، الجميع اصبحوا عقلاء ، يتحدثون بلغة معتدلة عن المصالحة و الشراكة و طي صفحة الماضي و فتح صفحة الجديدة. على سبيل المثال في خطاب الرئيس عباس امس امام المؤتمرين الذي حشرهم ما يزيد عن ثلاث ساعات يكاد لم يذكر حركة حماس ، و بالتأكيد لم يطالبها بالتراجع عن ( الانقلاب) ولم يتهمها بالعمل لصالح جهات خارجية، كان حنون جدا معها بالمقارنه مع خطاباته السابقة.
السيد محمود العالول عضو اللجنة المركزية و في مقابلة له مع صحيفة الشرق الاوسط اللندنية قبل اسبوعين تقريبا قال ان ثمة تطورات لا يمكن الكشف عنها الان و ستأتي بنتائج مختلفه معربا عن امله بأن يتمكن الفلسطينيون من ترتيب اوراقهم بما يشمل مصالحة مع حماس.
والدكتور اسماعيل رضوان، عضو المكتب السياسي لحماس في غزة تغزل في حركة فتح و "مؤتمرها السابع" حيث قال ان حركة فتح حريصة على تحقيق الوحدة ، وحماس حريصة على ان تكون فتح موحدة و قوية مع الفصائل الفلسطينية في مواجهة الاحتلال الاسرائيلي و ان تكون فتح موحدة واحدة معافاه من اي اشكاليات.
على اية حال ، حماس حسمت امرها وقررت انها تقف الى جانب طرف في حركة فتح ضد طرف اخر، حيث ليس هناك تبرير لمنع اعضاء من فتح يشعرون بالظلم و الاجحاف ان تمنعهم حماس من ممارسة اي نشاط سلمي للتعبير عن هذا الرأي . معروف جيدا ان هناك اتصالات كانت تجرى مع قيادات حمساوية سواء في الدوحة او في غزة احتجاجا على اي نشاط يمارسه ابناء فتح في غزة. لم تستجب حماس في السابق لهذه الاحتجاجات و الضغوطات، ولكن الان على ما يبدوا هناك مستجدات حدثت، جعلت حماس تمنع اي نشاط معارض للرئيس عباس و سمحت لاعضاء المؤتمر بالخروج من غزة.
ما الذي جرى خلال الاسابيع الماضية و ما الذي تغير؟ لا شك ان الرئيس عباس كان مهم جدا له ان يعقد هذا المؤتمر دون تشويش سواء كان من حماس التي تحكم غزة و تتحكم في معابرها من الجانب الفلسطيني او اي تشويش من اسرائيل التي سمحت للغالبية العظمى من اعضاء المؤتمر بالوصول الى رام الله سواء من غزة او عبر جسر الملك حسين في الاردن. من اجل ذلك ذهب الى تركيا و قابل اردوغان و ذهب الى الدوحة و قابل الامير تميم و السيد خالد مشعل ، وعاد بوعد قاطع ان يتم السماح لاعضاء المؤتمر بمغادرة القطاع دون معوقات .
حماس على ما يبدو توصلت الى قناعة بأن حاجة الرئيس عباس للتخلص من خصمة اللدود محمد دحلان او على الاقل اضعافه، و بما ان مركز القوة الرئيسي له هو في غزة فأن الرئيس عباس لدية الاستعداد ان يقدم تنازلات و يقدم على خطوات لم يقدم عليها خلال العشر سنوات الماضية. مالذي وعد به الرئيس عباس قيادة حماس بعد انعقاد المؤتمر ، الله فقط هو الذي يعلم و كذلك الامير تميم و قيادة حماس.
في كل الاحوال، المصالحة خير و بركة و هي مطلب كل ابناء الشعب الفلسطيني و كل ابناء حركة فتح بما في ذلك اؤلئك الذي يعتقد الرئيس عباس ان المصالحة مع حماس ستكون على حسابهم او بهدف اضعافهم.
ولكن السؤال هل يمكن ان يكتب للمصالحة النجاح فقط برعاية قطرية بعيدا عن مصر بكل ما لها من حجم و ارتباط بالموضوع الفلسطيني و تواصل الجغرافي ؟ و السؤال الثاني هل سيقدم الرئيس عباس على حل مشكلة موظفي حماس المدنيين و العسكريين و الذي يعتبر بالنسبة لحركة حماس حجر الزاوية قبل الحديث عن اي خطوات لاحقة ام ان حماس هي التي غيرت موقفها؟ هل ستغير حماس موقفها من الذهاب الى انتخابات قبل معالجة كافة الاشكاليات ام ان الرئيس عباس هو الذي غير موقفة؟ و ماذا عن المصالحة المجتمعية و عن الانضمام الى منظمة التحرير و البرنامج السياسي و الدمج بين القاومة و المفاوضات، و ماذا عن استمرار التنسيق الامني؟ من الذي سيتغير حماس ام الرئيس عباس ؟ للننتظر و نرى.