نشر بتاريخ: 04/12/2016 ( آخر تحديث: 04/12/2016 الساعة: 17:04 )
الكاتب: رئيس التحرير / د. ناصر اللحام
كل ما تمنيته ان يفوز بأعلى المناصب في جميع التنظيمات الفلسطينية من يصلح لتقديم نموذج صحيح عن القيادة والمسؤولية، وان لا يفوز المتعمشقون على جراح الوطن وعلى جراح الناس.
لا يوجد أي قانون يلزم المواطن او القائد ان يتحلّى بالحد الأعلى من الصفات الحميدة ، ولا يستطيع اي قاضي أو اي رئيس أو تنظيم ان يطلب من اعضائه الكرم الشديد ! او الشجاعة القصوى ! او العفة ! لاننا نتحدث عن فضائل يتربى عليها الانسان ويكتسبها من خلال تربيته الاسرية او تربيته التنظيمية او تربيته لنفسه .
والعفّة عند البعض تتعلق بالجنس فقط ( فضيلةُ شَخْصٍ يَمْتنِع عن اللَّذَّات الجَسَديَّة غير المَشْروعة، طَهارةُ الجَسَد، وقيل هي تَرْك الشَّهَوات من كُلِّ شَيْء ) . ولو كان عفيفا من هذه الناحية ولكنه لا يملك هذه الصفة في جوانب حياته الاخرى لاكتفى بذلك واستأنس الناس له .
أمّا العفة في " فقه الاسلام" فهي الابتعاد قدر الامكان عن اللذة وهي انتصار على النفس والشهوات وتقوية لها على التمسك بالأفعال الجميلة والآداب النفسانية، والعفة ليست صفة استئثارية تقف عند جدود النفس وانما تصل الى النشر الايجابي ورفع سقف التوقعات و إقامة العفاف والنزاهة والطهارة في النفوس، وغرس الفضائل والمحاسن في المجتمعات . وفي هذا توصيف أشمل واوفى .
وما يهمنا هنا هو عفة السياسيين في بلادنا ، فالقائد قدوة ، والقدوة نموذج ، والنموذج ينتشر في المجتمع وينثر صفاته ويقلّده الناس . فتصبح عفة السياسي حاجة مجتمعية ،
السياسي العفيف لا يكذب ، ولا يخدع ولا يبيع الوهم لجمهوره ، ولا يدعو الناس للبطولة بينما يجبن ويتقهقر ، السياسي العفيف لا يدعو الناس لحب فلسطين بينما هو يعمل على اثراء عائلته واولاده . والسياسي صاحب العفة لا يقسو على شعبه ويصبح رقيقا وهشا أمام الاعداء . لا يمدّ يده متسولا للمال السياسي من هنا وهناك ويدّعي الكرم امام جماعته !
العفّة شرط أساسي لثقة الجماعة بالمسؤول ، وتصديق اقواله وافعاله . وربما أنني اتجاوز حدود الكتابة المهنية حين أدّعي ان أهم خلل نشكو منه هو عدم عفّة بعض الرموز السياسية ، الذين يخرجون على الناس من خلال شاشات البث ويقولون أجمل الكلام ، لكننا حين نسمع ما يقولونه بالسر ، وما يقولونه في الغرف المغلقة يكون مخالفا لما يقولونه على الملأ .
انا لا أدعو الى الغرور والتباهي بالذات ، ولكن القائد يجب ان يحافظ على طهارة السلاح ، وطهارة السلوك والاداء . ومسموح للمسؤول ان يكذب على الاعداء وليس أن يكذب على شعبه ، مسموح له ان يستخدم اداوت مختلف عليها سلوكيا أمام اعداء الشعب ، وليس ان يستخدمها ضد شعبه بينما يكون صادقا عفيفا امام الاعداء !!!