نشر بتاريخ: 11/12/2016 ( آخر تحديث: 11/12/2016 الساعة: 20:26 )
الكاتب: عوني المشني
اسمرارا لمقالي الأول والذي كان يتصف بالغضب أكثر من السياسة، "توطئة : فشلت بفخر في انتخابات المؤتمر السادس"، وتوظيفا للخاص والشخصي لخدمة العام والوطني، فإني ساستكمل ما بدأت به ببعض التفاصيل، بمنطق أكثر، بغضب أقل، وبسياسة أوضح.
عندما عقدت العزم على الترشح لإنتخابات المجلس الثوري لحركة فتح، أخذت في الإعتبار مجموعة عوامل، عدم الإقتراب من موضوعة الترشح للجنة المركزية، لإدراكي بان حولها ستار حديدي لن يسمح لي ولمن هم بوضعي على تجاوز هذا الستار، لأن تقاسم النفوذ المرتبط بالسقف السياسي لا يسمح لي بالمرور، والانتخابات التي جرت قبل أيّام أكدت صدق اعتباري هذا، ليس بالنسبة لي فقط، بل وبالنسبة لمن لم يأخذوا هذا الإعتبار وترشحوا للمركزية.
فحتى أشخاص مقربون جدا، وموالون جدا، ولهم فرص مؤكدة للنجاح، ومستعدون لتمرير ما يراد بدون أي مشاكسة، حتى أشخاص كهؤلاء جرى إسقاطهم، لا لأنهم غير مناسبين للمرحلة، بل لأن تقاسم النفوذ والتركة لا يشملهم أولا، ولأن هناك من أثبت ولاءه لكل من يريد الولاء أكثر منهم، الإعتبار الآخر الذي أخذته في الإعتبار موافقة أخ عزيز يتصدر موقع مهم أو موقع أكثر من مهم في صناعة القرار، ليس هذا فحسب بل وعلى الدعم منه أيضا، هذا الأخ العزيز يجمع كل من هم في دائرة التأثير على انه أكثرهم تأثيرا، وله من التميز ما يجعل قناعته دوما قرار.
وانا باعتباري صاحب مواقف واضحة وجلية وبعيد عن "مجموعات التجنح" أو " المتآمرين"، فإنني اعتبرت انني تجاوزت مرحلة الإقصاء، خاصة بعد وعده الذي لا لَبْس له لي.
والإعتبار الثالث أدرت دائرة علاقات وتحالفات مع إخوات وأخوة في المؤتمر تستطيع أن تتحصل لي بأسوأ الأحوال على أصوات مؤكدة تؤهل للنجاح، علاقات في دائرة تتصف بمصداقية عالية جدا، قدرة تأثير جيدة، رؤى ومفاهيم مشتركة كثيرة وعميقة.
والإعتبار الرابع وهو مهم أنني لم اطرح ذاتي كمرشح معادي لأي من المرشحين، أو " مفاتيح المؤتمر" الآخرين، حتى المرشحين المتنافسين على إقتسام الكعكة لم اطرح نفسي لا معاديا لهم ولا منافسا لهم.
بالتفاصيل وبدون أسماء احتراما للخصوصية كصديق وأحد المؤثرين في صناعة القرار، استشرته من موقع الصداقة أولا ومن موقع اطلالته الكبيرة، رحب من حيث المبدأ بترشيحي ووعدني بالدعم "وبكل ما يستطيع عمله".
صديق آخر صاحب تأثير على مستوى محافظة بيت لحم كان موقفه كذلك بل ربما هو من اقترح علي الترشح، أدرت علاقات مع مرشحين وشخصيات وعلاقات تاريخية لي، جميعهم كأنو ملتزمين بموقف، وكما قيل فإن دائرة واحدة من دوائر وعدت بالدعم اضافة لجهدي قادرة على تحقيق الحد الأدنى للنجاح، وانا اعتقد أن الأغلبية الساحقة صدقت لأنه لم يثبت لي العكس اولا، ولأنني امتلك معطيات ثانيا ولهذا كان النجاح مؤكدا.
لا يعقل أن تأثير صديقيّ الاثنين اضافة بجهدي لا يوصلان الى الحد الأدنى من النجاح، ويوجد مقاربة، ولأسباب لها علاقة بعدم طرح خصوصية الآخرين هنا فإنني لا أستطيع طرح الاسم، جهد أحد هؤلاء الصديقين مع جهد مرشح آخر استطاعا ان ينجحاه. هنا يتعقد المنطق قليلا: ما دام الأمر كذلك لماذا لم انجح؟؟؟، يكون الجواب يحتمل أحد الاحتمالين: اما إنهما لا يسانداني وهذا افتراض يجب ان أنفيه لانه يفترض أن أثق باصداقائي وهذا ما حصل، أو أن النتيجة كانت ناجحا وتغيرت لتصبح فاشلا لأسباب اخرى، ولتأكيد هذا الاستنتاج ان تغيير النتائج من ناجح الى فاشل ومن فاشل الى ناجح تغيرت لعشرات المرشحين لدرجة ان مرشحين فاشلين وبأصوات لا تتجاوز ثلاثون صوتا اصبحو ناجحين، والعكس صحيح هناك من نجح وبأصوات تزيد عن أربعمائة صوت اصبحوا فاشلين وانا منهم بالتأكيد.
ساقول أكثر قليلا: مرشح يحصل على أقل من ثلاثين صوتا ينجح، مرشحان بل أكثر من ذلك.
ساقول أكثر قليلا: مرشح لا يعرف اسمه تسعون بالمائة من المؤتمر ينجح.
ساقول أكثر قليلا: لعبة الأرقام الغير منطقية: بجمع الأصوات التي حصل عليها كل المرشحين وتقسيمها على العدد الإجباري اللازم وضعها على قسيمة الانتخابات وذلك بعد إسقاط الأوراق اللاغية والتي هي اقل أو أكثر من عدد الأصوات على القسيمة، يفترض أن يكون لدينا عدد المنتخبين بأوراق صحيحة.
لكن بتطبيق هذا الوضع على المؤتمر يخرج الناتج رقم به كسور، بمعنى أن المنتخبين يوجد بينهم ربع أو خمس ناخب أدلى بصوته !!!!!! هل يعقل ؟؟؟؟؟ جزء من ناخب يدلى بصوته !!!!
ساقول أكثر قليلا: عدد الأصوات اللازمة للنجاح عدد متواضع لمن يقف معه أشخاص كمن وقفو معي، له دوائر تأثير في دوائر كما لي، وأي فشل هنا لا يبرره حتى منطق الخذلان وعدم مصداقية الوعود.
سيقول لي قائل هذا وهم ممتزج بغرور، ربما، لكن مقارنة بسيطة في معطيات ظهرت بنتائج للبعض ومقارنتها تؤكد وبما لا شك فيه انه ليس وهم أو غرور، ولنفس السبب احترام خصوصية الآخرين لن اطرح اسماء للمقارنة هنا.
التزوير محصلة نهائية، وإذا لم يكن يراد من التزوير إسقاطي فيراد منه إنجاح آخرين ولكن الهدف هو الاثنين معا، والاسباب هي ذات الأسباب تخفيض حاد ومضمون لنسبة التعارض داخل المجلس الثوري لضمان سير الأمور بدون أصوات مزعجة.
اما داخل الستار الحديدي، اللجنة المركزية، فقد نجحت عملية التقاسم وبما يُؤْمِن انتقال سلس للخلافة ووفق تقاسم المصالح، وتم تسيير العملية بنجاحة حتى المؤتمر الثامن لتكتمل عملية اقصاء اخرى تبدو من الآن بأي إتجاه تسير، وإذا كان ما حصل في المجلس الثوري تشذيب، فإن ما حصل في المركزية مقصلة حقيقية.
قد لا يفيد هذا الحديث احدا ، فما حصل قد حصل، ولا يمكن التراجع عنه، لكن وأي كان فإن المطلوب ليس تغيير ما حصل بقدر ما هو الاعتراف بما حصل،
الاعتراف بما حصل صعب الى درجة الاستحالة، لانه سيحطم المشروع الذي تم التزوير من أجله، هذا صحيح، ولكن تحطم المشروع حتمية بالتأكيد، فالوهم الذي أغرقونا به: يمكن اذا كنّا "اولاد مؤدبين" أن نحصل على دولة انتهى وتبدد، وأدوات تحقيق الدولة بعيدا عن هذا الوهم جرى تحطيمها ومن الذين يعتاشون على هذا الوهم ذاته، لذلك نرى نتنياهو وتحالفه وعلى الملأ وبكل وقاحة يعلنون جهارا نهارا أن لا دولة فلسطينية غربي النهر، ولا حل سلمي للصراع مع الفلسطينيين، ولا انسحاب من الضفة الغربية. لهذا فإنهم يزورون إرادة فتح من أجل وهم اثبتت التجارب استحالة تحقيقه، لا لإنه مستحيل بل لأن من يتخلى عن أسباب قوته كعربون لا يمكن أن يحقق أهدافه، هذا لا يعني أن لا انتصار فلسطيني، الإنتصار الفلسطيني حتمية لا يمكن لأي قوة في الكون ان توقف هذا الانتصار، سيتحقق هذا النصر بالتأكيد ولكن بعد ان يتبدد الوهم.
تزوير المؤتمر ليس نهاية التاريخ، إنها حلقة في سياق، تحويل هذه القضية لقضية رأي عام خطوة مهمة وأساسية لتبديد هذا الوهم ووقف سياقه، إفشال شخص أو أشخاص في المؤتمر لا يشكل أكثر من إشارة الى أن هذا المنهج سيستمر طالما لا يتصدى له أحد، الصمت عما جرى في المؤتمر السادس قاد الى تزوير أكثر وقاحة في المؤتمر السابع، استمرار الصمت قد يقود الى التفكير حتى بإلغاء المؤتمرات، لم لا ؟؟؟ فجريمة التزوير قد تتحول الى تشريع قانوني يستبيح الحريات والديمقراطية واصول العمل الحزبي والسياسي.
إن رفع الصوت عاليا ليس مسؤولية فردية، إنها مسؤولية تنظيمية من الدرجة الاولى، ومسؤولية وطنية من الدرجة الاولى، ومسؤولية اخلاقية من الدرجة الاولى، حتى لو كان الثمن غاليا، فالمسؤولية تستحق أن يدفع من اجلها الثمن.
هذا ما يجب، هذا ما سيحصل، هذا ما لا يمكن وقفه.
لا يهم كثيرا فشل مرشح في انتخابات، لا يهم وطنيا، وشخصيا ليست نهاية الكون، وهذا افتراض طبيعي ومنطقي، لكن ما يهم هو سياقات الفشل والنجاح، تم توظيف نتائج المؤتمر في سياق مشروع سياسي خطير، مشروع لا يؤدي لدولة فلسطينية مستقلة، ولا يلغي الرهانات الوهمية، ولا يؤسس لمرحلة كفاحية جديدة تتجاوز أسباب الفشل.
هل ما يقال هنا غضبا ؟؟؟ ربما فيه شيئ من الغضب لكن الاكيد في كثير من السياسة ، غضب اقل سياسة اكثر ، والنتيجة لم تختلف عن مقالي الاول لان الحقائق عنيدة والرياضيات لا تعرف المجاملة ، لننتظر المقالة التالية لنرى ما هو أوضح وأكثر تفصيلا
* مرشح سابق للجنة المركزية لحركة فتح ومرشح حديثا للمجلس الثوري