نشر بتاريخ: 12/12/2016 ( آخر تحديث: 12/12/2016 الساعة: 20:29 )
الكاتب: يونس العموري
أيا تكن المعلومات او التفسيرات التي يتم تناولها والتي تعج بها الساحة الفلسطينية بالظرف الراهن حول طبيعة وحقيقة توزيع الحقائب داخل اللجنة المركزية الجديدة وتحديدا فيما يخص اسناد منصب نائب رئيس الحركة ( نائب القائد العام ) للأسير مروان البرغوثي عضو اللجنة المركزية ، والكيفية التي ستكون عليها هذه المسألة ، الا ان هذه القضية تعتبر تحولا جذريا في بنية النظام الفلسطيني على الاقل الحزبي والفصائلي ، وكنا ان انتظرنا ان يتم طرح هذه المسألة في اروقة جلسات المؤتمر السابع سواء أكان على مستوى استحداث المنصب وشرعنته في النظام الداخلي وبالتالي انتخاب نائب القائد العام للحركة من قاعة المؤتمر مباشرة ...
الا ان هذه المسألة لم يتم طرحها بالمطلق في حيثيات اعمال جلسات المؤتمر وقد تم ابراز هذه المسألة ما بعد انتهاء اعمال المؤتمر الأمر الذي خلق حالة من السجال والجدل حول ماهية الشخص الذي سـيسند له هذا المنصب واصبح من المعلوم والمعروف على الأقل اعلاميا تدوال العديد من الاسماء لهذا المنصب وجدوى هذه الاسماء ، ولتناول هذه القضية لابد لنا اولا من ان نتساءل ومعنا الكثير من كوادر وقادة فتح حول جدوى عدم طرح هذه المسألة على اعمال المؤتمر ..؟؟ ولماذا لم يتم احالتها للنقاش والأخذ برأي المؤتمر على الاقل للإسترشاد بتوجهات وتوجيهات كوادر المؤتمر المسمى بالتمثيلي لقطاعات فتح المختلفة والتي قد تكون متناقضة ....؟؟ ومروان البرغوثي يعود اسمه مجددا ليتصدر العناوين مرة اولى كونه قد حصد اعلى الاصوات في مخرجات العملية الانتخابية المسماة بديمقراطية الصندوق الاقتراعي وكونه مطروحا ليتبوأ موقع نائب القائد العام وهنا لابد من الانتباه الى ان ثمة حقيقة واحدة لابد من الإشارة إليها هنا والتوقف عندها، وهي أن السيد مروان البرغوثي هو بالنهاية أسير ويقبع في المعتقلات الإسرائيلية، وبالتالي لا خيارات أمامه أو بالأحرى فأنه لا يُخير .... وان كان الخيار والاختيار هنا واجب وحق ولابد ان يكون له موقفه الذي اعتقد هنا ان مروان يريد ومن خلال هذا الموقع اعادة الامور الى نصابها الصحيح وهي ان المعادلة الحاكمة والتي لابد لها ان تحكم العلاقة مع الاحتلال علاقة ذات صراع ومخرجات طبيبعية لهذا الصراع هو القادة الشهداء والقادة السجناء والقادة المطاردين في ظل معادلة المواجهة والمجابهة مع الاحتلال وبالتالي من الطبيعي برأيي ان يكون القائد العام معتقلا في سجون الاحتلال ونائب القائد العام معتقىلا يفوز باعلى الاصوات وهو القابع بالسجون وبالتالي أمين عام احد اهم فصائل المقاومة قابعا هو الاخر بالمعتقل ... والكثير من النواب ( اعضاء المجلس التشريعي .. ) وكان ان تم اعتقال رئيس المجلس التشريعي لفترات ...
وبالمحصلة هناك حقيقة راسخة يجب أن لا تضيع حينما يتم تناول مسألة البرغوثي، تتمثل بكون مروان قائدا بامتياز له منهجه ورؤيته وبالتالي موقعه القيادي سواء أكان الرسمي او الشعبي الجماهيري الأمر الذي تأكد كحقيقة غير قابلة للتفسير او التأويل بشتى السبل والوسائل ، إلا أنه وبذات الوقت فقد تحولت قضية مروان البرغوثي إلى قضية لها أبعاد ثلاثية الشكل والجوهر محلية فلسطينية وإقليمية وأيضا دولية وذات حسابات دقيقة على كافة المستويات والصعد. وهنا لابد لنا من ان نرفض اطروحة ان معادلة القادة انما يحكمها بالاساس توافق اقليمي دولي بشكل او باخر ... ومروان انما بتبوأه لهكذا منصب انما يعيد تجربة قادة المواجهة والمجابهة مع الاستعمار وعلى رأسهم تجربة القائد الأممي نيسلون مانديلا التجربة التي فرضت نفسها على الكل الدولي وبات التعامل مع مانديلا كحقيقة زعامتية مفروضة فرضا على الاستعمار العنصري الابيض ومحاورته ومفاوضته وهو ما اعتقد ان فلسطين بحركتها التحررية لابد ان تعيد النظر به وتحاول الخروج من أزمة القيادة القابعة بالقصور الى تلك القيادة واعتقد أن ثمة الكثير من المراهنات باتت تعقدها أطراف عدة على مروان القابع في أقبية السجون والمعتقلات، ومن هنا تكتسب مسألة البرغوثي كنائب للقائد العام لفتح هذه الأهمية.
وحتى يكون الإنصاف سيد الموقف فلابد من تناول المسألة بعيدا عن أية حسابات سياسية تحاول الكثير من الأطراف زج مروان فيها. وأول هذه الجهات بإعتقادي هي إسرائيل ذاتها والتي تحاول الإيحاء أن مروان تحت عباءة التفاهمات السلطوية وحساباتها واستحقاقاتها، كما أنها تحاول ومنذ الأن رسم المسار السياسي لمروان، كأن تصرح العديد من الجهات الاسرائيلية وتتناول قضية مروان وتعينه او حتى فوزه باعلى اصوات المركزية ... ووصفه ( بالقائد الارهابي ..) وإسرائيل بهذا التصريحات وتصريحات أخرى تحاول أن يكون لها صوت ما في لعبة السجالات الفلسطينية الداخلية، وهي بذلك إنما تعمل على تقويض أساسات أركان المناهج النضالية الكفاحية بالداخل الفتحاوي بشكل أو بآخر، والتي تحاول جاهدة استعادة الدور الريادي والقيادي للحركة. ولكن حينما تخرج هكذا تصريحات فهي بلا أدنى شك تهدف الى الإمعان في تشويه صورة حركة فتح، ووضعها على خارطة الإهتمام الإسرائيلي لمواجهة الأطراف الفلسطينية الرديكالية الأخرى حسب الإعتقاد الإسرائيلي، وهي بذلك تعمل على إنهاء فتح كحركة ذات بعد وطني تحرري، وهو الأمر غير المخفي من أجندة أهداف الدولة العبرية، والتي لطالما عملت على إفراغ فتح من محتواها الوطني ذي الأبعاد المقاومة والتي تستند الى التجربة التاريخية لمسار الحركة الوطنية التحريرية بالمجمل...
لا شك أن ارتباطات القضية الفلسطينية وتفاصيلاتها باتت شأنا إقليميا ودوليا، وبالتالي فإن صناعة السياسات الإقليمية وتوجهاتها المختلفة والمتناقضة تحتم بشكل أو بآخر التدخل في الشؤون الفلسطينية الداخلية وعلى مختلف الصعد والمستويات وقياس فعالية أي من الخطوات التي قد تقدم عليها كافة الأطراف على الساحة الإقليمية. من هنا يمكن القول إن مسألة تعسسن مروان البرغوثي نائب رئيس فتح وبالتالي الإفراج عنه ليس قرارا إسرائيليا فحسب على اعتبار أنه ليس بالإمكان القياس أن المعيار الأول والأساسي في هذه المسألة هو طبيعة المُعطى الأمنى بالنسبة إلى صانع القرار الإسرائيلي على أهميته، والقياس هو للمعيار السياسي أولا وأخيرا بالشكل البراغماتي للبرنامج السياسي الإسرائيلي. وبمعنى آخر قياس إمكانية تعاطي البرغوثي والأطروحة السياسية التسووية على أقل تقدير ومنهج العلاقة ما بين السلطة وإسرائيل بالظرف الراهن في ظل الحقبة التاريخية الراهنة، والتي تفترض إبقاء الحال على ما هو عليه من خلال الإبقاء على سياسة التفاوض طويلة الأمد، والتفاوض على المفاوضات ذاتها مع إمكانية إنجاز لبعض القضايا الثانوية، الأمر الذي يعني بالمفهوم الإسرائيلي إبقاء حالة تصالحية معينة مع الجانب الفلسطيني تساعد الجانب الإسرائيلي بتوجهاته الدبلوماسية وسياساتها الخارجية لمواجهة ما يسمى استحقاقات العملية التسووية عبر فرضيات التهدئة أو صناعة للاستقرار الاقتصادي في الأراضي الفلسطينية المحتلة (السلام الإقتصادي)، أو بالعودة إلى السياسات المرحلية في إنجاز ملفات محددة وذات أبعاد أمنية بالدرجة الأولى ( الإنسحاب من بعض مدن الضفة ووقف التوغلات العسكرية ) أي إعادة الأوضاع إلى ما كانت عليه ما قبل اندلاع الإنتفاضة الثانية مع إبقاء جدار الفصل العنصري، وهو الأمر الذي تعتبره إسرائيل مفتوحا للتفاوض ولإمكانية إنجاز حالة تفاوضية عليه ومن خلاله مع إعادة تجميد الحسم في القضايا ذات الأبعاد السيادية.....
اعتقد ان فتح وان أقدمت على اسناد منصب نائب رئيسها الى الاسير مروان انما توجه رسالة لها دلالات وابعاد ذات مغازي جذرية بالتحول في العلاقة مع الاحتلال وبالتالي فأنها تفرض حالة اشتباكية جديدة مع الدولة العبرية على مختلف المستويات والصعد ...