الخميس: 28/11/2024 بتوقيت القدس الشريف

رفع حصانة شعب

نشر بتاريخ: 23/12/2016 ( آخر تحديث: 23/12/2016 الساعة: 12:07 )

الكاتب: حسام الدجني

أكد حسن العوري المستشار القانوني للرئيس الفلسطيني محمود عباس ، رفع الحصانة البرلمانية عن خمسة نواب من كتلة فتح البرلمانية وهم: محمد دحلان، ناصر جمعة، نجاة أبو بكر، شامي الشامي، جمال الطيراوي.
على ماذا استند الرئيس عباس في قرار رفع الحصانة البرلمانية...؟ وما مدى قانونية الخطوة..؟ وما هي تداعياتها...؟ وما هي الخطوات الواجب اتخاذها لوقف تغول السلطة التنفيذية على التشريعية...؟

أولاً: على ماذا استند الرئيس عباس لرفع حصانة النواب الخمسة
استند الرئيس عباس على قرار التفسير رقم (3) لسنة 2016، الصادر عن المحكمة الدستورية يوم 3/11/2016م، وقد نص القرار على:

قررت المحكمة بشأن تفسيرها لنصوص المواد (47 و47 مكرر و51 و53 فقرة 1) من القانون الأساسي المعدل لسنة 2003 وتعديلاته لسنة 2005، والمادة (96) من النظام الداخلي للمجلس التشريعي ما يلي: 1- الإطار المحدد للولاية الزمنية للمجلس التشريعي أربع سنوات من تاريخ انتخابه، 2- ومد ولاية أعضاء المجلس التشريعي المنتهية ولايته الزمنية مؤقتا إلى حين أداء أعضاء المجلس التشريعي الجدد اليمين الدستوري، 3- لم يتجاوز رئيس السلطة الوطنية الفلسطينية سلطته في إصدار القرار بقانون لرفع الحصانة عن أي عضو من أعضاء المجلس التشريعي في غير أدوار انعقاد جلسات المجلس التشريعي، والتي لا يخضع تقديرها لمعيار ثابت وإنما تتغير بتغير الظروف وفقا لمواجهة أية آثار مادية أو غيرها قد تمس الأوضاع الاقتصادية أو الاجتماعية في البلاد لمواجهة حالات الضرورة للمحافظة على كيان الدولة وإقرار النظام فيها كرخصة تشريع استثنائية لعدم انعقاد المجلس التشريعي وعدم قدرته على الانعقاد، وبالتالي فإن المحكمة الدستورية العليا ترى أن القرار بقانون رقم (4) لسنة 2012 الصادر بتاريخ 3/1/2012 المتضمن رفع الحصانة عن عضو المجلس التشريعي محمد يوسف شاكر دحلان (المطعون ضده) بالقضية الجزائية نقض رقم (326) لسنة 2015 قد صدر وفقا للأصول والصلاحيات المخولة للسيد الرئيس بموجب القانون. وبناءً على ذلك رفع الرئيس الحصانة عن النائب دحلان وأربعة من رفاقه.

ثانياً: مدى قانونية خطوة الرئيس برفع الحصانة وما تداعياتها..؟
قرار التفسير الصادر من المحكمة الدستورية يجيز للرئيس رفع الحصانة ولكن السؤال الأهم: هل مرسوم تشكيل المحكمة الدستورية بتاريخ 3/4/2016م قانوني واستوفى الشروط الواجب توافرها وفق قانون المحكمة الدستورية رقم (3) لسنة 2006م...؟
أحد الشروط التي نص عليها قانون المحكمة الدستورية وفق (المادة 7) بأن يؤدي رئيس المحكمة ونائبه وقضاتها أمام رئيس السلطة الوطنية قبل مباشرة أعمالهم بحضور كل من رئيس المجلس التشريعي ورئيس مجلس القضاء الأعلى اليمين التالي: " أقسم بالله العظيم أن أحترم الدستور والقانون وأن أحكم بالعدل ".
لم يحضر رئيس المجلس التشريعي المراسم وهذا يشكل مساس بشرعية المحكمة الدستورية.

أيضاً نصت(المادة 6) لا يجوز لعضو المحكمة أن يتولى أي وظيفة أخرى، أو أن يمارس نشاطاً تجارياً أو سياسياً أو حزبياً، وإذا كان منتمياً إلى حزب، فعليه الاستقالة قبل حلف اليمين القانونية. وهذا يطرح سؤال حول مشاركة قاضيين من المحكمة الدستورية للإشراف على انتخابات المؤتمر السابع لحركة فتح وهما: البروفيسور فتحي الوحيدي، والبروفيسور عبد الرحمن أبو النصر ومخالفتهما لنص (المادة 6)..؟

أيضاً مخالفة المرسوم للفقرة (1) من المادة (5) من قانون المحكمة الدستورية العليا رقم (3) لسنة 2006 المتعلقة بمشاورة وزير العدل بالتشكيل الأول للمحكمة الدستورية العليا ، حيث لم ينل الوزير المذكور الثقة من المجلس التشريعي وفق الأصول وهو يعمل في حكومة غير قانونية، ولم تحظَ بثقة المجلس التشريعي وفق القانون الأساسي. ولم ينل الثقة التوافقية من حركة حماس حيث جاء تعيين علي أبو دياك بقرارات انفرادية من الرئيس عباس بينما عقد الحكومة توافقي لا دستوري.
ما سبق وغيره يدلل أن قرار تشكيل المحكمة الدستورية به عوار قانوني، وأن الأبعاد السياسية واضحة وإلا فكيف للمحكمة الدستورية أن تفسر (المادة 36) وتنص: مدة رئاسة السلطة الوطنية الفلسطينية هي أربع سنوات، ويحق للرئيس ترشيح نفسه لفترة رئاسية ثانية على أن لا يشغل منصب الرئاسة أكثر من دورتين متتاليتين.

طالما أن المحكمة الدستورية قرار تشكيلها به مشكلة قانونية فكل مخرجاتها باطلة قانوناً، وقرار رفع الحصانة الذي رفضته كل الكتل البرلمانية والفصائل الوطنية والإسلامية هي قرارات تخالف النظام الداخلي للمجلس التشريعي حيث تنص (المادة47): يفصل المجلس في اقتراح إسقاط العضوية بطريقة الاقتراع السري ويصدر القرار إسقاط العضوية بأغلبية الثلثين.
إن من أهم تداعيات توغل السلطة التنفيذية على السلطة القضائية هو عقد جلسة المجلس التشريعي بمشاركة بعض من نواب كتلة فتح البرلمانية وآخرين، وهذه نقطة تحول مهمة في طريق استعادة دور المجلس التشريعي، فلا يعقل أن تنزع حصانة شعب من قبل فرد، فالمجلس التشريعي سيد نفسه والشعب الوحيد المكلف بمحاسبته.
إن ما يصدر من مراسيم وقرارات تزيد من أزمة ومعضلة النظام السياسي الفلسطيني المتأزم أصلاً، كونها تعيد النظام السياسي الفلسطيني الديمقراطي لنظام أكثر شمولية يعتمد على الفرد بشكل لافت، بما يعيد إحياء نظرية الحق الإلهي من جديد، في وقت يعيش العالم المتحضر تحول لافت نحو المدنية.