نشر بتاريخ: 28/12/2016 ( آخر تحديث: 28/12/2016 الساعة: 16:17 )
الكاتب: يونس العموري
هو قرار اخر في ادراج هيئة الامم المتحدة، واروقة مجلس الأمن نعم اعترف، وهو قرار غير ملزم ادرك، واعلم ان اسرائيل ووجودها قد جاء بقرار دولي من هيئة الامم المتحدة، وان كان مجلس الأمن ومنذ البدايات ومن خلال الفيتو الامريكي بالغالب، قد خذل الحق الفلسطيني والمنطق القانوني الدولي، وشرعن الاحتلال وغض النظر عن ممارساته واساليبه وتغوله ووحشيته بحق فلسطين، وقلب معادلة العدالة الأممية واضحت لعبة الامم قائمة على المصالح اولا، واصبح منطق القوة هو السائد وقوة المنطق غير معترف بها.
الا ان هذا القرار قد كشف اللثام وبشكل فاضح وصارخ عن حقيقة الموقف والمواقف وكيف من الممكن اتخاذ القرارات وتمريرها في اروقة المحافل الدولية من خلال انشطة دبلوماسية الهاتف ودبلوماسية البيع والشراء ودبلوماسية التهديد والوعيد وتلك المرتبطة بالعصا والجزرة، كان لهذا القرار الكثير من الفواصل التي لابد من التوقف عندها وتحديدا ما قبل صدوره وسحب مشروع القرار من قبل مصر من التداول واصرار الرباعية الأنسانية ( فنزويلا، ماليزيا ، السنغال، نيوزيلندا ) على تقديم القرار. الامر الذي اختلفت معه الحسابات والأنعكسات، حيث ان تقوم مصر بسحب مشروع القرار وان يتم تقديمه من قبل دول اخرى غير عربية له الكثير من التداعيات على الاقل بنظر الشارع العربي والرأي العام الدولي والأممي. حيث ان النتيجة ببساطة التي تلقفها المواطن العربي بأن الرباعية الانسانية كانت اولا بمواجهة لسان الضاد الناطق بالعبرية، وانتصرت لكنعان وابناء قبيلة يابوس، واورسالم قد اضحت بالحق مكللة وان كان نسبيا، برغم ان قياصرة اللحظة قد حاولوا التأثير عليهم وهم يعلمون ماذا يعني مواجهة التنين، والناطقون بلسان الضاد العربية اطاعوا القيصر الذي يظن انه سيظل حاكما للعدل ولمنطق الحق كما يريد.
لا شك ان صدور القرار الاممي عن مجلس الامن الخاص رقم ( 2334 ) له اهمية ذات طابع خاص بإدانة الاستيطان الاسرائيلي في الارض الفلسطينية المحتلة، حيث ان قوته الحقيقية تكمن بالبناء عليه قانونيا وسياسيا فيما يتعلق بوقف وانهاء الاستيطان بالضفة الغربية، خاصة في القدس الشرقية. علىطريق انهاء الاحتلالن لعل اهم ما في ابعاد هذا القرار ان العالم بات على قناعة بضرورة وقف تغول الاحتلال وانهاء سيطرة الدولة العبرية على البشر والحجر في مختلف الاراضي الفلسطينية، كما ان العالم اصبح يدرك ان بقاء اسرائيلي كقوة احتلال بمنطق القوة استنادا الى الدعم الامريكي الذي يشكل امتناعها عن التوصيت بمثابة الانذار لحكومة تل ابيب وان ادارة البيت الابيض قد اصبحت محرجة من ممارسات الاحتلال امام الرأي العام الدولي وهو الامر الذي يعني ان الدعم الاممي وعلى رأسها امريكا والتي كانت تحظى به دولة الاحتلال قد بدأ يتلاشى، وجبهة المساندة التي كانت تحظى بها اسرائيل قد بدأت بالتخلخل، وهو الأمر الذي بات واضحا وجليا.
هو القرار الاول الذي يناقش قصة المستوطنات بهذا التفصيل والتركيز منذ اكثر من 35 عاما، حيث صدر قرار يحمل الرقم 465 في اذار 1980، ومنذ ذلك التاريخ وقعت تغيرات دراماتيكية في قضية الصراع الفلسطيني الاسرائيلي، خاصة فيما يتعلق بمدى وحجم المشروع الاستيطاني، وفي مدى تركيز المجتمع الدولي على قضية الاستيطان.
إن القرار مهم جدا في الوقت الذي تحاول فيه حكومات الاحتلال المتعاقبة القضاء على حل الدولتين، من خلال فرض سياسة الامر الواقع على الارض ، حيث أكد القرار على ان الأراضي الفلسطينية الواقعة ضمن حدود الرابع من حزيران للعام 1967 انما هي اراضي محتلة ، وان الاستيطان فيها غير شرعي بما فيه ما تطلق عليه اسرائيل "النمو الطبيعي"، وان هذا كله يعد جريمة حرب، وان على الاحتلال الاسرائيلي الالتزام بقواعد القانون الدولي.
ان هذا القرار ورغم افتقاره الى آليات تنفيذية، بمعنى البند السابع الذي يفرض تطبيقه على الارض، الا ان قوته الحقيقية تكمن في البناء عليه والمراكمة القانونية في اكثر من محفل من المحافل القانونية، ومواصلة العمل خاصة مع مجلس الامن والجمعية العامة، لإصدار آليات تنفيذية مع الصلف الاسرائيلي الذي اعلن انه لن يمتثل لهذا القرار. وبالتالي اعتقد ان الطريق الأن اصبح ممهدا وسالكا لمواصلة فتح المعارك مع سلطات الاحتلال عل قاعدة هذا القرار مما يعني ان هذا القرار سيدعم التوجه الفلسطيني الى محكمة الجنايات الدولية، التي تبحث في عدة ملفات مرفوعة من قبل الجانب الفلسطيني من ضمنها ملف الاستيطان، وان هذا القرار يشكل دعما مهما لناحية تجريم الاحتلال وقادته فيما يتعلق بارتكاب جريمة حرب والمتمثلة بالاستيطان، حيث ان هذا القرار وضع مجلس الامن امام مسؤولياته.
من هنا لابد من وضع استراتيجية قانونية والمراكمة عليه، وضرورة المتابعة المستمرة مع الامين العام للأمم المتحدة فيما يتعلق باستمرار جرائم الاستيطان كما نص القرار.
كما إن قوة هذا القرار جاءت للتأكيد على بطلان الاحتلال وكل ما بني على اساسه منذ العام 1967، وتناقض هذا الاحتلال مع القانون الدولي وتجريمه لما بني على اساسه، واعتبار كل ذلك جريمة حرب يحاسب عليها.
ووفقا لخبراء القانون الدولي فقد جاء هذا القرار تأكيدا للقرارات السابقة لمجلس الامن المتعلقة بالاستيطان وهي القرارات 446 - 452 - 465- 478، وانسجاما مع الرؤية الدولية للحل القائم على اساس الدولتين والذي تعمل حكومات الاحتلال على تقويضه.
اذن اصبح بجعبتنا قرارا دوليا واضح المعالم لا غبار عليه، بصرف النظر عن دهاليز أليات تنفيذ القرار من عدمه، والكل يعلم ان اسرائيل لن تلتزم بحيثيات القرار، الا ان الاستيطان في الضفة الغربية والقدس المحتلة وبموجب قرار مجلس الأمن غير شرعي ومُدان إدانة دولية أممية وبناء عليه تصبح كافة المستوطنات بالضفة الغربية والقدس الشرقية غير شرعية وبالتالي مقاومة الاستيطان والمستوطنين ومن يقف وراءهم قد اضحى مشرعن وقانوني استناذا ليس فقط للحق بالمقاومة وانما ايضا استنادا لهذا القرار بمعنى ان مقاومة الفعل الاستيطاني بالاراضي الفلسطينية لم يعد امرا قابل للتسفير او التأويل بل اصبح واجبا وحقا وغير مُدان من قبل المجتمع الدولي. والاهم سقوط نظرية القدس الموحدة كعاصمة لدولة الاحتلال حيث ان القدس الشرقية وهي جزء لا يتجزأ من الاراضي الفلسطينية المحتلة في العام 67 وبالتالي كل الانشطة الاستيطانية السابقة والحالية واللاحقة تعتبر غير قانونية وغير شرعية الأمر الذي يعني ان القدس المحتلة غير مُعترف بها كعاصمة للدولة العبرية وفقا للتعريف الاسرائيلي وبالتالي وفقا لأطروحة الرئيس الأمريكي المُنتخب ( ترامب) الذي يحاول تقويض اركان الأسس القانونية من خلال نيته نقل السفارة الامريكية الى القدس من هنا تكمن اهمية قرار مجلس الأمن بالنسبة للقدس، ولا شك ان استناد القرار الأممي على فتوى محكمة لاهاي فيما يخص جدار الفصل العنصري والاسترشاد بهذا الفتوى قد اطفى صيغة وصبغة قانونية لها شرعية قضائية دولية.
وهنا لابد من ان نقول شكرا لأحرار العالم الذين قد تفهموا حيثيات المسألة القانونية وابعاد مفاهيم الشرعية والشرعنة الدولية، وباشروا باتخاذ الخطوات العملية من خلال الساحات الدولية والمحافل الأممية بصرف النظر عن عمليات البيع والشراء في هذه الاروقة وبغض النظر عن الحسابات السياسية هنا او هناك، وبعيدا عن اسلوب المقايضة بالقضايا الاقليمية على مختلف قارات العالم.