نشر بتاريخ: 31/12/2016 ( آخر تحديث: 31/12/2016 الساعة: 20:30 )
كتب عبد الرؤوف ارناؤوط
أبرز الفروق" حدود 67" و"القدس عاصمة" و"يهودية إسرائيل"
16 عاما ما بين "محددات كلينتون" و"مباديء كيري"
ثمة الكثير من الأمور المشتركة بين "مباديء كيري" و"محددات كلينتون" ، فقد قدمت في ذات الشهر وهو كانون اول وقبل أقل من شهر من مغادرة بيل كلينتون وباراك أوباما للبيت الأبيض وتحدثتا عن ذات المواضيع الخمسة وهي القدس والحدود واللاجئين والأمن وإنهاء المطالبات.
ولكن وبفارق 16 عاما بين "محددات كلينتون" التي قدمت في العام 2000 و"مباديء كيري" التي قدمت في 2016 فإن ثمة عناصر جديدة جعلتها غير مقبولة فمن الجانب الفلسطيني فإنها ، على الأقل، تتحدث عن إسرائيل دولة يهودية أما من الجانب الإسرائيلي فإنه يتضح من كلمات كيري مساء أول من أمس إن إسرائيل ترفضها بمجملها ولكن أساسا بسبب حديثها عن دولتين على أساس حدود 1967 وان القدس عاصمة الدولتين.
وكان كيري طرح المباديء الستة التي أعلنها في خطابه مساء أول من أمس ضمن إتفاق إطار قدمه للطرفين في شهر آذار 2014 قبل إنهيار الجهود التي بذلها مع الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي وتخللها سلسلة لقاءات له مع لجنة المتابعة لمبادرة السلام العربية على مدى 9 أشهر في العام 2013 ومطلع العام 2014.
ولم يكن مصطلح "حل الدولتين " قد برز عند طرح كلينتون لمحددات الحل في العام 2000 ولذلك لم ترد في مبادرته إذ برز المصطلح عند تقديم اللجنة الرباعية الدولية ، التي تضم الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وروسيا والأمم المتحدة، في شهر ايار 2003 واستند عليه كيري بشكل واضح في خطابه.
وإن كان كلينتون طرح "محدداته للحل في إجتماع عقد في البيت الأبيض في 23 كانون اول 2000 وبعيدا عن وسائل الإعلام فإن كيري طرح مبادئة للحل في خطاب علني في مقر وزارة الخارجية الأمريكية ولاحقا نشرت وزارة الخارجية الأمريكية هذه المباديء في ورقة منفصلة ، مساء الخميس، تحت عنوان " مباديء لسلام الشرق الأوسط" ورقة حقائق.
والمشترك في الطرح غير المعلن لكلينتون والطرح العلني لكيري هو أن كلينتون الديمقراطي طرحه قبل 29 يوميا من مغادرته للبيت الأبيض لصالح رئيس جمهوري، فيما أن كيري طرح مبادئه قبل 24 يوما من مغادرة الرئيس اوباما الديمقراطي لصالح الرئيس المنتخب دونالد ترامب الجمهوري.
وقد تم طرح "محددات كلينتون" في وقت كانت فيه الأراضي الفلسطينية تشهد تصعيدا عسكريا كبيرا مع بدء إنطلاق إنتفاضة الأقصى في حين يطرح كيري مبادئه في وقت تشهد فيه الأراضي الفلسطينية هدوءا أمنيا نسبيا وتصعيدا إستيطانيا إسرائيليا ملموسا يتمثل بتصعيد هدم المنازل والإستيطان ومصادرة الأراضي والتلويح بمشاريع إستيطانية عديدة.
غير أن الفوارق الأساسية ما بين " محددات كلينتون" و"مباديء كيري" هي أن الأخيرة تحدثت للمرة الأولى في ورقة رسمية عن "حدود 1967 مع تبادل متكافئ ومتفق عليه للأراضي" وعن " القدس كعاصمة معترف بها دوليا للدولتين" ولكنها أيضا تحدثت عن " دولتين وشعبين، واحدة يهودية وأخرى عربية" في وقت استخدم التعبير التالي الذي لم تأتي "محددات كلينتون عليه بهذا الوضوح وهو" تلبية الاحتياجات الأمنية لإسرائيل ووضع نهاية كاملة للاحتلال".
الحدود
فورقة "محددات كلينتون" لم تأتي على ذكر حدود 1967 وإنما اكتفى بالاشارة إلى أن الحل ينبغي أن يكون ما بين 94-96% من مساحة الضفة الغربية وان يكون التبادل ما بين 1-3% .
أما مباديء كيري فقالت" توفير حدود دولية آمنة ومعترف بها ما بين إسرائيل وفلسطين قابلة للحياة ومتواصلة جغرافيا، يتفاوض عليها على أساس حدود 1967 مع تبادل متكافئ ومتفق عليه للأراضي".
القدس
وفيما يتعلق بالقدس فقد حدد كلينتون إن " المبدأ العام هو أن المناطق العربية فلسطينية والمناطق اليهودية إسرائيلية ، هذا ينبغي أن ينطبق على البلدة القديمة أيضا" متحدثا عن سيادة فلسطينية على الحرم وسيادة إسرائيلية على حائط البراق(المبكى) والجدار الغربي (للمسجد).
وبدورها فإن "مباديء كيري" نصت على " تحقيق حل متفق عليه لقضية القدس كعاصمة معترف بها دوليا للدولتين، وحماية وضمان حرية الوصول إلى الأماكن المقدسة بما يتفق مع الوضع الراهن المعمول بها".
اللاجئين
وفيما يتعلق باللاجئين فإن "محددات كلينتون"تحدثت عن 5 بدائل للاجئين وهي دولة فلسطين، الأراضي التي ستحولها إسرائيل للفلسطينيين في إطار تبادل الأراضي، البقاء في الدول المضيفة، إعادة التوطين في بلد ثالث، الدخول إلى إسرائيل، بحيث يكون الخيارين الأول والثاني مفتوحين لأي لاجيء والخيارين الثالث والرابط مشترطين بقبول الدول المضيفة والخامس بقبول إسرائيل، ويشمل ذلك تقديم تعويضات للاجئين و"الأطراف تتف على أن في ذلك تطبيق لقرار 194".
اما "مباديء كيري" فقد نصت على "تحقيق حل عادل ومتفق عليه ومنصف وواقعي لقضية اللاجئين الفلسطينيين، وبمساعدة دولية، والذي يتضمن التعويض والخيارات والمساعدة في العثور على منازل دائمة وذلك إقرارا بالمعاناة وغيرها من التدابير اللازمة لإيجاد حل شامل يقوم على دولتين ولشعبين".
الأمن
أما الأمن فقد نصت "محددات كلينتون" على تواجد دولي باتفاق الطرفين لمراقبة تنفيذ الطرفين للاتفاق وأن يبقى التواجد الإسرائيلي في مناطق محددة في غور الاردن تحت مسؤولية قوة دولية لمدة 36 شهرا مع إمكانية تقليص هذه المدة اعتمادا على وجود تطورات اقليمية تنهي التهديدات التي تتعرض لها إسرائيل مع وجود 3 محطات انذار مبكر إسرائيلية في الضفة الغربية بتواجد ارتباط فلسطيني ويتم النظر فيها كل 10 سنوات وان يكون لدولة فلسطينية سيادة على أجوائها وان تكون فلسطين"دولة غير مسلحة".
وبدوره فان وزير الخارجية الأمريكية جون كيري الذي تحدث عن رؤية أمنية وضعها الجنرال الأمريكي جون الين حدد الأمن في مبادئه بالنص التالي" تلبية الاحتياجات الأمنية لإسرائيل ووضع نهاية كاملة للاحتلال، مع التأكد من قدرة إسرائيل على الدفاع عن نفسها بفعالية وقدرة فلسطين على توفير الأمن لشعبها في دولة ذات سيادة ومنزوعة السلاح".
علما بأن " محددات كلينتون " لم تأتي على عبارة "وضع نهاية كاملة للاحتلال".
إنهاء المطالبات
حددت " محددات كلينتون" بأن "الاتفاق علامة واضحة على نهاية للصراع و تنفيذه يضع حدا لجميع المطالبات، ويمكن تنفيذ ذلك من خلال قرار في مجلس الأمن يشير إلى تطبيق القرارين 242 و 338 و من خلال إطلاق سراح السجناء الفلسطينيين".
أما مباديء كيري فإنها نصت على "إنهاء الصراع وجميع المطالبات القائمة، مما يتيح تطبيع العلاقات وتعزيز الأمن الإقليمي للجميع وحسب رؤية مبادرة السلام العربية".
مع ملاحظة انها لم تتضمن نصا عن الافراج عن المعتقلين من السجون الإسرائيلية.
يهودية إسرائيل
لم تشر "محددات كلينتون" من قريب او بعيد إلى ما يسمى "يهودية الدولة وذلك ببساطة لأن إسرائيل لم تكن قد اخترعته حتى ذلك الحين.
فصحيح أن الرئيس الأمريكي جورج بوش الإبن أشار في خطابات له إلى إسرائيل كدولة يهودية ولكن المطلب الرسمي الإسرائيلي بقبول الفلسطينيين باسرائيل كدولة يهودية في أي اتفاق لم يبرز إلا من خلال وزيرة الخارجية الإسرائيلية السابقة تسيبي ليفني في اجتماع تفاوضي مع الفلسطينيين عقد في شهر تشرين الثاني 2007.
ولاحقا طرحت ليفني هذا المطلب شعارا في خوضها الإنتخابات لرئاسة الوزراء الإسرائيلية ومن ثم تلقفه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وجعله شرطا أساسيا لأي إتفاق مع الفلسطينيين على الرغم من الإصرار الفلسطيني المتكرر برفض هذا الطلب.
أما "مباديء كيري" فقد نصت "تحقيق رؤية قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 181 لدولتين وشعبين، واحدة يهودية وأخرى عربية، مع الاعتراف المتبادل والمساواة في الحقوق الكاملة لجميع المواطنين من الشعب الآخر".
(الايام)