نشر بتاريخ: 10/01/2017 ( آخر تحديث: 10/01/2017 الساعة: 17:13 )
الكاتب: بهاء رحال
في تراكم سنوات العمر، لم نعد نعلق الكثير من الأمنيات على بوابة العام الجديد، إلا أننا لم نفقد الأمل تماماً، لأن فقدان الأمل يدخلنا في توهان عدم الرغبة بالحياة وما يحمله المستقبل خاصة فيما قد نراه خلال عام، وليس بالضرورة على المستوى الخاص، فالخاص يدور في فلك النجوم والأبراج وما يؤمن به البعض ممن يتابعونه وينتظرونه عبر ما يقوله المنجمون الذين احترفوا تتبع حركة الكواكب وغيرها من علوم اصبح يطلق عليها علم الفلك اذا اصبت الوصف الدقيق في الكلام، واعذروا جهلي في هذا المجال الذي لا يغريني الانتباه له، سواء على المستوى الخاص أو العام.
لكن احاول في هذا المقال، قراءة ما يمكن أن يجري خلال هذا العام، بنظرة المتابع والمراقب لما يحدث، لا بنظرة المنجم الذي يفكك احجيات الكواكب، فلا أعرف الطالع ولا أدري كيف تدخل الكواكب مع بعضها لتشتبك تارة وتستريح تارة أخرى في توهان الترابي والمائي والناري والرمادي والهائج والمائج والهادئ والمنفعل المرتبط بآخره البعيد القريب في آن.
إن أبرز سمات العام الجديد، هو ذلك العنيد الذي يصفه المراقبون بالمجنون الذي سيغير كثيراً في سياسة الولايات المتحدة الامريكية خاصة مع الدول العربية وسيكون له علامات فارقة في الملف الفلسطيني على وجه الخصوص، ترامب الذي نجح في الانتخابات الرئاسية الأمريكية سيتربع على العرش في البيت الأبيض، الأمر الذي دفع بالكثير من المراقبين إلى اطلاق وابل من التكهنات الغريبة حول شخصية الرجل وسياساته في المستقبل وما يمكن أن تحمله من عنصرية وانحياز لدولة الاحتلال على وجه خاص، وكأن الأمر في عهد الرئيس المنصرف اوباما كان بأفضل حال، وكأن الولايات المتحدة لم تكن منحازة في كل حقبة ومع كل رئيس يصل الى البيت الابيض ليعبر بسياساته المنحازة بشكل مطلق لصالح الاحتلال، على حساب القضية الفلسطينية التي تراوح مكانها في لعبة الانحياز المتبعة والتي لم تتغير يوماً، فلا فرق بين الحزب الجمهوري والحزب الديمقراطي في التعامل مع الملف الفلسطيني وحتى العربي بشكل عام، وحتى نرى ما يمكن أن يحمله العام الجديد دون خذلان وبصورة واضحة، فأنه يجب علينا أن نكون واقعيين فلا نعلق الأمنيات على رجل يهدد ويتوعد بسياسات مختلفة قادمة، تكون أكثر عنصرية وتطرفاً عن سابقه، وقد يكون كل هذا مجرد شعارات ودعاية انتخابية، ولكن حذاري أن تتوقعوا العكس، أن يكون مثلاً قادراً على تفعيل العملية السلمية والمفاوضات فيما يتعلق بالشأن الفلسطيني والقضية الفلسطينية التي هي نقطة الارتكاز الاساسية في منطقة الشرق الاوسط، لا بل توقعوا المزيد من الانحياز لاسرائيل التي عبرت عن ابتهاجها الواسع لنجاح ترامب، ولا تأملوا أن يحقق تقارب مع الرئيس الروسي بوتين الأمر الذي سينهي حالة الصراع المحتدم في سوريا، ويتوقف معه مسلسل القتل والخراب فيها، ولا تتوقعوا ايضاً أن يساعد على نمو الاقتصاد العالمي بعد كل ما تعرض له من انتكاسات خلال السنوات الأخيرة، وهذا ليس بجديد، فكل الرؤساء الأمريكيين جاؤوا بنفس السياسة في الملفات الخارجية، ولا تختلف سياساتهم إلا بالشأن الأمريكي الداخلي وهذا ما لا يعنينا.
ومن سمات العام الجديد، التحقيق مع نتنياهو بتهم الفساد والرشوة، فلا تنتظروا أن يسجن أو يعتقل، ولكنه سوف يبقى يراوح طيلة العام في دائرة الاتهام، وفي الغالب ستبرأه الجهات القضائية التي تحكم لتضمن استمرار نتنياهو في منصبة على كرسي الحكومة، حتى يواصل سياساته العنصرية والاستيطانية التي يلتف حولها اليمين المتطرف الحاكم والذي لا يزال هو القوة الأكبر في داخل اسرائيل في انحسار قوى اليسار التي كان يعول عليها البعض، وحال ما ينجو من التحقيقات التي تجري معه سوف يخرج نتنياهو اكثر تطرفاً وسيواصل عمليات التهويد خاصة في القدس، كما سيواصل رفضه للقرارات الدولية وقد اعلن بوقاحة انه ينوي معاقبة الأمم المتحدة ومجلس الأمن جراء تبنيها القرار الأخير المتعلق بالمستوطنات والذي حمل رقم 2334.
ومن سمات العام الجديد، أنه لن يحمل شيئاً حقيقياً في ملف انهاء الانقسام، خاصة بعد التصريحات الأخيرة التي صدرت عن موسى أبو مرزوق الرجل الثاني في حماس، وما حملته من رؤيا خطيرة تهدد مستقبل القضية الفلسطينية وتكرس الانقسام كحالة أبدية لا مفر منها، وسط تدافع المصالح الحزبية وأطماع بعض الدول في المنطقة.
ومن سمات العام الجديد، أن العاطلين عن العمل في الأراضي سيزدادوا بما مقداره عدد الخريجين لهذا العام من الجامعات والمعاهد، هذه البطالة التي تهدد واقعنا الذي يزداد فقراً ويتراجع اقتصادياً للوراء ويعاني من شح الامكانيات والموارد، وفق ما تعلن عنه الحكومة التي على ما يبدو ينطبق عليها قول، " ما باليد حيلة".
هذا بعض من السمات التي قد تتفق أو تختلف معها عزيزي القارئ، وهذه قراءة قد تقول عنها أنها مكررة على حد زعم البعض، ولكن على ما أعتقد أنه يبقى الحال على ما هو عليه في مجمله، في منطقة يغلب فيها العنف ويتنامى التطرف وصور الارهاب فيها تسير بشكل متسارع، هذه المنطقة التي تشتهر بالتعصب والتشدد والرغبة الدائمة في الانقسام، فتسقط فريسة لأدوات الاستعمار الجديد.