نشر بتاريخ: 12/01/2017 ( آخر تحديث: 12/01/2017 الساعة: 10:17 )
الكاتب: د.أحمد الشقاقي
ذهبت النقاشات التي جرت خلال اجتماع اللجنة التحضيرية لانعقاد المجلس الوطني، إلى تحديد توجهات الأطراف الفلسطينية من مجمل القضايا المطروحة، لكن مجمل الملاحظات التي رسمت المشهد في العاصمة اللبنانية تحكمها أبعاد سياسية هامة تتعلق بقضايا أساسية لا يمكن تجاوزها أو التنازل عنها.
الجمهور الفلسطيني الذي غابت عنه تفاصيل الهيئات الفلسطينية التابعة لمنظمة التحرير، على اثر تشكل السلطة الفلسطينية وتغولها على المشروع الوطني، يتابع تفاصيل ومداولات لنقاشات سياسية تؤسس لواقع فلسطيني جديد حال صدقت النوايا. هذه النقاشات لا تحظى باهتمام شعبي بحجم تأثيرها في الواقع السياسي؛ ويرجع ذلك إلى انشغال الشارع بقضايا المعاناة وتفاصيل الأزمات الإنسانية، وهو ما يدفع باتجاه دق ناقوس الخطر لدى المسئولين وأصحاب القرار.
وعلى الرغم من أهمية المجلس الوطني الفلسطيني كمؤسسة والذي يمثل السلطة العليا للشعب الفلسطيني في كافة مناطق تواجده وفق النظام الأساسي لمنظمة التحرير، إلا أن تداخلاً كبيراً في المفاهيم والإدراك أصاب الرأي العام، هذا الارتباك في تحديد وطنية هذا المجلس وهيئات منظمة التحرير أسبابه معلومة سلفاً أهمها تقدم مشروع التسوية على برنامج المقاومة بفعل برنامج أوسلو وملحقاته لدى صانع القرار الرسمي الفلسطيني.
ما ذهبت به قوى المقاومة الفلسطينية- والتي تشارك للمرة الأولى- في مداولات التحضيرية في عناوينه الرئيسية يدفع بمزيد من الثقة في برنامج المقاومة وقدرته على استثمار نجاحاته الميدانية في التفاصيل السياسية وبما ينسجم مع التوجهات الشعبية، وبما يحقق المصلحة الوطنية عبر تجاوز الفشل الراهن للرسمية الفلسطينية.
كذلك فإن أهم ما ميز قوى المقاومة هي تصوراتها المشتركة في ما يخص الحالة السياسية، وهو واقع ينبغي البناء عليه، بحيث يكون صوت المقاومة السياسي موحداً وقادراً على التعبير عن البندقية الفلسطينية المتأهبة في ساحة الصراع مع المحتل وعلى ارض الميدان. وعليه فإن المطلوب من الجهاد الإسلامي وحماس تحديداً أن تواصل أدائها السياسي بشكل توافقي ينعكس على الحالة الفلسطينية بمجملها حتى نصل إلى حال التوافق الفلسطيني على برنامج المقاومة بعد فشل خيار التسوية وانهيار برنامج أوسلو.
التوقعات المأمولة من اجتماعات التحضيرية في أبعادها الثلاثة( البرنامج السياسي- عدد المشاركين- ومكان الانعقاد) بخصوص الدورة القادمة للمجلس الوطني أن تأتي بما يتوافق مع برنامج المقاومة السياسي أولاً، وتقليص أعداد أعضاء المشاركين وتوسيع التمثيل للكل الفلسطيني ثانياً، وإعادة الاعتبار إلى التواجد والتمثيل الفلسطيني في الخارج ثالثاً.
في هذا الإطار فإن الحزمة المنطقية للتوافق تنطلق بالأساس من اتفاق القاهرة 2005، وهو ما يجعل انجاز مسألة البرنامج السياسي متاحة وقابلة للتوافق، كذلك فإن الأرقام التي تتحدث عنها الأمانة العامة للمجلس الوطني فإن عدد الأعضاء بلغ ما يقارب 750 عضواً وهو رقم كبير نسبياً يمكن تقليصه إلى النصف تحت قاعدة تقليص الأعداد وتوسيع التمثيل السياسي والجغرافي.
من المهم كذلك الإشارة إلى أن آلية الانتخاب وفق التمثيل النسبي لأعضاء المجلس في كافة مناطق التواجد الفلسطيني مهمة حتى يعبر هذا المجلس عن الإرادة الفلسطينية بشكل حقيقي، بعيداً عن أشكال سياسة التفرد التي نعيشها الآن، والتي تسببت في اصطدام جدار الواقع الفلسطيني بدهاليز الانقسام وفي كافة الاتجاهات. هذه الانتخابات يمكن عقدها حسب المتاح والتوافق في الأماكن التي يتعذر إجراء الانتخابات فيها.
نذهب اليوم وبنوايا جديدة من قبل الكل الفلسطيني لدخول منظمة التحرير، ومن واقع التجربة السياسية خلال ما يقارب ثلاثة عقود، فإن مسألة الدمج التي حصلت بين مؤسسات المنظمة ومؤسسات السلطة أعاقت المشروع الفلسطيني، وبالتالي من المهم أن نحقق الفصل التام بين المجلس التشريعي للسلطة والمجلس الوطني.
وعليه فإن السعي لعقد المجلس الوطني بالخارج يتيح اللقاء بعيداً عن إرادة الاحتلال وبأجواء أكثر تفاعلاً، فلسنا بحاجة إلى لقاءات تجديد شرعيات لشخصيات، ومهرجانات خطابية غير قادرة على التفاعل مع الهم الفلسطيني في كافة مناطق تواجد المواطن واللاجئ الفلسطيني.
مؤشرات اللقاءات في بيروت توحي بجدية لدى الأطراف التي تنوى المشاركة في الجسم الشرعي الفلسطيني، هذه الحالة بحاجة إلى الاستثمار بعيداً عن المناورة السياسية وبشكل يضمن تجاوز حالة الخلاف الداخلي وفق المصلحة الفلسطينية، بعد أن أصبح التهديد بتعليق أو سحب الاعتراف بدولة الاحتلال معلناً من قبل أصحاب برنامج التسوية.