نشر بتاريخ: 13/01/2017 ( آخر تحديث: 13/01/2017 الساعة: 12:42 )
الكاتب: بهاء رحال
الكهرباء، مشكلة قرابة مليوني فلسطيني يعيشون في القطاع المحاصر منذ أن حل الانقسام، والناس يحاولون الصبر على ما وقع عليهم من ظلم وظلام في آن، ولكن دون جدوى وسط حالة الهروب السافرة التي تمارسها حكومة حماس وبعض الاشخاص المتنفذين الذين يعبثون بحياة الناس هناك، فهل يعقل أن يبقى شعب كامل رهن هذا الوضع القاهر، وهل يعقل أن يبقى الإنسان بلا كهرباء، هذا بالاضافة الى الكثير من المعاناة التي احتملها الناس في غزة، فما صبروا عليه لم يصبر عليه أحد غيرهم، وقد شهدوا على أكاذيب النصر المؤزر والشعارات الرنانة التي كانوا وحدهم يعرفون حقيقتها لأنهم يلامسونها في كل ظروف حياتهم، حياتهم التي تحولت الى ظلام دامس، وحياتهم التي انقطعت عنها صور الأمل في المستقبل، وبعد هذه السنوات التي احتملها الناس هناك وبدلاً من تكافئهم حماس، خرجت لتقمع مسيراتهم التي تطالب بتوفير الكهرباء، بتوزيع عادل لها، بساعات تكفي لكي يواصلوا حياة أو نصف حياة أو أقل.
من حق غزة أن تحيا، أن تعيش مثلكم ومثلنا مثل كل البشر، هذا الكلام لمن يطلق شعاراته الرنانة ودعواته واتهاماته وهو بعيد عن ظلم الحياة في غزة وظلام الحصار وقطع الكهرباء، وهذه العزلة التي يعيشها الناس منذ سنوات، فهل من العدل أن تكون في بيتك وسط هذا الشتاء البارد، بجوارك المدفأة وتشاهد التلفاز وتتابع الانترنت عبر جهاز الهاتف في يدك او الكمبيوتر المحمول، وتطالب الناس في غزة الذين لا يجدوا الكهرباء، لكي يشعلوا مدفأة، ولا يجدوا الغاز اذا اخترت الغاز بديلاً، بالصبر وعدم الخروج من بيوتهم للتظاهر مطالبين بحقهم، بأبسط حق لهم، ولا تكتفي بمطالبتهم فقد قرأت بعد الكلام لمن أعرف كيف يعيشون برخاء، يدعون شرطة حماس بقمع اولئك الناس بعض أن اتهمهم بالخيانة جزافاً، وهذا نوع من البشر موجود، يلقي التهم ويحرض على اغتصاب حقوق الناس، ويدعم طغيان السلطان.
الناس الذين خرج جزء قليل منهم ليعبر عن استيائه ويطالب بأحد أهم حاجاته الاساسية وهي الكهرباء، لم يخرجوا من ترف العيش حتى تطلق القوى الأمنية عليهم النار وتمارس بطشها بحق المحتجين، بل خرجوا من قسوة العيش بعد أن صبروا واحتملوا سنوات املاً في حل المشكلة، إلا أن الحكومة هناك عجزت عن ايجاد حلول وضاق بهم الانتظار وتصديق الوعود الكاذبة، وصار الواقع يزداد سوءاً وهذا ما دفع البعض منهم للتظاهر والاحتجاج، فجوبهت تلك المظاهرات بالقمع تارة والاعتقال تارة أخرى وتخلخلها اطلاق النار من قبل شرطة الحكومة التي لا تقدم حلولاً للمواطن بل تقمع وتغتصب حقوقه الأساسية التي على أي حكومة في العالم تكون ملقى هذه المهام، مهام تأمين الحاجيات الأساسية ومن يعجز عن تقديمها يسقط ويتنحى ويبتعد عن المشهد.
خروج الناس في غزة مطالبين بحقهم في الكهرباء اسوة بباقي البشر لا علاقة له بأي حزبية سياسية كما يحاول البعض الادعاء في وصف ما يجري، وما هو إلا ممارسة اكاذيب وبث شائعات لإضعاف عزيمة الناس التي فقدت صبرها واحتمالها على العيش في هكذا واقع لا يطاق، فمن الحصار الذي يلف الناس من كل الجهات، إلى الفقر المطبق واعداد البطالة التي هي من أعلى النسب على مستوى العالم، الى البؤس المطبق الذي صار عنواناً لحياة الناس، وصولاً إلى الماء الملوثة والكهرباء المقطوعة التي لا تصل الى البيوت لأكثر من أربع ساعات في اليوم.
النظر الى القضية من زاوية تقاتل الأحزاب وحالة الانقسام والتناحر الفصائلي أمر غير مجدي ولا يصنع حلولاً يتطلع لها المواطن، والتعامل مع غضب الجماهير بهذا الحزم والقوة والبطش ايضاً لن يؤتي ثماره بل يزيد من الغضب الشعبي الذي لا يمكن لأي قوى أمنية مواجهته، ولهذا فإن المطلوب البحث عن حلول جادة وحقيقية يتطلع لها الناس، وأن لا يبقى الأمر وكأنه استهداف لمن يحكمون غزة، ثم لماذا يمنع الناس من توجيه اتهامات التقصير الذي نراها واضحة للحكومة هناك، أليس ارتفاع سعر اسطوانة الغاز في أي دولة من دول المحيط يؤدي إلى اتهام الحكومة فيها وربما يصل الحد الى اسقاطها اذا لم تتراجع عن فعلتها!! فكيف الحال بحكومة غير قادرة على ايصال الكهرباء للمواطنين؟!!