الخميس: 28/11/2024 بتوقيت القدس الشريف

الفعل العربي الثقافي المشترك: هيئة المسرح منطلقا

نشر بتاريخ: 15/01/2017 ( آخر تحديث: 15/01/2017 الساعة: 13:15 )

الكاتب: تحسين يقين

هو الأكثر حضورا، وبهاء.
ويظل ممكنا حتى لو اختلفنا سياسيا؛ والأمل به وعليه في إبقاء الفعل العربي في حالة تفاعل وتعاون.
نتجول بين المثقفين العرب والفنانين/ات المشاركين في مهرجان المسرح العربي في الجزائر، لنستمع للهجات العربية، فترى اليمني يحدث السعودي، والسوري يناقش العراقي، والمغربي يحدث بود الجزائري، في أسرة واحدة، فما أن بدأ اللقاء، حتى ترى المشرقيين والمغاربة مندمجين معا في هموم واهتمامات واحدة.
تساءلت بحزن، عن سرّ الخلافات، ومبرراتها وجدواها، فلم أر لها أي مبرر، ولا أظن أبدا أن لها أي جدوى، بل على العكس إنها مؤذية.
مئات من الفنانين والكتاب، تسكنهم القضايا العربية، ويعبرون عنها فنيا وأدبيا، في المجالات الاجتماعية والثقافية والسياسية، يحدوهم الأمل بإيصال رسالتهم إلى الإنسان العربي لتحقيق أهداف نبيلة.
يتيح مهرجان المسرح مجالا للتفكير والشعور، شرطي أي عملية نهوض ثقافي وعام، ويمنحك الشباب العربي الأمل في الغد، وهم ملتزمون في اتجاهاتهم الجادة، انحيازا لقيم العدالة والحرية والإبداع.
وهكذا يصبح فعلهم الثقافي معا رافعة للفعل القومي سياسيا واقتصاديا، ورافعة للفعل القطري أيضا؛ لما للثقافة من دور في التأسيس لمجتمع مدني يحترم التعددية والتنوع. وقد كانت الثقافة دوما عامل ارتقاء ونمو، حيث أن الخيال يفتح العقول والقلوب، ويضمن تجنب النزق والانفعال والضيق.
ولعل من أهم أدوار الفعل الثقافي وطنيا وقوميا هو ضمان عملية النمو والارتقاء، وبعث الأمل في تحقيق المزيد من الأهداف.
تعد الثقافة عامل توحيد وتنوير، حيث تساهم في جمع شتاتنا السياسي، وتخفيف النزاعات والصراعات، والتي تكلفنا وقتا ومالا وتعبا.
إن زيادة الإنفاق على الثقافة العربية سيسهم في التوفير علينا، حيث إن قوة العلاقات العربية هي قوة للأقطار العربية وقوة داخل الأقطار نفسها.
وهي تفتح الباب دوما ولا تغلقه، بل تكون عاملا مبردا لأي سخونة في تلك العلاقات، وعاملا يعمل على تدفئة تلك العلاقات حين تتعرض للبرود.
في مهرجان المسرح في طبعته التاسعة، نستمع لكلمة يوم المسرح العربي التي كتبها الفنان العربي حاتم السيد، فترى التنوير والالتزام نحو الحياة. فهل هناك ما هو أهم؟
كانت كلمة مؤثرة وهي تتلى على ارض الجزائر كأرض عربية، تحمل في نبضها مشروعنا الثقافي والحضاري والإنساني، تستجيب لتطلعاتنا حضاريا وفنيا ومسرحيا، من خلال التأكيد على الدور الحيوي للمسرح.
ولأن هناك دوما مجالا للحياة، حتى وسط هذا التخريب، فإن على الفن أن يكون حاضرا!
ولن يكون كذلك ما لم تكن الحرية حقيقة عملية في حياة الأفراد والشعوب.
فإذا آمنا فعلا بذلك، فستؤسس الثقافة للتنوير والوحدة المنشودة، كونها والتعليم تعملان على السلوك النفسي والعملي، وبالتالي تقرب المسافات.
مؤثرة كانت كلمة الاستاذ حاتم السيد، لدرجة الشجن، لكن وهي كذلك تحزننا، فإنها تمنحنا الأمل، وتضع لنا خارطة طريق رائعة للنهوض بالمسرح بشكل خاص وبالثقافة العربية وحياتنا الفكرية، ليتم التأسيس عليها وحدويا ونهضويا.
الهيئة العربية للمسرح التي نشطت في حياتنا ملقية درة في مياهنا الراكدة منذ عقد من السنوات، برعاية كريمة من شيخ الثقافة العربية د. سلطان بن محمد القاسمي حاكم الشارقة، تستمر بمنهجية ارتقاء وتأسيس، من خلال الفعل العربي للأجيال الشابة، لتستفيد من خبرة الرواد والرائدات، وتبني مسرحيين جدد وجمهورا جديدا من خلال تنمية المسرح المدرسي عربيا.
نذهب جميعا بعد العروض، وتبقى الأفكار تثير إنسانيتنا..
نغادر الدنيا، فلا تبقى غير الكلمات والصور والألحان..
امتدت يد الغدر والظلام لتنفي عز الدين مجوبي وعبد القادر علولة، لماذا؟ فهل كان الهدف هو نفي الثقافة والفنون؟ إن ذلك دافع اليوم وغدا لنا لنكون أوفياء لكل شهداء الثقافة والفنون، الذين آمنوا بدورهم عاشوا عليه وله!
الهيئة العربية للمسرح إنجاز عربي، وفائدته لكل العرب، وهي بدعمها للمسرح إنما تدرك الدور الجماهيري التنويري للإنسان العربي، بالاعتماد على تراثنا المسرحي للبناء عليه، لهذا تحرص دوما على الوفاء للرواد والرائدات.
هيئة المسرح مثال ومثل على الفعل العربي الإنساني؛ فحين نتصفح مهرجاناتها ونشاطاتها، نسعد بمظلتها الوحدوية العروبية والإنسانية، وأرى أنها رغم رياح الغربة والاستلاب والفرقة والاحتلال والاستعمار وكل الذي في القلب، كل ما يقال وما لا يقال خجلا أو أملا بالتغيير، أهمس لنفسي لا تحزن، ثمة إنجاز هنا للعرب، إنجاز يستمر رغم قسوة الحاضر..مبشرا بمستقبل نكاد نطمئن عليه..
القضايا العربية حاضرة ثقافيا وفكريا في أروقة المهرجان التاسع، الجيل الجديد جاد، منتميا لنفسه وشعوره ووفيا للحضارة العربية، مستفيدا من إنجازات الإنسانية..
سيكبر هنا في عالمنا العربي جيل جديد، نأمل أن نورثه ما هو إيجابي، وأن نحرره من سلبياتنا أيضا.. وستكبر الهيئة العربية للمسرح، ليتعمق هدفها: المسرح لكل العرب على طريق التنوير ومحاصرة الظلاميين، فالتحرر الفكري سيظل بداية التحرر الوطني والقومي والإنساني.
ولنا أن نأمل، بأن تنشط هيئات أخرى، تخص الفنون والآدب، لتبني جسورا بين الفنانين والأدباء، ليبدأوا من حيث انتهينا، ولعل جامعة الدول العربية وهي تسعى لتحقيق أهدافها تنتبه إلى هذا الدور الحيوي والاستراتيجي، فتنشط رسميا وشعبيا، حتى تكون الهيئات الثقافية العربية معبرة عن صناعها الحقيقيين، فتصل إليهم وبهم تصل الرسالة الإنسانية.
لنا أن نأمل كما أمل سعد الله ونوس الذي ذكرنا به المسرحي العربي حاتم السيد في إشارة وفاء ومشروع فعل إنساني.