نشر بتاريخ: 15/01/2017 ( آخر تحديث: 15/01/2017 الساعة: 15:37 )
الكاتب: مصطفى ابراهيم
يعقد اليوم الأحد مؤتمر حول القضية الفلسطينية في العاصمة الفرنسية باريس على مستوى وزراء الخارجية في إطار المبادرة الفرنسية التي إنطلفت في العام 2014، وجرت مياه واحداث ومتغيرات كثيرة من خلالها حتى أن معالم المبادرة تغيرت وبعد ان كان سيعقد مؤتمر للسلام أصبح إجتماع أو ورشة عمل موسعة من أجل تحريك العملية السلمية بين إسرائيل والفلسطينيين وفي غيابهما، وبحضور الدول الخمس دائمة العضوية في مجلس الأمن ومشاركة نحو 70 دولة من بينها دول أوروبية وعربية.
المبادرة الفرنسية بالرغم من عدم تلبيتها طموح الفلسطينيين إلا أن إسرائيل رفضتها منذ ان طرحتها فرنسا، ورحب بها الفلسطينيون ويعتبرونها ثمار جهد تحرك الرئيس محمود عباس الدبلوماسي على المستوى الدولي. يأتي المؤتمر بعد عامين من تحضير فرنسا له والمتغيرات الكبرى الإقليمية والدولية والمحلية على صعيد القضية الفلسطينية، وتغول الإحتلال وتعزيز البناء الإستيطاني في الضفة الغربية والقدس المحتلة، ولم يتم أي تغيير على صعيد العلاقات الفلسطينية الداخلية بل أنها تشهد مزيد من التوتر والإنقسامات.
المؤتمر يبين مدى أهمية القضية الفلسطينية ومركزيتها، فهو تظاهرة عالمية لدعم القضية الفلسطينية وإبقاءها حاضرة في الضمير العالمي والظلم التاريخي الواقع على الفلسطينيين وعدم إنصافهم وتحقيق العدالة لهم، غير أن هدف المؤتمر والمجتمعين من العجم والعرب هو التأكيد على ضرورة أن يظل الحل القائم على هو حل الدولتين في الأذهان وليس إنصاف الفلسطينيين.
وعلى الرغم من غياب إسرائيل وقلقها من إنعقاد المؤتمر وعدم أهمية صدور مخرجات من المؤتمر إلا انها منزعجة ولا تريد أي زخم للقضية الفلسطينية حتى لو إعلامياً، برغم معرفتها انه بدون قوة وأسنان ولن يغير شيء ولن تكون نتائجه ملزمة لها وللفلسطينيين، أي انه لن يخرج عن إطار أوسلو وكل ما يمتلكه المجتمع الدولي وعدالة القضية الفلسطينية قانونياً وأخلاقياً لمواجهة إسرائيل والظلم الواقع على الفلسطينيين هو إبقاء حل الدولتين في الأذهان.
يعقد المؤتمر وعاصفة التحقيقات مع نتنياهو تهدد بقاؤه وتطيح به من الحكم كما ان الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند لن يرشح نفسه للانتخابات القادمة، فهذه المتغيرات لها تأثير على أي مخرجات مع انها معروفة مسبقا وغير ملزمة فهي مجرد نداء وتوصيات.
ويعقد المؤتمر قبل خمسة أيام من أداء الرئيس الامريكي المنتخب دونالد ترامب اليمين وتهديداته بنقل السفارة الأمريكية للقدس المحتلة، لذا يطمح الأوروبيين والإدارة الأمريكية المغادرة أن يوفر هذا المؤتمر فرصة ومنبراً بإرسال رسالة لترامب بأن الحل القائم على وجود دولتين بين الإسرائيليين والفلسطينيين وهو الطريق الوحيد للمضي لتحقيق السلام، وهي رسالة تحذير لترامب لفرملة خططه لنقل السفارة الأميركية إلى القدس التي قد تعطل جهود العملية السلمية.
جدول اعمال المؤتمر ومخرجاته معروفة مسبقاً، لن يبحث في الحل على أساس المرجعية الدولية والقرارات الصادرة عن الأمم المتحدة، وكان أخرها قرار مجلس الأمن بإدانة المستوطنات 2334، فالمؤتمر ليس من أهدافه فرض أي شيء على إسرائيل أو الفلسطينيين، والهدف كما تريد إسرائيل هو ان الحل الأمثل للصراع لا يأتي إلا من خلال المفاوضات المباشرة بين بين إسرائيل والفلسطينيين.
الأهم من كل ذلك هو التصريحات وردود الفعل الفلسطينية على تصريحات ترامب لنقل السفارة الأمريكية للقدس، والتحذير كما ذكر الرئيس عباس بان نقل السفارة الأميركية إلى القدس ربما يؤدي إلى القضاء على عملية السلام وتجريد الولايات المتحدة من دورها كراع أمين للعملية، بل وربما أيضا يؤدي إلى تراجع الفلسطينيين عن اعترافهم بإسرائيل.
العمل الدبلوماسي والتحرك الدولي مهم، غير أنه بحاجة إلى مقاومة الإحتلال وفق خطة وطنية وليس بالشعارات والتصريحات النارية، وإسناد وفعل جماهيري، أما القول أن نقل السفارة سيفجر المنطقة، فهي تصريحات وشعارات عنترية من دون فعل حقيقي، ومن دون إستعادة الروح الوطنية الجامعة وروح المقاومة الشعبية بالإستعداد على الأرض لمواجهة ما قد سيكون، لكن الحقيقة غير ذلك فالجميع مشغول بالإنقسام وتغييب الجماهير عن الفعل الوطني المهمومة بأزماتها ومشكلاتها.
من يريد أن يشعل المنطقة يكون حاضراً ولديه إستعدادات على الأرض بتعزيز صمود الناس وكسب ثقتهم المعدومة في مجمل مكونات النظام السياسي الفلسطيني، لمواجهة مخطط ترامب ليس بالتفجيرات الشعاراتية.