الخميس: 28/11/2024 بتوقيت القدس الشريف

هل هناك فعلا حاجة لحكومه وحده وطنيه جديده؟

نشر بتاريخ: 25/01/2017 ( آخر تحديث: 25/01/2017 الساعة: 11:17 )

الكاتب: عقل أبو قرع

تتناقل الانباء هذه الايام احتمالات البدء في مشاورات أو تحضيرات من أجل تشكيل حكومة وحده وطنيه جديده، كأحدى افرازات أو نتائج محادثات انهاء الانقسام، مع العلم أن الحكومه الحاليه التي يترأسها الدكتور الحمد الله هي كما نعرف حكومة وفاق وطني كما تم تسميتها حين تشكيلها، واذا كان هناك فرق بين حكومة الوحده الوطنيه وحكومة الوفاق الوطني الحاليه، فأن السؤال المهم هو هل سوف تضيف الحكومه الجديده أن رأت النور، شيئا جديدا في حياة الناس، وما هي الاهداف الحقيقية من أجل تشكيلها، ونحن نعرف أن امكانيات الحكومة، سواء من ناحية الواردات من الداخل، او من ناحية المدخولات من المنح من الخارج، لن تتغيير، بل ربما تتناقص وخاصه من خلال المنح الخارجيه، وبالتالي فإن مستويات الانفاق او حتى التعديل في مستويات النفقات، من خلال هذه الحكومه أو غيرها سوف تكون محدودة، وحتى أن المواطن اصبح لا يلي الكثير من الاهتمام لما يحدث او ما يقال، سواء أكان الحديث عن تغيير او عن تعديل أو عن تشكيل حكمي أو وزاري جديد.
وبالتالي فأن الحديث عن حكومة وحده وطنيه أو عن غيرها من المسميات في ظل عدم وجود مؤشرات أو بوادر لاحداث تغيير ايجابي على الارض، أو في حياة المواطن اليومية، سوف يضيف المزيد من التبعات والالتزامات والمسؤوليات منها الماليه، وبدون أي انفراج أو تغيير يصب في مصلحة المواطن، حيث مر على الحكومه الحاليه التي تعرف بحكومة الوفاق الوطني فتره زمنيه لا بأس بها، ومع كل الامال والتفاؤل الذي رافق تشكيلها في ذلك الوقت، ما زلنا في حالة من الجمود الفلسطيني الداخلي المتواصل أوالقاتم، وفي ظل انعدام اي بصيص من الامل أو من التفاؤل، في البدء في الانهاء الحقيقي للانقسام ، وفي ظل واقع يترسخ على الارض، لم تستطع حكومة " الوفاق الوطني"، القيام بمهامها كما يجب في كامل الاراضي الفلسطينية، ومهما كانت الاسباب لذلك، وفي ظل وضع اقتصادي جامد، ومعدلات بطالة مرتفعة وترتفع باستمرار، وفي ظل غلاء الاسعار وازدياد نسبة الفقر للتجاوز نسبة ال 25%، مع انعدام اية افاق في التغيير أو التحريك، عللى الاقل في المدى القريب، يطرح الناس اسئلة عديده حول جدوى الحديث عن حكومة وحده وطنيه جديده.
ومع انتطار حدوث تغيير حكومي ربما يفرز ما يمكن ان يسمى ب "حكومة الوحده الوطنيه"، فأننا نعرف ان وظيفة الحكومة، او الاداة التنفيذية للسلطة، في كل دول العالم، وكذلك في حالتنا الفلسطينية، هي العمل على توفير الخدمات الاساسية للمواطن، من صحة ومن تعليم ومن امان واستقرار وسلامة، وفي اوضاعنا الخاصة، العمل على تثبيت وجوده غي الارض المتنازع عليها بشدة، والعمل على تحقيق الحياة الكريمة والاحترام له، من خلال تشجيع الظروف وتوفير الامكانيات وتسخير المصادر، لايجاد فرص عمل وتشغيل وانتاج وتصدير، والعمل على تحقيق نوعا من الامن الغذائي ومن الامن الدوائي، سواء من خلال دعم القطاعات الانتاجية، مثل الزراعة والصناعة وبأنواعها، وكذلك العمل على حماية المقومات الطبيعية، التي بدونها لا يمكنة العيش بشكل سليم والتقدم والتنمية، اي حماية البيئه الفلسطينيه التي فيها يحيا.
فهناك القطاعات الانتاجيه، منها الصناعات الفلسطينية، ومنها الصناعات الغذائية كمثال من القطاع الانتاجي، تشكل حوالي 25% من الانتاج الصناعي الفلسطيني، وتنتج حوالي 200 نوعا مختلفا من المنتجات الغذائية، وتقوم بالتصدير الى الخارج بقيمة تصل الى المئات من ملايين الدولارات، وبالتالي تساهم في الناتج القومي الاجمالي وفي التشغيل وفي الحد من البطالة، وهي بحاجة الى زيادة التسويق الى الخارج، ولكي تتطور وتتوسع، فانها بحاجة الى الدعم ولتوفير البنية التحتية والايدي العاملة المدربة والادارة الجيدة، وكذلك بحاجة الى الاثبات لمن يستورد المنتج الغذائي، انة منتج امن وسليم، وهذا يحتاج الى المزيد من الارشاد حول استخدام المواد الكيميائية،والى الاستثمار في مختبرات لفحص بقايا هذه المواد الكيميائية، سواء في المنتج الزراعي الطازج او في المنتج الغذائي المصنع.
وهناك القطاع الصحي، والحاجة الماسة والاهم الى ترسيخ ثقة المواطن والناس فيه، وفي الرعايات الصحية المختلفة التي يوفرها، سواء اكانت الرعاية الاولية، او في المستشفيات، وهناك الحاجة الى بناء قاعدة صحية قوية، من حيث الكفاءات البشرية المدربة والمتخصصة والتي تبقى تعمل ولا تغادر، ومن حيث البنية التحتية من اجهزة وابنية وادوية وصحة عامة تعتمد على الوقاية وعلى التطعيم ومقاومة انتشار الامراض غير السارية او السارية، وليكن الهدف هو ترسيخ احترام المواطن للقطاع الصحي، وكذلك التغيير من اجل ارساء ثقافة الاحترام في تعامل القطاع الصحي مع الناس، سواء في العيادة أو في المختبر أو في المشفى أو في طريقة حصولة على الخدمة، وهذا جميعه يحتاج الى الاستثمار في كفاءات متخصصة وفي مواقع تقود التغيير، وفي عقليات يكون محور اهتمامها المريض او المواطن، والاهم انها تحتاج الى سياسات وخطط تعتمد على المراقبة والشفافية والتواصل والمتابعة والتقييم.
وهناك الاولوية للتعامل مع الكارثة البيئية التي احدثها العدوان الاخير على قطاع غزة، في تلك البقعة الجغرافية الضيقة، والممتلئة بالبشر، والحاجة الى التعامل مع توفر وجودة وتلوث المياة وبالاخص المياة الجوفية، وتلوث التربة، او تلوث مياة البحر، او الحيز الجغرافي من حيث انتشار النفايات الصلبة والمياة العادمة، وبالتالي امكانية تلوث الهواء، وكذلك للتعامل مع ضعف او مع غياب القوانين البيئية الملزمة وضعف التوعية البيئية الكفيلة لايلاء البيئة في غزة والضفة الاهتمام الكافي، وهناك كذلك الحاجة للتعامل مع التدهور البيئي المتواصل الذي ينتج عن الاستيطان وتبعاته.
وهناك الحاجة للتعامل مع قضايا التعليم العالي، والحاجة الى احداث التغيير النوعي، ووضع خطط بعيدة المدى للتعامل مع الاعداد الهائلة من الخريجين والتي تقدر ب حوالي 40 الف خريج سنويا، التي يتم زجها سنويا الى سوق العمل وبقاؤها بدون عمل، حيث ما زال النمط التقليدي، او المسار الذي اعتدنا علية، سواء من حيث التخصصات او من حيث المعايير او من حيث توفير المصادر والامكانيات للبحث العلمي، او من حيث ربط التعليم العالي مع احتياجات المجتمع، او على الاقل مع تطلعات القطاع الخاص في بلادنا، ما زال هذا النمط هو السائد، وما زالت النظرة الى التعليم العالي على انة فقط لقضاء اربع سنوات او اقل او اكثر، ومن ثم الحصول على شهادة، ومن ثم على لقب، وبالتالي على وظيفه أو موقع أجتماعي اذا امكن.
وهناك الاولوية، وفي اطار الامكانيات، لمعالجة قضايا مثل البطالة والتي حسب احصائيات فلسطينية نشرت قبل عدة ايام، وصلت الى اكثر من 25% من الايادي العامل من سن 15 سنة وما فوق، وهناك الحاجة الى التطبيق العملي والمتابعة لقضايا يومية اخرى تتعلق بسلامة الطعام والدواء وحماية المستهلك وشحة المياة والازدحام على الطرق، وتراكم النفايات وما الى ذلك من امور يلمسها او يشاهدها الانسان الفلسطيني ويأمل ان يتم تغييرها او التعامل معها، وهذا ما يأمله او يتوقعه من التعديل الحكومي القادم، ان حدث.
وبغض النظر عن طبيعة التغيير او عن نوعيىة أو كمية أسماء الأشخاص الجدد في الحكومه القادمه أن حدثت، إلا أن ما يهم المواطن الفلسطيني العادي، هو مدى ما سوف يؤدي إليه هذا التعديل، من تغيير في حياته اليومية، وبالشكل الايجابي، وبالاخص في حقائب مهمة، تتداخل في حياتة المعيشية اليومية، وبالتالي فأن اي تغيير او تعديل في الاشخاص، وبالاخص في حقائب مهنية حياتية، بعيدة عن حقائب السياسة، من المفترض ان يتم من خلال ضخ الكفاءات المتخصصة، ومن المتوقع ان يتبعة تغيير في سلم الاولويات، وفي برامج عمل أو في سياسات وفي خطط ، بحيث تؤثر، وبشكل ايجابي، على غالبية المواطنين، وبشكل تضع المواطن او الناس كأولوية في عمل الحكومة، بعيدا عن التجاذبات وعن المناوشات، بغض النظر عن أسم أو اسماء الحكومه.