نشر بتاريخ: 30/01/2017 ( آخر تحديث: 30/01/2017 الساعة: 12:35 )
الكاتب: رئيس التحرير / د. ناصر اللحام
لا تقع الملامة كلها على الرئيس الامريكي المتشدد دونالد ترامب ، وفي النهاية سوف ترتد فرضياته العنصرية ضد مصالح الرجل الابيض نفسه . وانما تقع أولا على حكوماتنا واحزابنا العربية والاسلامية التي أوصلتنا الى هذه المهانة . ولو أن الشباب العربي والمسلم وجد أوطانا حنونة وناجحة لما فكّر اساسا بالهجرة الى اي مكان ، مع ضرورة التفريق بين السفر والهجرة . فالسفر في هذا العصر صار لازمة من لوازم العمل والتعليم والبزنس والتفاعل والتبادل والزيارات والتعارف والسياحة . اما الهجرة فلها شان اّخر .
وفي لمحة تاريخية سنجد ان الافارقة لم يذهبوا الى أمريكا في هجرة جماعية وانما جرى اختطافهم من الحقول ونقلهم على متن السفن في ظروف قاسية واستخدامهم كعبيد للعمل رغما عنهم ، وان الرئيس الامريكي كلينتون ذهب الى افريقيا واعتذر عن هذه الجريمة .
وفي لمحة تاريخية سنجد ان العرب لم يذهبوا الى امريكا ، وانما امريكا هي التي جاءت الى بلاد العرب تتوسل ذقونهم وتحابي عباءاتهم من اجل النفط ، وبدءا من الرئيس الامريكي نفسه وحتى كبرى الشركات جاءت وزحفت زحفا تتوسل اقامة علاقات مع العرب وقد دخلت حربا باردة مع الاتحاد السوفييتي لابقاء هذه العلاقة . وبعد شركات النفط جاءت شركات السلاح وبعدها شركات التبغ وبعدها شركات السياحة على نفس الاتجاه .
وفي لمحة تاريخية لا نجد ان اوروبا زحفت ترجو علاقة مع امريكا وانما العكس هو الصحيح . كمان ان الرجل الابيض هو الذي زحف الى القارة الامريكية ، ولا يبالغ المؤرخون حين يكتبون ان الرجل الابيض ذبح اكثر من 270 مليون من السكان الاصليين وقبائل الهنود الحمر وسكان المكسيك من خلال حرب جرثومية حيث كانوا يدسون لهم فيروسات الملاريا والتيفوئيد في الطعام ليقتلوا الملايين مرة واحدة من خلال العدوى لانهم تعبوا من كثرة ما اطلقوا النار عليهم ، ولم يقم سكان المكسيك ببناء جدار ومنع الرجل الابيض من دخول اراضيهم .
والانكى ، ان اسرائيل " تعاني " من وجود العرب بينهم ، مع ان العرب لم يذهبوا الى اسرائيل ، وانما اسرائيل هي التي جاءت واستوطنت في بلاد العرب !!!
تماما مثلما يذهب رجل ابيض الى امريكا اللاتينية ويعاني من رؤيته المواطنين اللاتينيين يملأون الشوارع ، او دعونا نتخيل ان عربيا يذهب الى الصين وينزعج من رؤية الصينيين !!!! او يذهب الى افريقيا ويزعجه رؤية المواطنين من البشرة السمراء !!!
ترامب منزعج من وجود اختلاف الاجناس في القارة الامريكية ؟ لماذا ؟
الاسبان كانوا قبله في امريكا ، والبرتغاليون كانوا قبله ، والسكان الاصليين قبلهم جميعا .
وفي النهاية ان البشر لا يستغنون عن بعضهم البعض ، وانا مع ان تقوم الدول التي منعها ترامب من دخول الولايات المتحدة ، بمنع الامريكيين من دخول اراضيها . فليس أكثر عدلا من التعامل بالندية والمثل . رغم انه اسلوب قديم ومتخلف ، الا انه يضمن في النهاية ان يشعر ترامب بمعنى قراراته على جدله .
والحمد لله ان الوطن لا يحتاج الى فيزا . ولا يحتاج الى كفيل ، ولا يحتاج الى اذن من رئيس او من جهاز أمني لتبقى فيه .