نشر بتاريخ: 06/02/2017 ( آخر تحديث: 06/02/2017 الساعة: 10:10 )
الكاتب: ماهر حسين
كنت قد قرأت بإعجاب الرسالة التي وجهها جورج بوش الأبن لخلفه باراك أوبامـــا إبان تسلمه الرئاسة الأمريكية والرسالة بهـــا من العبر التي إختصرهـــا منذ زمن المثل العربي القديم: لو دامت لغيرك لما وصلت إليك .
يومها كانت تسود حالة من الإعجاب والأمل في رئاسة أوباما للولايات المتحدة الأمريكية، وقلنا حينها ونكرر اليوم أنّ الحكم في الولايات المتحدة الأمريكية عملية ديمقراطية يختار بها الشعب من يريد للرئاسة، وفي الوقت عينه هناك تقاليد وسياسيات تكبّل أي رئيس خلال فترة الحكم .
التقاليد السياسية والسياسات الأمريكية تحكمها مؤسسات عريقة وذات جذور عميقة تخضع لمصالحها. فلا يوجد رئيس قادر على إحداث إنقلاب في السياسة الأمريكية؛ وإن كان هناك مجموعة من القضايا التي قد يؤثر فيها الرئيس القابع في البيت الأبيض، وهي كذلك ليست قضايا شخصية. فهناك خلف كل رئيس حزب ومؤسسات حزبية وسياسات للدولة الأعظم قوّةً في العالم كما يحلو للبعض القول .
بالطبع ... هناك فرق بين وعي رئيسٍ وآخر. وهناك فرق بين خلفية رئيس وآخر. ولكن هناك سياسات داخلية وخارجية، ومؤسسات تقف خلف هذا الرئيس توجهه وتؤثر في قراراته إن لم نقل أنها هي صانعة القرارات بامتياز.
في متابعة سريعة للرأي العام العربي، أي المواطن العربي البسيط وأغلب المحلّلين السياسين نلاحظ الإنتقال السريع من الإفراط في التفاؤل الذي رافق انتخاب اوباما، الى سلبية التشاؤوم عند أستلام ترامب للحكم.
دون أدنى شك إن المواطن الأمريكي يتشابه مع المواطن العربي وكما أيّ مواطن في أصقاع الأرض يهمه الشأن الداخلي في بلده من غلاء معيشةٍ وبطالة وإقتصاد وإستقرار إجتماعي وبالطبع أمني. إذ أنّ كل ما سبق يؤثر بشكل مباشر على حياتهم اليومية والمستقبلية وبخاصة في الدول التي تولي مواطنيها اقصى درجات الرعاية الاجتماعية والخدماتية من طبابة و تعليم و بدل بطالة وغيرها.
هذا حق مكتسب لكل مواطن أضف إليه حق المواطن في السعادة والرخاء إن أمكن ومترافقاّ بالطبع مع حقوق المواطن الثابتة في العدل والمساواة بالتعامل معه بعيدا" عن لونه وجنسه ودينه وعرقه وأصوله طالما أمتلك مواطنة البلد .
قضايا كبيرة ومتعددة أثيرت على الرئيس الأمريكي المنتخب (ترامب) وهي قضايا داخلية تخص الولايات المتحدة الامريكية، أما بالنسبة لي كفلسطيني إنّ جلّ ما يهمني هو موقف الرئيس (ترامب) من قضيتنا العادلة وأرجو أن يكون موقفه داعم للسلام وللحق وللشرعية الدولية .
ولكن لا أراهن على (ترامب) كما لم أراهن من قبله على (أوباما). إنّما أنا أراهن على الصمود الفلسطيني والحنكة السياسية المدعومة عربيا"بموقف ثابت من فلسطين ومعنا بالطبع كل أنصار الحق والحرية والسلام في العالم .
طبعا" أرجو أن يكون موقف الولايات المتحدة الأمريكية متوازنا" عقلانيا" يقوم على وعي للصراع القائم في المنطقة وضرورة حله كخطوة أولى وهامة للتخلص من كل أسباب التطرف والعنف في المنطقة والعالم .
فمن فلسطين ينبع السلام وفي قدسهـــا فقط يمكن لكل المؤمنين الصلاة .
ما نطالب به حق وليس منحه من أحد وما نرجوه هو العدل وليس المساعده وطريقنـــا ما زال به الكثير لننال حريتنا وليعم السلام أرض السلام .
تلك الأرض التي أوجز حالها شاعرنــا الكبير محمود درويش عندما قال :
سلاماً لأرضٍ خُلقتْ للسلامِ
وما رأتْ يوماً سلاما
علينا اليوم تعزيز علاقتنا عربيا"، إقليميّاً وعالميّاً لنتمكن من مواجهة أي إعتداءٍ على حقوقنا المحمية بالشرعية الدولية، وعلينا أن نعي بأن المصالح تحكم السياسات ولكن هناك مجال دائم للدفاع عن الحق والعدل والحرية والسلام وهناك هامش للأخلاقيات والإنسانية علينا أن نستغله.
وعلينا كذلك التعامل بواقعية مع القادم للبيت الأبيض بإعتباره حاكماً لأقوى دولة في العالم، ومع ذلك هو لا يحكم العالم ، مما يستدعي العقول والوعي والحكمة والنديّة تعزيزاً للحوار وللتنسيق من على قاعدة الحق والمصالح والعدل وبهدف تحقيق السلام العادل والشامل .