نشر بتاريخ: 06/02/2017 ( آخر تحديث: 06/02/2017 الساعة: 15:57 )
الكاتب: دكتور ناجى صادق شراب
ماذا تريد إسرائيل من الرئيس الأمريكى الجديد غير الذى حصلت عليه من كل الإدارات السابقة؟ وكيف يري الرئيس الأمريكى إسرائيل؟ فالعلاقات ألأمريكية ألإسرائيلية من الرئيس ترومان حتى الرئيس أوباما كما جاء فى كتاب دنيس روس محكوم عليها بالنجاح. فالثابت الوحيد فى السياسة الخارجية ألأمريكية فى الشرق الأوسط هو إلتزام كافة الإدارات الأمريكية بأمن وبقاء إسرائيل، والتعهد بالتفوق العسكرى النوعى على بقية الدول العربية. وثبات العلاقات بينهما لا يعنى وجود بعض التفاوتات من إدارة لأخرى ، وتباين النهج والرؤية التى ترى فيها أمريكا دور إسرائيل فى الإستراتيجية الأمريكية العليا.
فإدارات معينه كإدارة ترومان وريغان وكلينتون وجورج بوش الأبن تؤكد على القيم المشتركة التى تحكم العلاقة ، وهنا الإلتزام على اى إعتبارات أخرى. والبعد الدينى واضح، الذى يربط بين بقاء إسرائيل وعودة المسيح المنتظر، وهنا تلعب الأصولية المسيحية دورا هاما. وهناك إدارات اخرى مثل كإدارة أيزنهاور ونيكسون وجورج بوش ألأب ترى العلاقة من منظور انها صفر مع حلفائه من الدول العربية. وذهبت ان العلاقات مع إسرائيل قد تحمل فى طياتها قدر من الضرر للعلاقة مع الدول العربية. اما إدارة الرئيس اوباما والتى أنهت علاقاتها بالنقيضين، إتفاق عسكرى غير مسبوق مع إسرائيل يبلغ 3.8 مليار دولارإلتزاما بامن وبقاء إسرائيل، وبالإمتناع عن التصويت لقرار 2334 الذى يدين كل الإجراءات الإستيطانية فى الأراضى الفلسطينية ، ويدعو إلى إنهاء الإحتلال الإسرائيلى وتبنى حل الدولتين ، وهو ما اعتبرته إسرائيل خروجا عن علاقة الولايات المتحدة بإسرائيل، وهاجمته . وليس معنى ذلك ان الرئيس أوباما قد تخلى عن الإلتزام بامن وبقاء إسرائيل.وما ميز إدارة أوباما انه قد ميز بين البعد ألأمنى والبعد السياسى ـ وان من حق الإدارة ألأمريكية ان تكون لها وجهات نظر مختلفة بشأن قضايا المنطقة كالملف النووى الإيرانى ، والإستيطان وقيام الدولة الفلسطينية .
والسؤال اليوم بعد إدارة الرئيس ترامب كيف ستكون العلاقة ؟ وماذا يمكن ان تقدم إدارتها أكثر مما قدمته الإدارات السابقة ؟ بقراءة سريعة لخطاب ترامب الإنتخابى ، وخطاب التنصيب، يمكن القول ان نظرته قد تكون إمتداد لإدارة الرئيس جورج بوش الأبن، تأثير الكنيسة الإنجيلية والأصول المسيحية ، والإنتماء لنفس الفكر اليمينى التعصبى ، وموقفه من الإسلام الراديكالى ، وتجعلنا نذهب للقول انه يرى فى إسرائيل نفس الصورة التى يحملها عن الولايات المتحدة ، وبداية التحول الذى قد طرأ على رؤيته بلقائه بلجنة ألأيباك وحرصه على الصوت اليهودى ، بعدها كان التأييد واضحا لما تريده إسرائيل. وقد بدا الموقف المؤيد للرئيس ترامب من الضغط الذى مارسه على إدارة أوباما لعدم الإمتناع عن التصويت على القرار المذكور، وتعهده ان غدا ليس بعيد، وان كل شئ سيتغير بما فيها الدعم المقدم للمنظمة الدولية عقابا لها، ومطالبته بتغيير القرار ونقضه، وتعهده بنقل السفارة ألأمريكية من تل أبيب إلى القدس ناسفا موقف كل الإدارات السابقة التى آثرت التاجيل فى تنفيذ قرار النقل، ومما يمكن من التنبؤ برؤيته وسياسته إزاء إسرائيل فريق العمل الذى سيعمل معه فى هذا الملف : تعيينه لفريدمان سفيرا له فى إسرائيل وهو من اكثر الداعمين للبناء الإستيطانى ، ودعم إسرائيل، وتعهد بإدارة العلاقات من القدس التى له فيها سكن دائم، وتعيينه وليد فارس مستشارا لشؤون الشرق الأوسط والمعروف بتحيزه لإسرائيل وكراهيته للفلسطينيين، وتعيينه صهره مبعوثا خاصا للشرق الأوسط وإدارة ملف التفاوض، والمعروف بدعمه للنشاط الإستيطانى وأصوله اليهودية.
لا شك هذا الفريق هو من قد يقرر سياسة الرئيس ترامب إزاء إسرائيل ، ويبقى السؤال ماذا تريد إسرائيل من مثل هذه إدارة؟ تريد إسرائيل ما هو أبعد من الإلتزام بامن وبقاء إسرائيل، ومن المساعدات المالية والعسكرية ، تريد ما هو اعمق وأبعد فى العلاقة ، وذلك بنقلة نوعية فى العلاقات بينهما متجسدا فى توقيع معاهدة دفاع مشرك تؤكد فيها الولايات إضافة لما سبق التعهد ان أى حرب على إسرائيل هى حرب على الولايات المتحدة ، وذلك فى مواجهة التهديدات المشتركة كالإرهاب والقوة النووية الإيرانية ، ولذا تطالب الولايات المتحدة بمراجعة الإتفاق النووى ،وتعديله بما يضمن هذه الرؤية ألإستراتيجية . وعلى مستوى القضية الفلسطينية تريد إسرائيل التخلص نهائيا من القضية الفلسطينية ،بما يتفق ورؤية اليمين الذى يحكم إسرائيل، بالتخلص اولا من حل الدولتين والتفكير فى الحلول البديلة كالوطن البديل مع الأردن والحل الكونفدرالى ، والحلول المتعلقة بالحقوق الإنسانية ، والإعتراف بحق إسرائيل فى التمدد الإستيطانى ، وضم الكتل الإستيطانية الكبرى كمعاليه أدوميم لإسرائيل بما يعنى إستحالة قيام الدولة الفلسطينية , إسرائيل تريد ما هو اكثر من نقل السفارة او الحماية فى مجلس ألأمن، تريد ان تحدث تحولا فى العلاقة لصالح إسرائيل أولا، وحتى لوجاءت على حساب مصالح الولايات المتحدة فى المنطقة. إسرائيل تريد بهذه المطالب التخلص من القضية الفلسطينية ، من ثم إلغاء كل قرارات الشرعية الدولية ومحوها من أرشيف الأمم المتحدة. حاولت إسرائيل التخلص من الشعب الفلسطينى وقضيته ولكنها فشلت رغم كل سياسات القوة والتهويد والإستيطان، واليوم تريد ما عجزت عنه لتقوم به إدارة الرئيس ترامب، من خلال فرض تسوية سياسية وحلولا تهدر حق الشعب الفلسطينى فى دولته ، وحقه فى تقرير مصيره. ويبقى السؤال هل ستسجيب إدارة الرئيس ترامب لهذه المطالب التى تفوق قدرة السياسة ألأمريكية على تنفيذها؟ هذا ما قد تكشف عنه السنوات ألأربع القادمة . وتبقى إرادة الولايات المتحده كدولة مؤسسات أكبر من قدرة الفرد الواحد حتى لو كان الرئيس ترامب. هذه السياسة والوعود والمطالب سيتوقف تنفيذها على الموقف العربى والفلسطينى ، وعلى محددات السياسة الأمريكية فى المنطقة ، وعلى التحديات الكثيرة التى تنتظر ترامب. ويبقى السؤال ما هو الدور الذى يمكن ان يقوم به صهره كوتشينر كمنسق لعملية السلام؟ هناك فرصة لهذه التسوية لو أدرك ترامب ان هناك شعب فلسطينى له حقوقه المشروعة فى أرضه، ومعه قوة الشرعية الدولية , يملك ترامب اوراقا كثيرة لإنقاذ ما نبقى من حل الدولتين فهل يضيع هذه الأوراق كما أضاعتها إدارة الرئيس أوباما على مدار ثمان سنوات؟