نشر بتاريخ: 08/02/2017 ( آخر تحديث: 08/02/2017 الساعة: 15:31 )
الكاتب: حيدر عيد
هذا ما يشعرنا به ما سمي "بقانون التسوية", قرار الكنيست الإسرائيلي المتعلق بمصادرة الأراضي الفلسطينية لصالح الإستيطان. هذا ما حصل بالضبط بعد نكبة ال 48, وأصبح أمراً واقعاً، بل مقبول من قبل المجتمع الدولي والقيادات الفلسطينية حينها، لدرجة أننا أصبحنا نستشهد من أجل 22% مما تبقى من الأرض الفلسطينية على أساس أن الباقي ليس لنا. قانون تبييض المستوطنات الذي صادقت عليه الكنيست بأغلبية 62 صوتاً مقابل 52 صوتاً عارضوا القانون، يتيح تبييض وشرعنة حوالي 50 بؤرة استيطانية قائمة تضم أكثر من 4 آلاف وحدة سكنية للمستوطنين، كما يسمح بالبقاء في أراضي ثبتت ملكيتها لمواطنين فلسطينيين دون إخلائها مع "تعويضهم" إذا ما أثبتوا ملكيتهم لها.
وكانت الإدارة الأمريكية السابقة، التي أفرطنا في الوثوق بها،قد أدلت بدلوها قبل مغادرتها بيومين عن قرب تلاشي "حل الدولتين" بسبب الاستيطان، بل أن باراك أوباما في خطاب الوداع قد تحدث عن نهاية ذلك الحل. ثم قام العديد من المسئولين والسياسيين الفلسطينيين برؤية الفيل (الهائل) في الغرفة (الصغيرة) وإطلاق التحذيرات التراجيدية تراوحت بين التحذير من "تدمير حل الدولتين" والوصول إلى"نقطة اللاعودة وقرب دفن حل الدولتين!"
والحقيقة هي أن أغرب ما يعنيه التكرار الممل عن "قرب تلاشي حل الدولتين" (وكأنه لم يتلاشى منذ فترة طويلة) هو أنه يُستخدم كفزاعة، بمعنى ان البديل هو الدمار الشامل! و هنا لابد من ذكر أنه في حالة مشابهة تاريخياً من النضال ضد الاستعمار الإستيطاني في جنوب أفريقيا, تحت حكم نظام الأبارثهيد العنصري, كان إصرار حزب المؤتمر الوطني الأفريقي بقيادة نلسون مانديلا و رفاقه, و كل الحركة المناهضة للأيارثهيد, على عدم الاعتراف باستقلال المعازل العرقية قد أدى في المحصلة النهائية إلى "تلاشي" حل ال5"دول المستقلة" في جنوب أفريقيا, و بالتالي القضاء على نظام الأبارثهيد السياسي و الإقرار بالجرائم المرعبة التي مارسها المجرمون العنصريون الذين لا يختلفون بأي شكل من الأشكال عن نتانياهو و ليبرمان و بينيت, مع بعض الاختلافات الواضحة في نسبة معدل الذكاء!
ولكن يوجد أيضاً تغيير طفيف على خطاب العديد من السياسيين على أعلى المستويات حيث أصبحوا يستخدمون كلمة أبارثهيد عند التطرق للاحتلال الإسرائيلي (1967). مع الفارق بين ما يطرحه هؤلاء وبعض النشطاء هو أن إسرائيل تمارس جريمة الأيارثهيد في مناطق ال48 أيضا.
ويبرز السؤال التالي: بعد مصادقة الكنيست على هذا القانون الذي يشرعن التطهير العرقي في الضفة الغربية والقدس، هل سنبدأ بتقديم لوائح اتهام في المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي، على الرغم من تهديدات الرئيس الأمريكي الجديد الذي لا يختلف أيديولوجياً عن حكام إسرائيل؟! ما الذي يجب أن تقوم به إسرائيل أكثر من ذلك، وهو عمليا ً يعني قتل "الحلم" البرجوازي الفلسطيني بإقامة دويلة، لإقناعنا بالقيام بتلك الخطوة؟
عند توقيع اتفاقيات أوسلو، كان السؤال الذي يطرحه المدافعون عنها: ما هو البديل؟ ولا زلنا نسمع نفس السؤال وكأن العنصرية والتطهير العرقي والاستعمار الاستيطاني ما هي إلا ظواهر طبيعية لا يمكن بالسيطرة عليها؟ فماذا كان البديل للأبارثهيد في جنوب أفريقيا؟ 4دول "مستقلة" لأصحاب الأرض على 12% من أرض جنوب أفريقيا؟
البديل لحل عنصري (دولتان على أساس إثني-ديني) هو المساواة والعدالة والحرية..
لقد آن الأوان للعمل من أجل استراتيجية نضالية جامعة تشمل كل مكونات الشعب الفلسطيني: 67, 48, و شتات، مع مراجعة نقدية جدية للفترة السابقة، أي تلك التي توجت بتوقيع اتفاقيات أوسلو و ما تلاها واعتبار الوسيط الأمريكي محل ثقة على الرغم من تحالفه الاستراتيجي مع المؤسسة الصهيونية الحاكمة و إيمانه بمشروعها الاستعماري الاستيطاني, بل خارطة طريق جديدة بعيداً عن الأيديولوجيات الحزبية ضيقة الأفق, و بعيداً عن حلول عنصرية تم ترويجها من خلال خلق وعي زائف يرى أن الوطنية الفلسطينية تتجلى فقط في نضالات أبناء الضفة الغربية و قطاع غزة..