نشر بتاريخ: 14/02/2017 ( آخر تحديث: 14/02/2017 الساعة: 15:16 )
الكاتب: أحمد مسمح
أفضت الانتخابات الداخلية لحركة حماس إلى انتخاب يحيى السنوار قائداً عاماً للحركة في قطاع غزة وخليل الحية نائباً له، وعلى غير عادة تلك الانتخابات الداخلية التي كانت تتم بسرية تامة، فقد حظيت هذه المرة بتغطية إعلامية ومتابعة حثيثة من شتى الإعلاميين والمحليين وحتى الإعلام الصهيوني، وذلك لحساسية المرحلة التي تمر بها الأوضاع الإقليمية والدولية، وكذلك للتطورات التي تشهدها حركة حماس على الصعيد الداخلي، خصوصاً إصرار خالد مشعل على عدم الترشح لرئاسة المكتب السياسي.
وعلى كل حال، أياً كانت تلك التقديرات، فمن هو يحيى السنوار الذي فاز بقيادة حماس في القطاع؟ وما هي دلالات انتخابه رئيساً عاماً للحركة في القطاع؟ وما هي النتائج المتوقعة بعد هذا الفوز؟ وهل يختلف عن من سبقوه في قيادة الحركة؟ وإن كان عالم السياسة لا يصلح فيه الجزم بالنتائج أو التقديرات، وتبقى في حيّز التحليل ووجهات النظر، التي قد تخطأ وتصيب، لهذا سأحاول في هذا المقال تحليل ما أراه من وجهة نظري:
من هو السنوار:
حسب موقع ال(BBC) وُلد يحيى إبراهيم حسن السنوار عام 1962 في مخيم خان يونس في قطاع غزة، وتعود أصوله إلى مجدل عسقلان، وقد عاشت أسرته في مخيم خان يونس، وكان السنوار أعتقل إدارياً أول مرة عام 1982 لمدة 4 شهور، وفي عام 1985 اعتقل مرة أخرى بتهمة تأسيس جهاز الأمن الخاص بحماس الذي عرف باسم "مجد"، وفي عام 1988 اعتقل إدارياً، قبل أن يُنقل للتحقيق مجدداً ويتم الحكم عليه بالسجن المؤبد إلى أن أفرج عنه في "صفقة شاليط" عام 2011م، وجرى انتخابه عضو مكتب سياسي للحركة عقب خروجه من السجون الإسرائيلية في العام 2012، في عام 2015 أدرجته واشنطن على اللائحة السوداء لـ"الإرهابيين الدوليين".
لماذا السنوار بالذات:
يحظى يحيى السنوار (أبو إبراهيم) بقَبول كبير في أوساط القيادة السياسية والعسكرية، وكان له دور كبير في التنسيق بين الجناح السياسي والعسكري، وقد عينته حركة حماس عام 2015 مسؤولاً عن ملف الجنود المختطفين لديها، ليقود أية مفاوضات أو صفقات، والذي يُعرف عنه صلابته وشدته وتمسكه بموقف الحركة، وهو شخصية أمنية كبيرة، لا يظهر كثيراً في الإعلام، ويمتلك كاريزما كبيرة، خصوصاً أنه يمثل الجيل المؤسس الأول لكتائب القسام.
وتتخوف إسرائيل كثيراً من انتخاب السنوار قائداً عاماً لحماس، كما أشارت صحيفة معاريف (الاثنين 13/2/2017) بأنه شخصية متطرفة ويمثل هذا إقصاء لهنية عن قيادة الحركة، وهذا من شأنه أن يغير الخارطة الداخلية والخارجية للحركة المسيطرة على قطاع غزة بشكل كامل، حيث سلّط الإعلام العبري الضوء على هذا الحدث وانعكاسات ذلك على مستقبل حركة حماس.
الدلالات والإشارات:
إن انتخاب حركة حماس يحيى السنوار قائداً عاماً للحركة في قطاع غزة له العديد من الدلالات والإشارات والنتائج:
أولاً- إن يحيى السنوار هو أسير سابق وقائد من الجيل الأول، جاء من الخلفية العسكرية وهو الآن قريب من دائرة القرار العسكري، ويعتبر من الشخصيات البراغماتية، ولا يرغب في الحلول الوسط مع الاحتلال الصهيوني، وهو سيؤثر في صناعة القرار في المؤسسات الحركية.
ثانياً- لم تعهد حركة حماس على طول تاريخها أن يصعد إلى رأس قيادتها قائد عسكري، حيث تناوب على قيادتها الشيخ المؤسس أحمد ياسين والدكتور الرنتيسي ونزار عوض الله وإسماعيل هنية، وهم بلا شك قادة سياسيون، ويكون في المكتب السياسي كالعادة ممثل عن الجناح العسكري.
ثالثاً- لا شك أن انتخاب السنوار في وجود إسماعيل هنية يدل على ضخ دماء جديدة في الحركة، حيث صعد مع السنوار في هذه الانتخابات الدكتور الزهار وروحي مشتهى وفتحي حماد، وهو يدل على سيطرة الجناح العسكري على الحركة في القطاع، كما يرى المراقبون.
رابعاً- إن حركة حماس –بلا شك- قادمة على مرحلة جديدة تختلف عن سابقاتها كما هو واضح من الأحداث، حيث إن حكم "العسكر" يطل بشبحه على الأوضاع، وهذا بالتأكيد سيؤثر على قرارات الحركة وتعاملها مع الملفات الإقليمية والدولية، التي تحتاج إلى من يناور ويحاور يستوعب الدروس جيداً.
خامساً- إن قطاع غزة يعج الآن بالأزمات المختلفة والمتتالية التي لم يجد هنية حلاً لها رغم جولته الأخيرة ورغم القَبول الذي يحظى به في الدول التي زارها وجلس مع قيادتها، وربما أن العسكر القادمين على القيادة لن يكون معهم "الحل السحري" ولن يكون التصعيد للمواجهة مع الاحتلال أحد هذه الحلول.
سادساً- إن شبح الحرب الذي يلوح الآن في الأفق في قطاع غزة، وما يهدد به قادة الاحتلال قطاع غزة، قد تتغير استراتيجية الاحتلال مع صعود العسكر خصوصاً مع تطوير القدرات العسكرية لكتائب القسام، وبالتالي سيحسب الجيش الإسرائيلي بعد ذلك ألف حساب لقرار المواجهة العسكرية.
سابعاً- يرى كثيرون أن انتخاب السنوار قائداً للحركة هو مخرج من أزماتها، وسيكون السنوار رجل المرحلة القادمة لما تحمله من مواجهة محتملة، وهو الأقدر على تجاوز تلك الأزمات، ويرجّح المحللون أن هنية سيتولّى رئاسة المكتب السياسي خلفاً لمشعل، مما سمح المجال في غزة بانتخاب السنوار.
ثامناً- إن الجماعة التي يقودها العسكر وينزوي فيها السياسيون والمفكرون هي في أزمة وكارثة، وليس شرطاً أن تخفق وتتراجع، وربما ستنجح في التعامل مع تلك الملفات حيث أخفق آخرون.
أخيراً، إن هناك العديد من الملفات التي تنتظر القائد الجديد، والتحديات التي تواجهه هي؛ العلاقة مع مصر، والمصالحة الوطنية، وصفقة التبادل، وتطوير قدرات المقاومة.
لا شك أن المرحلة القادمة تحمل الكثير من المفاجئات خصوصاً مع تحسن العلاقة مع مصر وإيران، الذي يرى السنوار ضرورة الانفتاح معها دون تأثير الأحداث الإقليمية عليها، وقد عوّدتنا حركة حماس على خطوات جديدة.