نشر بتاريخ: 16/02/2017 ( آخر تحديث: 16/02/2017 الساعة: 10:30 )
الكاتب: عقل أبو قرع
من شاهد الاستقبال الدافئ والحفاوه الحاره التي لقيها رئيس الوزراء الاسرائيلي على عتبة البيت الابيض، ومن شاهد المدح العلني والاطراء غير الطبيعي الذي ذكره الرئيس الامريكي "ترامب"، عن نتنياهو مع بداية وخلال المؤتمر الصحفي امام البيت الابيض وأمام العشرات من وكالات الانباء والصحفيين، يستنتج مدى عمق العلاقه الشخصيه وغيرها بين الاثنين، ورغم بعض ردود الفعل الحذره التي اظهرها ترامب على بعض الاسئله المتعلقه بالمستوطنات ونقل السفاره الى القدس والموضوع الايراني والحلول الاقليميه وطبيعة الحل المرتقب بين الفلسطينيين والاسرائيليين، الا انه من الواضح أن المصالح الاستراتيجيه الامريكيه في العلاقه مع اسرائيل هي التي سوف تحكم سير هذه العلاقه واسرائيل هي الدوله الوحيده في المنطقه التي تعتبر الحليف الاستراتيجي، والتي تحمي المصالح الامريكيه وتدافع عنها في المنطقة.
وفي ظل ذلك، من المفترض أن لا ننسى أن السياسه الامريكيه في منطقتنا تحددها المصالح الامريكية فقط، وبالاخص المصالح الاستراتيجيه أو المصالح بعيدة المدى، وبالتالي فأن الحفاظ على العلاقه مع من يعمل على حماية هذه المصالح أو الحرص عليها، كانت وما زالت وسوف تبقى الاولويه التي تحدد مسار السياسه الامريكيه في المنطقه وفي العالم، بغض النظر عن وصول ترامب أو وصول قبله أوباما الى سدة الحكم في البيت الابيض، ومن المعروف كذلك أن القرارات في الاداره الامريكيه، وبالاخص القرارات الاستراتيجيه هي محكومة بتوازن القوى بين المؤسسات الامريكيه المختلفه، اي البيت الابيض والكونغرس ومنظومة القضاء، وبالتالي من غير المتوقع حدوث تغيير جذري أو تغيير استراتيجي سريع في السياسه الامريكيه نحونا أو في العالم، وأن حدث فأن هذا التغيير قد يكون تكتيكيا أو لتصليح مسار أو توضيح موقف.
وبما أن المصالح الاستراتيجيه أو بعيدة المدى الامريكيه هي التي تحدد بوصلة السياسه الامريكيه في منطقتنا، فأن الحفاظ على الحليف الاستراتيجي الذي يحمي هذه المصالح هو أمر لا يمكن الحياد عنه، وهذا الحليف الذي كان وما زال وسوف يبقى وبغض النظر عمن يجلس في البيت الابيض هو اسرائيل، أو الحليف الاسرائيلي الذي تأتمنه الاداره الامريكيه من أجل حماية مصالحها وبأقل التكاليف، وبالاخص في ظل هذه الاوضاع المضطربه والمتلاطمه من سوريا الى العراق واليمن وليبيا ومصر، وصولا الينا أي نحن الفلسطينيين.
والعلاقة الاستراتيجية الامريكية مع اسرائيل تقوم بالاساس على حماية المصالح الامريكية في المنطقة، وبالتالي الحاجة المستدامة، او الراسخة الى وجود حليف يمكن الاعتماد علية او الوثوق بة، او التشارك معة في القيام بذلك، والذي من الواضح، انة في الوقت الحاضر وفي المستقبل المنظور، لا يوجد بديل للحليف الاسرائيلي، وخاصة في ظل الاحداث المتسارعة في المنطقة، وفي ظل تبدل التحالفات وبروز المحاور، وفي ظل تغير الاولويات، والاهم في ظل الضعف والوهن والانقسام والتشرذم، الذي يعصف بالطرف العربي، والذي لا يمكن الاعتماد علية او حتى الوثوق بة، في القيام بالدور الذي قام ويقوم به الطرف الاسرائيلي، في حماية المصالح الاستراتيجية الامريكية، والتي وفي نقاط عدة تتداخل مع المصالح الاسرائيلية في المنطقة.
اما التناقض الظاهري او السطحي في بعض الاحيان بين الموقفين الامريكي والاسرائيلي، وبالتحديد فيما يتعلق بالنظرة الى عملية السلام، والى حل " الدولتين"، فلا يعدو كونة خلافا في الكيفية او في التفسير للحفاظ على مصالح او استقرار او امان الطرف الاسرائيلي، لانة اصبح من الواضح، ان "حل الدولتين"، وبغض النظر عن التعريف للدولتين، هو الامثل من وجهة النظر الامريكية للحفاظ على مصالح حليفة، في ظل بدائل اخرى، ربما تكون اسوأ، سواء من خلال حل الدولة الواحدة، او من خلال مواصلة الاحتلال، وبالتالي تعميق سياسة الفصل العنصري، او اية خيارات اخرى غير عملية.
وبالتالي فأن الحديث عن التغيير في السياسه الامريكيه في المنطقه ونحونا، سواء أكان بالايجاب أو بالسلب، هو غير متوقع بالشكل الاستراتيجي الذي يمكن ان يتوقعة البعض، وان ما يتم الحديث عنة أو التنبؤ به، لا يعدو شكليا او ظاهريا، اوان الجانب الاسرائيلي يعي ذلك، ويعرف ان الامريكيون في الوقت الحاضر وفي المستقبل المنظور، لا يمكنهم الاعتماد او الوثوق بحليف اكثر أو أعمق أو أصدق من الحليف الاستراتيجي الاسرائيلي، وأن حزمة المساعدات الاقتصاديه الامريكيه لاسرائيل، التي لم يسبق لها مثيل، والتي تم توقيعها في عهد الادارة الحاليه لاوباما، لهي شاهد على ذلك.
ومع انتظار الخطوات العمليه للرئيس الامريكي الجديد حول الموضع الفلسطيني الاسرائيلي، والتي لن تنحرف عن اطار مصالحها الاستراتيجيه في المنطقه، الجديد، فأن علينا ان لا ننساب عاطفيا سواء بالسلب أو بالايجاب مع التصريحات أو الوعود فيما يتعلق بحلول " الدولتين" أو الدوله الواحده أو الحل الاقليمي الكبير أو الحل الصغير، ، وان لا نغير نظرتنا او مواقفنا وبالاخص نحو التوجة الدولي الانساني، ونحن نعلم ان هناك مصالح او علاقات استراتيجية لا تتغير بتغير الاشخاص او المسؤولين أو حدة التصريحات أو الوعود.