نشر بتاريخ: 16/02/2017 ( آخر تحديث: 16/02/2017 الساعة: 14:43 )
الكاتب: فادي أبو بكر
يرى الفيلسوف الفرنسي جابرييل مارسيل أن الذات ليس موضوع بل حرية، فليس في وسعها أن توجد دون أن تعلو على نفسها، وهذا التعالي هو حركة الذات في نزوعها نحو تحقيق ماهيتها.
الحياة ببساطة هي حركة، والحركة تغيير، والتغيير نقد، وبالتالي فالحياة هي النقد، النقد في سبيل تحرير الحقيقة، وما تحرير الحقيقة إلا السبيل الوحيد لتحقيق الحرية (حرية الذات).
هل الهدف من الحياة إذاً هو الوصول بالذات إلى الحرية المطلقة ؟ وكيف يمكن الجزم بأن هذه الذات أو تلك قد وصلت الحرية المطلقة ؟
لا أعتقد أن هناك إجابة حتمية مطلقة على هذه التساؤلات، ولكن في محاولة لفهم ماهية حرية الذات المطلقة، يمكن أن نتخيل مدى الحرية التي وصلتها الذات الخاصة بالكرواتي ستيبان فيليبوفيتش، الذي صرخ قبل لحظات من إعدامه عام 1942 قائلاً "الموت للفاشية، الحرية للشعب"، أو صرخة صدام حسين التي كانت كلماته الأخيرة قبل إعدامه " الله أكبر..عاشت الأمة.. عاشت فلسطين" أو تلك الخاصة بياسر عرفات الذي قال لأعدائه حينما حوصر في مقر المقاطعة برام الله"شهيداً شهيداً شهيداً ".
كيف يمكن فهم ذوات الأسرى المضربين عن الطعام لأيام طويلة، والموت ينتظرهم في أي لحظة وتراهم يزدادون صلابة وصموداً رغم نحولة أجسادهم وخور قواهم.
يا تُرى هل هذه اللحظات التي تسبق الموت هي لحظات الحرية المطلقة، والتي وصفتها رضوى عاشور بالجنون الجميل في إشارتها إلى الصغار الذين يواجهون الدبابة فى فلسطين، وبأنهم يختارون لحظة مطلقة من المعنى، و القدرة، حرية مركزة و بعدها الموت.
لا أدري ما هي الحرية المطلقة، ولكن ما أعرفه وأؤمن به هو أن حرية الذات هي أعظم من حرية الأرض وأي حرية أخرى في الوجود. ومن الشواهد التي ذكرتها، فإن حرية الذات المطلقة تأتي في لحظة ما قبل الموت، أو ربما تبدو السماء أحق بالأحرار الحقيقيين من هذه الدنيا !
مهما قرأت من كتب تتحدث عن الحرية، من أولئك فقط يمكن أن تتعلم منهم معنى أن تكون حراً. وذلك بأن لا تخاف من أحد فـ "أحد" ليس ربك، وإن كانت لحظة الموت هي التي ستحدد مدى حرية ذواتنا، فلنعش حياتنا كلها وكأنها لحظة ما قبل الموت ولتعلوا ذواتنا على نفسها، فالحرية تأتي في لحظة .. لحظة اختيار .. وحينما تأتي تلك اللحظة فإن اختيارك سيحدد مدى حريتك!