الجمعة: 29/11/2024 بتوقيت القدس الشريف

ايها الاعلاميون لا تظلموا المقاومة الشعبية

نشر بتاريخ: 21/02/2017 ( آخر تحديث: 21/02/2017 الساعة: 14:16 )

الكاتب: نعيم مرار

رداً على تقرير وكالة معا المنشور مساء الاحد 19/2 بعنوان
" هل سقطت المقاومة الشعبية في الشرك"
كنت اتمنى ان لا تقع وكالة معا في هذا الشرك, لما تمثله من مرجع موثوق للخبر والمعلومة لأبناء شعبنا وانا من أولئك المتصفحين للوكالة بشكل شبه دائم وقد تفاجأت من هذا التقرير خاصة انه من وكالة كوكالتكم بحجمها ومستواها ومتابعاتها .
فالمقاومة الشعبية لا يمكن ان تسقط مهما كانت المؤثرات، يمكن ان .تخبو وربما تتراجع نتيجة مؤثرات معينة، لكنها لم تسقط ومن يسقط ربما يكون نموذج مختلق او شكل مصطنع .
رغم ذلك ربما يكون ايجابياً تسليط الضوء على المقاومة الشعبية وما تعانيه كونها الخيار الوطني الذي اجمعت عليه كافة القوى الوطنية والاسلامية في هذه المرحلة، وكنت اتمنى ان تلقي الوكالة انتباهاً على مدار سنوات تراجع المقاومة الشعبية، حين راجت " مقاولة المسيرات " وظاهرة المؤتمرات التي تهدف للتسويق الخارجي، وربما اولى الهفوات في هذا التقرير هو اختيار الصورة التي تمثل نموذج من نماذج المقاومة الشعبية الخاص بموقع محدد، لأن الصورة المعبرة عن المقاومة الشعبية تدلل عليها دون أن يجهد الناظر تفكيره بالتحليل.
والامر الاخر هو تحديد سنوات انطلاقة هذه المقاومة حيث ان الذكرى الثانية عشر هي ذكرى انطلاقة المقاومة الشعبية في نموذج محدد من نماذج المقاومة الشعبية، وهو ايضا موقع بلعين ولا تنسوا ان قبل هذا التاريخ كانت هناك نماذج سابقة انهت مهمتها بنجاح، وسجلت انتصاراً منقطع النظير ولأنكم ركزتم على نموذج محدد فاني ارى انه من المناسب اختيار نموذج اخر للرد على تقريركم، وسآخد نموذج " بدرس " الذي انطلقت فيه الفعاليات الاولى للجدار، وكانت انطلاقة الفعاليات بمثابة جنون ومجازفة وضرب بالخيال، حيث لم يصدق احد ان قرية كبدرس ممكن ان تسجل نجاحا وتكسر قرارا سياسيا اسرائيليا بعد ان انجز اكثر من مئة كيلو متر من جدار الضم والتوسع، وهي لم تتجاوز 1500 نسمة وانطلقت فيها الفعاليات يومياً منذ منتصف العام 2003، وهذا يؤكد مرور ما يقارب 14 عام على بدء فعاليات المقاومة الشعبية، حيث استمرت الفعاليات بشكل يومي عدا الجمعة والسبت الذي تعطل فيه الاليات الاسرائيلية، بعد ما يزيد عن 11 شهرا اضطرت حكومة الاحتلال للخضوع والتراجع بعد ان تمكن الاهالي من تدمير معظم مقاطع الجدار واعاقوا تقدمه، واعادوه الى ما اسموه حدود العام 1948 ، وليس هذا فحسب بل استطاع الاهالي تحرير ما يزيد عن 500 دونم كانت مصادرة منذ العام 1948.
هذا الانتصار لم يأت بالساهل بل كان هناك التهديد والوعيد لقيادة المقاومة واهالي القرية، فلم يكن هناك مسمى نشطاء بل هناك جموع المشاركين من كافة المشارب السياسية والاجتماعية، وكانت لجنتهم الشعبية كذلك تمثل كافة المؤسسات الاجتماعية وكافة القوى الوطنية والاسلامية.
واكتسبت فعاليات المقاومة الشعبية زخماً اضافياً عندما شاركت المرأة الفلسطينية الريفية بجانب اخيها الرجل، وكذلك مشاركة المتضامنين الاجانب والنشطاء الإسرائيليين كعامل مساند وليس اساس، وكانوا يخضعون لإمرة اللجنة الشعبية ويلتزمون بقراراتها.
بعد ان اضطر ضابط الاحتلال و سياسيوه للتراجع امام هذه المقاومة وبعد الفشل سياسة قمع المسيرات بالجرح وبالاعتقال اطلقوا تهديداتهم لاي موقع يمكن ان يحذو حذوهذه القرية، وهذا ما نفذوه فعلا باستهدافها اولى المسيرات التي انتقلت بعد ذلك في قرية بدو شمال غرب القدس، واستشهد اثنان والثالث متأثر بجراحه بعد ذلك في محاولة يائسة اخرى لوأد هذه المقاومة، هذا بالإضافة الى نماذج سبقتها مثل الزاوية وجيوس مثلا.
من هنا آتي على ما تفضل به المختص فؤاد اللحام ان حكومة الاحتلال استشعرت فعلاً خطر المقاومة الشعبية، لكن ربما تختلف الاجتهادات في كيفية استهداف الاحتلال للمقاومة الشعبية، فانا ارى ان حكومة الاحتلال عندما عجزت عن قمع هذه المقاومة ،وعملت جاهدة بمساعدة جهات داخلية وخارجية من حيث "يدرون او لا يدرون " على حرف المقاومة الشعبية عن مسارها وهذا ما حدث بالفعل بعد ذلك، ولدي التأكيد على ما اقول وبعد ان تفاجئنا بنموذج المسيرة الاسبوعية راينا ارتياحا نوعا ما لدى جيش الاحتلال لان يوم الجمعة اقل حدة وتكلفة كون الاليات لا تعمل فيه، فأسرعت فيه وتيرة البناء، ولكن بعد ذلك عندما عادت الفعاليات لتشتد في قرية نعلين مثلاً على غرار فعاليات بدرس، فمارست اسرائيل سياسة قمع عنيفة اتجاه الاهالي هناك حيث قتلت خمس شهداء باقل من عام واغلقت القرية بالمتاريس والأسلاك الشائكة لانهم وقفوا يوميا امام الاليات والجرافات التي تعمل في اقامة الجدار.
وربما لأننا اعتدنا على سياسة اللطم والعويل اكثر من ثقافة الانتصار فقد استسهلت بعض الجهات الرسمية دعم النماذج الشكلية في المقاومة الشعبية، فقد دخلت على الخط حكومتنا الرشيدة السابقة التي اغدقت الاموال على نماذج دون الاخرى حتى في ظل وجود وزارة لمقاومة الجدار والاستيطان، فقد دفعت لبعض مؤسسات المجتمع المحلي العاملة في هذا المجال اكثر مما كانت تدفعه للوزارة في بعض الاحيان، فظهر منذ ذلك الحين مصطلح ناشط وغاندي ومانديلا ظلما.
وهذا لم يكن سرا فقد تحدثنا عن ذلك في كثير من المؤتمرات والندوات وحتى على وسائل الاعلام لأننا راينا كيف تختطف المقاومة الشعبية وتهان ظلما وبهتانا، وايمانا منا بان الكثير من مؤسسات "NGOS" تعمل ضمن اجندات الداعمين فقد عملنا على اعادة الاعتبار للمقاومة واعادتها لمسارها الصحيح في العام 2011، الا ان ذلك قوبل بالرفض وعدم التعاون من الحكومة في حينه، فقد رفضت تحويل الامكانيات للجان العاملة من المقاومة، وان سألتني عن السبب فلدي قناعات لا يمكن ذكرها ،ورغم ذلك استطاعت
المقاومة الشعبية خلق نماذج مشرفة جديدة مثل كفر قدوم التي تشهد ما يشبه الحرب مع الاحتلال يومي الجمعة والسبت وغالبية ايام الاسبوعحيث نشاهد جموع المواطنين من كافة الاتجاهات يواجهون اليات الاحتلال على قلب رجل واحد دون ان تشهد أي تراجع على مدار السنوات الست الماضية.
ونستذكر كذلك ظروف استشهاد القائد الشهيد زياد ابو عين الذي استهدفه الاحتلال عندما بدأ باعادة توحيد المقاومة الشعبية على اسس وطنية تستند اساسا على المواجهة الدائمة مع الاحتلال ومستوطنيه.
وقد قلنا في اكثر مناسبة ان الاسباب وراء تراجع المقاومة الشعبية تختصر في ثلاثة نقاط :
1. اداء الحكومة وتحديدا السابقة الذي حرف البوصلة عن مسارها الصحيح.
2. اداء القوى الوطنية والاسلامية التي عجزت عن ايجاد الاليات اللازمة لتفعيل المقاومة الشعبية لدى عناصرها وعدم امساكها بزمام الامور .
3. مؤسسات "NGOS" التي نشطت في هذا المجال واصبحت تقرر لسبب امتلاكها للمال وكثير منها يعمل حسب اجندة الداعمين ولم تكن اسرائيل بعيدة عن بعض هذه المؤسسات .
هنا اود التأكيد حتى لا افهم خطا فانني انحني احتراما لكل نماذج المقاومة لأنها على اقل تقدير يمكن ان يقال عنها انها همزة الوصل بين الانبطاح الكامل امام المحتل وبين الكرامة. وانحني كذلك امام كل اخ او اخت يرفع الراية والعلم امام جيبات الاحتلال واليات مستوطنيه. المقاومة الشعبية التي نتحدث عنها هي ثقافة المقاومة الشعبية التي يشارك فيها كل الاهالي حيثما وجد الاحتلال ومستوطنيه، اما النماذج سواء كانت مسيرات يوم الجمعة او اقامة القرى التي شاركت فيها هي جزء بسيط من المقاومة الشعبية المطلوبة للرد على سياسات الاحتلال وخير دليل على ذلك هو تلاشي هذه النماذج في ظل وجود ثورة شعبية عارمة، وهذا ما كان واضحا عندما انطلقت الهبة الشعبية في 29/9/2015 من مركز مدينة رام الله باتجاه بيت ايل وانتشرت بعدها كافة الفعاليات في ارجاء الوطن الحبيب، فهل كان أيا منا يتابع او يرى تلك النماذج؟؟؟ فالاصل في الموضوع مقاومة شعبية والفرع هو نموذج هنا ونموذج هناك.
وخير من يشهد على هذا القول قادة المقاومة في كافة المواقع ولا سيما الاخوة المداخلين في تقريركم.
هنا اسجل احتراما للأقلام الحرة والاعلام المقاوم واستحضر ما كتبته اول امس على صفحتي على الفيس بوك .
(( الاعلام ... وما ادراك ما الاعلام.
يستطيع ان يخلق ثورة...ويستطيع ان يحبط فكرة.
يستطيع ان يخلق الحدث...ويستطيع ان يحرف الهدف.
بإمكانه خلق ظاهرة او دعم مظاهرة..وبإمكانه تزييف مناظرة او تلميع مؤامرة.
الاعلام الحر يخلق الثورة ويطور الفكرة ..يخلق الحدث ويصوب الهدف ...يدعم المظاهرة ويكشف المؤامرة.
الاعلااااااام...سلطتنا الرابعة)).