نشر بتاريخ: 22/02/2017 ( آخر تحديث: 22/02/2017 الساعة: 13:02 )
الكاتب: جبريل عودة
يعتبر الأمين العام لحركة الجهاد الإسلامي الدكتور رمضان عبد الله شلح , من الشخصيات الفلسطينية الأكثر إلتصاقاً بقضيتنا الوطنية , فلقد أوقف نفسه في خدمة مسيرة الجهاد ضد المشروع الإستيطاني الصهيوني في فلسطين , وتبرز في مصطلحاته الخطابية قوة الإيمان بعدالة القضية الفلسطينية وأحقيتها بالإنتصار على قوى الشر والإحتلال , وأن الطريق إلى ذلك وفقاً لأبجديات الأيدلوجية التي يلتقي عليها المنتمين لحركة الجهاد الإسلامي في فلسطين , طريق واحد لا ثان لهما وهو الكفاح المسلح , لذا فإن التصادم حتمي بين خيار الجهاد كتنظيم يؤمن بالحل العسكري للصراع مع الإحتلال الغاشم , وبين مشروع التسوية الأمريكي ورعاة الفلسطينيين والعرب , وهو المشروع الذي شكل بوابة للبؤس أورثت شعبنا إنقساماً سياسياً وتراجعاً كبيراً على صعيد القضية الفلسطينية , وبالرغم من ذلك حافظت حركة الجهاد وأمينها العام على علاقة متوازنة مع كافة مكونات الشعب الفلسطيني , على إعتبار أن الساحة الفلسطينية ميدان للعمل الوطني المشترك , وتحتاج جهود الكل بلا استثناء أو إقصاء , وصولاً للغاية الكبرى وهي إزاحة الإحتلال وتحرير الأرض كل الأرض وهي المهمة الرئيسية الكبرى التي تذوب أمامها كل المشاريع الجزئية والمرحلية وأوهام الدولة تحت حراب الإحتلال البغيض .
من هذه المنطلقات تأتي خطابات ومبادرات الأمين العام لحركة الجهاد , صافية ونقية وواضحة بلا شوائب , فحركة الجهاد كخرجة مقاومة ليس لها أي مطمع أو مزاحمة على سلطة تحت الإحتلال , فالمشروع الذي ينادي به الدكتور رمضان عبد الله , أكبر من أن تتحمل أعبائه وأثمانه الباهظة سلطة حكم إداري ذاتي ذو وظيفة أمنية محكومة بإتفاقيات تفريطية, ما ينطق به الدكتور رمضان هو مشروع صاغه الإستشهاديين ووقع عليه القادة بشهادتهم وقد تسربلوا بالدماء وتناثرت منهم الأشلاء , سواء هناك في مالطا بكاتم الصوت من إرهابي الموساد , أو في شوارع وحواري الوطن المحتل بصواريخ الآباتشي الصهيونية وهو مشروع تضحية وفداء يقاوم فيه الكف الفلسطيني مخرز سارقي الأوطان الصهاينة , وهذا المشروع لا يقوي عليه من تسلح بالبدلات الأوربية وإستهوته اللقاءات التفاوضية بلا حدود , هو مشروع لبذل المهج والغالي والنفيس لا مكان فيه لرغد الحياة المزعوم تحت نعال المحتلين ولا حرية التنقل برخصة الـ vib عبر حواجز الإحتلال , وبالتالي فمن الطبيعي أن تعادي السلطة مشروع الجهاد وخطاب الأمين العام .
ما يخطه الأمين العام للجهاد هو كلمة حق وتبيان للمسيرة ووضوح للرؤية والراية , فلماذا ينزعج البعض من هذا النقاء الوطني الثوري الخالي من شبهة الشهوات السلطوية الذي تتميز به خطابات الدكتور رمضان عبد الله ؟! , فلم يعد من السر أن سلطة أوسلو تقدس التنسيق الأمني مع عدونا ومن يغتصب حقوقنا ويدنس مقدساتنا , ويتباهى من يقف على هرم قيادتها بهذا التنسيق الأمني , ويتفاخر بأنه يفتش في حقائب أطفال المدارس بحثاً عن سكاكين ! ويصرخ في كل مناسبة لن أسمح بإندلاع إنتفاضة ويقف بأجهزته الأمنية أمام كل حراك مقاوم ضد الإحتلال ومستوطنيه في الضفة المحتلة , فلم يفضح الدكتور رمضان عبد الله المستور بل وصلت عداوة السلطة وفريقها للإنتفاضة إلى حد المجاهرة بلا خجل.
ألم تفقد السلطة مشروعها السياسي القائم على مبدأ تفاوض تم تفاوض تم تفاوض إلى ما لا نهاية , ولم يوقف إسهال التفاوض إعتراف كبير المفاوضين بأن عشرين عاماً من التفاوض كانت مضيعة وقت , ومع ذلك يستمر التعلق بهذه المضيعة , كمشروع إستراتجي للسلطة وحزبها , وهذا ما أنتجه المؤتمر السابع مؤخراً , فهل نسمح لمشروعنا الوطني أن يتقزم بفعل الرؤية الخاطئة والقاصرة والفئوية ليصبح إستجداء دويلة مقطعة الأوصال تخنقها المستوطنات , دويلة تخدم الإستراتيجية الأمنية للكيان الصهيوني , وهي بذلك تكون معول هدم في مشروع الإستقلال الوطني عبر إنهاء القضية الفلسطينية لصالح مشاريع التسوية والتطبيع .
وتستمر حالة الفشل السياسي لفريق التسوية دون تراجع أو تقييم , وخاصة بعد لقاء نتانياهو ترامب ,والتراجع عن فكرة حل الدولتين , التي كان تعول عليه قيادة السلطة لحفظ ماء الوجه , مع إستمرار التغول الاستيطاني والأمني الصهيوني في الضفة المحتلة ,وهذا يتطلب من كل الغيورين دق ناقوس الخطر , لوقف هذا الإنحدار السياسي الكبير , وما ينتجه من إنعكاسات وتأثيرات سلبية على قضيتنا الوطنية, فهل نبقى مكتوفي الأيدي نخشى الصدع بكلمة الحق , وتوصيف الحالة الوطنية وإعطاء العلاج اللازم وعلى المريض أن لا ينزعج من مرارة الدواء وما يتسببه من آلام تفضي في نهاية الأمر للتعافي وإتقاء الأخطار المتوقعة .
وهنا تبرز أهمية ترتيب منظمة التحرير وتطويرها عبر رؤية شاملة لمشروع وطني تحرري , يحافظ على الحقوق الفلسطينية دون تنازل أو تفريط , مع إعتماد كافة أدوات ووسائل التحرر والمقاومة في مواجهة الإحتلال , وصولاً لطرده من أرضنا وإعلان الإستقلال الكامل على كافة التراب الوطني من رفح جنوبا إلى رأس الناقورة شمالاً .