نشر بتاريخ: 03/03/2017 ( آخر تحديث: 03/03/2017 الساعة: 15:08 )
الكاتب: جهاد حرب
قرار حركة حماس الرافض للمشاركة في الانتخابات المحلية المزمع عقدها في الثالث عشر من أيار القادم جانبه الصواب، بل أكثر من ذلك فللمرة الأولى لم يستطع أيا من قيادتها من صياغة مبررات منطقية لإقناع الفلسطينيين لرفضها هذا، ومنعها بذلك من اجراء الانتخابات في قطاع غزة بحكم سيطرتها عليه.
أخطأت حركة حماس في تقديرها هذا لأمرين؛ الأول حرمان المواطنين الفلسطينيين من حقهم الدستوري بل "المقدس في العرف والتقاليد الديمقراطية" من اختيار ممثليهم لإدارة شؤونهم وهنا لا نتحدث عن الشرعية السياسية بقدر إدارة الخدمات المحلية وهي "حركة حماس لا ينبغي أن تخشى من سقوط "الشرعية السياسية" إذا ما خسرت في هذه الانتخابات.
والثاني سوء تقديرها للحجج المصاغة من قِبَلِها لتمرير هذا الرفض؛ فلا تفرد الحكومة بالإعلان عن موعد اجراء الانتخابات سبب منطقي للرفض وذلك لمخالفة احكام القانون الذي يخول الحكومة السلطة التقديرية لتحديد المواعيد، كما أن شعار التوافق لم يعد مقبولا شعبيا لأنه بات معطلا أكثر منه كابحا لتفرد هذا الطرف أو ذاك. ولا الاحتجاج بإجراء تعديل على قانون انتخابات المجالس المحلية بإنشاء محكمة "مركزية" انتخابات المجالس المحلية للنظر في الطعون وذلك بسبب التناقض في الأحكام القضائية الصادرة من محاكم البداية في المحافظات المختلفة في الانتخابات التي جرت في العام 2012 أو في المجازر المرتكبة بحق القوائم الانتخابية المرشحة سواء في قطاع غزة أو الضفة الغربية خلال العام الفارط "2016".
هذا المقال "أخطأت حماس" يحمل من عنوانه لوما لقيادة حركة حماس وعتبا عليها لكنه أيضا يدرك كاتب هذا المقال بكل تأكيد أنه في السياسة نحتاج لاتخاذ القرار من بين خيارات، فالقرار السياسي هي مسألة اختيار بعد دراسة الجوانب المختلفة وجس النبض وربما تلقي ردود الأفعال المختلفة من الأصدقاء والخصوم وما بينهما. والاختيار في السياسة قد يكون صائبا أو يجانب الصواب لكن الأهم هو إدراك اللحظة التاريخية لإعادة التصويب او المراجعة للالتصاق أو المواءمة مع اهداف الحزب السياسي والذي غايته نيل رضا الجمهور في المعارضة كان أم في الحكم ففي النهاية هو "أي الجمهور" من يعطي بطاقة الفوز أو الخسارة.
الدعوة هنا للقبول بإجراء الانتخابات المحلية في الضفة والقطاع ليس لأنه حق "مقدس" للمواطنين وانه عمل ديمقراطي فقط بل أيضا يتجاوز ذلك في حالتنا الفلسطينية باعتبارها نموذجا "بروفا" لإجراء ما هو أعلى وأعظم وهي الانتخابات التشريعية والرئاسية باعتبارها مدخلا لإنهاء الانقسام بعد فشل جميع الطرق الأخرى من حوار "وطني" وعقد اتفاقيات كالقاهرة وبروتوكولات كالشاطئ والدوحة، وفشل تشكيل حكومة وحدة وطنية وإن أنشأت "لا سمح الله" سيكون مصيرها الفشل، وحدها شرعية الانتخابات قادرة على فرض الاجندة الإصلاحية لاستعادة الوحدة.
وفي ظني أن النظام الانتخابي النسبي سواء في الانتخابات المحلية أو التشريعية سيفرض على الأطراف الفلسطينية المتخاصمة والمتصارعة قواعد العمل الجماعي والبرلماني فلا فائز بالمطلق ولن يكون خاسر بالمطلق، وسيفرض على الأطراف إما السير معا أو الانتحار السياسي معا. وفي ظني أيضا انه ما زال متسعا من الوقت، وإن كان ضيقا جدا، للعدول عن قرار الرفض وعدم المشاركة ومنع اجراء الانتخابات المحلية في قطاع غزة.