نشر بتاريخ: 13/03/2017 ( آخر تحديث: 13/03/2017 الساعة: 17:02 )
الكاتب: المحامي شوقي العيسة
في اول أسبوع من الاحتجاجات السلمية التي جرت في سوريا ، قام بعض الحكماء بتقديم النصيحة المباشرة للحكومة السورية ،بان عليها العمل بروية وعقل واتزان لكسب الشعب، وليس تعميق غضب الشعب ،وان هذا يتطلب تغييرات جوهرية سياسية في العلاقة بين النظام والشعب ،وحذروهم من اللجوء الى الحل الأمني القمعي ، خاصة وان أطرافا عديدة معادية تخطط لتفتيت الدولة السورية. لم يأبه النظام وتصرف بعنجهية واختار القمع مما أدى الى الوصول الى ما نشهده اليوم .
في فلسطين ، أعداء شعبنا يخططون ليلا ونهارا لتصفية قضيتنا ، قسمونا ويواصلون تقسيمنا اكثر، ويعملون على كل الجبهات لاضعافنا ولاظهارنا امام العالم كشعب غير قادر على الاستقلال في دولته وحكم نفسه بنفسه، ينشرون الاشاعات ويزرعون العملاء ويشجعون الفساد والافساد ، ويفرضون شروطا واملاءات لتعميق ازماتنا ونزع الثقة بين الشعب وقياداته المختلفة .
وفي هذه الفترة التي يتزايد فيها تكالب الأعداء وتخلي الاشقاء، يبدو ان قيادة السلطة بحاجة الى نفس النصيحة التي قدمت للحكومة السورية .
فشعبنا يمر بحالة من الغضب والاحتقان لم يسبق لها مثيل ، واسبابها كثيرة ، غياب افق حل سياسي ، انقسامات متعددة ، فشل في تشكيل حكومة وحدة ، فشل في عقد المجلس الوطني ، تخبط في القرارات ، فساد مستشري ، تعذيب في السجون ، قمع للحريات ، اعتداء على المواطنين بشكل قاسي امام الكاميرات ، انحدار في الاخلاق ، تفشي الانتهازية والوصولية ، فشل الحكومة في التعامل مع البطالة ومع مشاكل أخرى كثيرة .
هذه المعطيات تجعل الأعداء يحتفلون بفرصة ذهبية لتعميق عدم ثقة المواطن بالقيادات ، وتسريع تصفية القضية .
في هكذا ظروف تأتي احداث الاعتداء على المواطنين في رام الله ، مجموعة لا تزيد عن الخمسين تعتصم تضامنا مع شهيد قتله الاحتلال بوحشية قبل أيام، يقوم افراد الامن بشكل منظم وباوامر من مسؤوليهم بضرب المواطنين والصحفيين . التبرير كان اقبح من الذنب . اغلاق الشارع شتائم بالفاظ نابية اجندات خارجية مؤامرات خارجية اجندات حزبية . أي نفس المبررات التي نسمعها في دول الإقليم ، وكأن التكرار لا يعلم .
لو افترضنا جدلا وهو افتراض بعيد عن الواقع ان هناك جهات معادية وراء المعتصمين ، فان تصرف الامن حقق لهم أهدافهم باسهل واسرع الطرق، وعمق الغضب الشعبي على السلطة.
هذه ليست المرة الأولى التي يتصرف فيها الامن مع المواطنين بهذه الطريقة ، وليست المرة الأولى التي يعتدي فيها على الصحفيين .
اذا كان الامر خطأ في تقدير الموقف او فشل في اختيار الشكل المناسب للتصرف فيجب علاجه بالشكل الصحيح وبسرعة، ومش كل مرة بتسلم الجرة ، ولكن في نفس الوقت يجب عدم استبعاد الاحتمالات الأخرى ، فعدونا يحاول باستمرار زرع معاونيه في كل المستويات وسبق وكشف بعضهم ، ودائما من مهامهم نزع الثقة بين المواطن والسلطة والتصرف بما يسيء للسلطة او للدقة إعطاء الأوامر بالتصرف بما يسيء للسلطة .
اما اذا كان الامر محض غباء لدى بعض المسؤولين فالمصيبة اكبر وأيضا يجب علاجها بسرعة .
قرار تشكيل لجنة التحقيق قرار في الاتجاه الصحيح ، على ان يرافقه ابعاد مسؤولي الامن الذين لهم علاقة بالحدث عن مواقعهم الى حين انتهاء التحقيق حتى لا يأثروا عليه ، وان يتم التعامل مع نتائج التحقيق بحزم وليس مثل المرات السابقة ، يجب ان يدفع المسؤول عن ذلك ثمنا على فعلته .