الجمعة: 29/11/2024 بتوقيت القدس الشريف

تداعيات خطيرة نتيجة سياسة الحكومة وتدهور الاقتصاد الفلسطيني

نشر بتاريخ: 14/03/2017 ( آخر تحديث: 14/03/2017 الساعة: 10:27 )

الكاتب: المستشار نـايف الهشلمون الأيوبي

غضب المواطن الفلسطيني بدأ يشتد بقوة على سياسة الحكومة الفلسطينية، التي يراها تتخبط غير مدركة بواجباتها تجاه الشعب، الذي يعيش ظروفاً اقتصادية وسياسية قاسية، وواقعاً مريراً، لدرجة أن أصواتاً من الناس أصابها اليأس، وبعضها أخذت تنادي (الموت) على العيش الذليل، في نفق مظلم، تنعدم فيه الحد الأدنى من مقومات الحياة الكريمة للناس. المواطن فقد الثقة، ولم يعد مقتنعاً بالسياسات الحمقاء التي ترتكبها السلطة بممارسة إنتهاكات حقوق الإنسان.
الحكومة تغنت بتخفيض سعر ربطة الخبز نصف شيكل، لكنها تتعامى عن رفعها رسوم العلاج الطبي وأسعار غاز الطبخ والكهرباء والماء، والضرائب، ومصاريف السفر وخاصة على المعابر، حكومة غير آبهة بارتفاع سعر الدجاج، بل وتتعامى عن ادراك أن اكثر من نصف أبناء الشعب الفلسطيني هم دون مستوى خط الفقر، وأن البطالة تقتل خريج الجامعة، والعامل والموظف والفلاح. حكومة تكم الأفواه. ترى هذا غباء أم سياسة واستراتيجية عليا؟!.
ما هو تفسير الحكومة عندما تحدد ميزانية 1% لوزارة الزراعة، وهي تعلم أن الصراع مع الإحتلال هو الدفاع عن الآرض الفلسطينية؟!. ولماذا لا تعمل على دعم المواطن ليفلح أرضه وترعاه، أسوة بدول العالم؟!!. كلنا يعلم بخسائر المزارع، مما يضطر المواطن الفلسطيني على عدم زراعة أرضه، وبالتالي هجرها. وهذا ما ينسجم مع امتداد تاريخي لاستراتيجية المشروع الصهيوني الاستعماري التوسعي، الذي يركّز على قاعدتين أساسيتين: الإستيلاء على الأرض الفلسطينية بعد إفراغها عبر المجازر والإرهاب أو عبر سياسات اقتصادية تجعل من فلسطين أرضا "طاردة" لسكانها الأصليين.
ان دفع الحكومة مبلغ 20 مليون شيقل فقط إلى صندوق التقاعد شهريا من امواله المقترضة منه والبالغة 9مليار دولار، هو تأجيل أخر للأزمة. وان تخصيص مبلغ 30 مليون شيكل فقط للمشاريع الريادية في موازنة 2017 يعكس عدم جدية الحكومة تجاه النفقات التطويرية، وتركيزها على زيادة تحصيل الضرائب، وزيادة الايرادات المحلية لتغطية قصور الدول المانحة في تقديم التزاماتها، وبحجة تحقيق الاعتماد على الذات، مع ادراكها أن المواطن الفلسطيني غير قادر على توفير قوت عيشه، بدلاً من بذلها الجهود لدفع الدول المانحة للوفاء بالتزاماتها، وتخفيض الضرائب على الفقراء، وبالتالي تحسين مستوى معيشتهم.
الحكومة وللأسف، لم تنجح بعد في توضيح الأهداف الإقتصادية والإجتماعية المتوخاة منها، ولا كيفية الوصول إليها أو بالأحرى من توظيف الموازنة كأداة لتحقيق سياسة مالية واقتصادية محددة، ومتوافقة مع أجندة السياسات الوطنية التي اعلنتها.
الحكومة مطالبة بدراسات معمقة، وبمراجعة خطابها على مر السنين، والوعود التي اطلقت، والفرص الضائعة، والمواقف التي اوجدت اليوم واقعنا الذي نعيش. فالمواطن إن لم يرفع صوته بعد، لا يعني أنه غير مكترث برفع الأسعار وبتقصير الحكومة أو أنه راض عما يجري.. حقيقة الحال غير ذلك. أحد المواطنين وصف ذلك بعملية نفخ البالون الذي له قدرة محدودة على التحمّل والصبر. ملامح الانفجار تظهر في الأفق، وقد لا يمكن السيطرة عليه أو ضمان نتائجه. الأمر جد خطير، وبالتأكيد سوف لن ينحصر بمشكلات اقتصادية، بل أوسع من ذلك بكثير، ومنها ما قد يؤدي إلى زعزعة الاستقرار، وما يجري في دول الجوار يرفع من صوت ناقوس الانذار.
حقاً بدأت الأصوات تتعالى، بأن على الحكومة مراعاة شؤون الشباب العاطل عن العمل والفقراء، وتعزيز صمودهم أو ترحـــل ، "لا نريد حكومة الخصخصة ورأس المال"، بل حكومة واحدة بمقاس الشعب الكادح الصابر المرابط، حكومة كل البلد، والشعب يريد حكم جيد، يضمن تحسين التضمينية والمساءلة. وهذا هو التحدي الواضح أمام الحكومة الفلسطينية، والذي يتمثل بانهاء الإنقسام، وبتعزيز التعاملات السلسة والمنتجة، وتقليص التعاملات المحبطة، والهادرة للطاقات والامكانات، في مسار موحد واضح وشجاع، نحو الخلاص والإستقلال والحكم الجيد.