الجمعة: 29/11/2024 بتوقيت القدس الشريف

عصر فلسطيني مضى ، عصر فلسطيني سيأتي

نشر بتاريخ: 15/03/2017 ( آخر تحديث: 15/03/2017 الساعة: 10:50 )

الكاتب: عوني المشني

مكالمة من ترامب تنقلنا من حالة الهزيمة الى حالة النصر ، قتل مريب في رام الله حوله الف علامة استفهام لا احد يجيب عليها ، قمع مفضوح ووقح امام قصر العدالة وصرح القانون في رام الله ، تلزيم عطاء الاتصالات بعشرات الملايين بدون عطاء وبذلك مخالفة لكل أصول العمل الاقتصادي الشفاف ، اعلى فاتورة اتصالات في الشرق الأوسط ، اعلى فاتورة كهرباء في الشرق الأوسط ، وفِي بعض المدن في الوطن اعلى فاتورة مياه في الشرق الأوسط ، اعلى سعر دجاج وأعلى سعر لحوم وأعلى سعر مغادرة .
أزمة سياسية اقتصادية تعصف بِنَا ، ولا احد يعير اوضاع المواطنين اهتمام ، الحكومة تفكر في كيفية جمع الأموال لتغطية المرتبات ، القيادة السياسية تبحث عن مبرر للعودة للمفاوضات ، الأمن يستقوى على الجمهور ويساهم في تكميم الأفواه ، المعارضة تعارض الى حد عدم تحمل المسئولية .
الجمهور الفلسطيني لا يجد اي اجابة على اي تساؤل من اي مسئول في اي مستوى من اي فصيل . الجمهور الفلسطيني ضحية الفشل ، ضحية النجاح ، ضحية الاحتلال ، ضحية السلطة ، ضحية المعارضة ، ضحية الانقسام ، ضحية المصالحة ، ضحية الفساد ، ضحية القانون ، ضحية كل ما يجري كيفما جرى .
من يستخدم السلاح يخدش حياء المقاومة السلمية الذكية ، ومن يستخدم المقاطعة يفض بكارة التنسيق الأمني ، ومن يتشبث بالثوابت ينتهك عرض العودة للمفاوضات العبثية ، اما الذي ينادي بحرية الرأي والديمقراطية فانه يتآمر على القيادة ، وتتواصل المهزلة تحت عناوين ما هي " الا اسماء سميتموها أنتم وآباءكم " .
المنطق يعجز عن التفسير ، علم الاجتماع السياسي لا يقدم اجوبة ، وحتى لو ضربنا في الرمل فان هناك اكثر من ضبابية وغموض . قتلتم الناس تفسيرا وتبريرا ، لم يعد اي كلام مجدي وله معنى ، لا يوجد اي شبهة منطق في كل ما يقال ، لا يوجد اي ذرة مسئولية ، لا يوجد سوى كذب وتدليس وافتراء . لم يعد التحليل السياسي مجدي ، لم يعد الإصلاح ممكن ، ولا النصح والإرشاد ، لم يعد للدعوات الصادقة معنى ولا للوعود الكاذبة ، مرحلة فشلت وانتهت وكل ما سيقال بعد هذا مضيعة للوقت وجهد في غير مكانه
الموالاة والمعارضة وجهان لعملة واحدة ، المقاومة السلمية والمقاومة المسلحة وجهان لعملة واحدة ، سلطة الضفة وسلطة غزة وجهان لعملة واحدة ، اليسار واليمين وجهان لعملة واحدة ، العملة الواحدة هي الفشل ، هي النظرة الحزبية الضيقة ، هي تقاسم المصالح ، هي التمسك بالسلطة رغم هزالة تلك السلطة ، هي الفساد الاداري والمالي ، هي التبرير والتدليس والهروب من المسئولية .
يجب ان نعترف ان مرحلة بكل ما فيها قد قاربت على الانتهاء ، مرحلة بقواها السياسية وفصائلها بفكرها ببرامجها بقيادتها بنخبها ببعدها السياسي والفكري ، بموالاتها ومعارضتها ، بيسارها ويمينها ووسطها ، مرحلة بقضها وقضيضها قد فشلت وانتهت صلاحياتها واستنفذت دورها التاريخي
على الشعب الفلسطيني ان يتحمل مسئوليته ، شعبنا ليس بعاقر ، عليه ان ينتج بنى سياسية وفكرية وقوى وأحزاب وبرامج وسياسات وبرامج ونخب وقيادات جديدة ، جديدة ومختلفة ونوعية ، لا علاقة لها ما سبق ، ولا تمثل امتدادا لما فشل ، هكذا هو شعبنا ....
بعد عام ١٩٤٨ أنتج شعبنا قوى وافكار وبرامج جديدة ، طوى صفحة كل فشل وأنتج ما هو جديد
بعد عام ١٩٦٧ كذلك ، أنتج شعبنا قوى وافكار وبرامج جديدة ، طوى صفحة كل ما فشل وأنتج ما هو جديد
والآن مطلوب من شعبنا اجتراح ذات العمل وبنفس الأسلوب
شعبنا ليس بعاقر
لا يفيد ترتيق الثياب الممزقة ، لا يفيد إصلاح ما لا يمكن اصلاحه ، لا يفيد تكرار التجربة وبنفس الأدوات وفِي نفس الظروف وتوقع نتائج مغايرة .
القطة لا تلد الا قطة ، والفشل يكرر ذاته ، والفساد ككرة الثلج ، والمعارضة والموالاة يستمدان شرعيتهما من ذات المشهد المهزوم المتهالك .
نحن في نهاية عصر فلسطيني وبداية عصر فلسطيني جديد ، دائما لكل عصر رجال ، لكل عصر فكر ، لكل عصر قوى اجتماعية وسياسية جديدة
السلام على ما مضى ، السلام على من سيأتي وارضنا ليست بمحل وشعبنا ليس بعاقر