نشر بتاريخ: 15/03/2017 ( آخر تحديث: 15/03/2017 الساعة: 14:32 )
الكاتب: د. علي الاعور
كانت العلاقات الدولية تتشكل دوما بين الدول على أساس القوة العسكرية، وفي التاريخ الحديث والمعاصر تشكلت موازين القوى وبروز النظام العالمي عقب الحرب العالمية الأولى والثانية على أساس القوة العسكرية ، حتى في فترة السلم الدولي وتشكيل هيئة الأمم المتحدة ومؤسساتها وخصوصا مجلس الامن الدولي والدول الخمس الدائمة العضوية تشكلت أيضا على أساس القوة العسكرية وقرار القيادات وقوتها الجماهيرية والشعبية في داخل بلدانها.
ثماني سنوات مرت على الدبلوماسية الأمريكية المترددة في اتخاذ قرارات حاسمة وخصوصا في الشرق الأوسط في عهد الرئيس أوباما لم تحقق أي شيء ملموس في إعادة و رسم الشرق الأوسط الجديد بل كان هناك تغيير دولي وخاصة في زيادة النفوئ الروسي والإيراني في الشرق الأوسط وخاصة في العراق وسوريا.
وبعد فوز الرئيس الأمريكي الجديد دونالد ترمب ووصوله للسلطة بقوة من خلال الانتخابات الامريكية وشخصيته وقوته من الحزب الجمهوري في مجلس الشيوخ والكونغرس الأمريكي ساهم وبقوة في منح ترمب القوة العسكرية والسياسية لتنفيذ استراتيجية أمريكية جديدة لبناء شرق أوسط جدبد وتلك السياسة بدأت ملامحها تتجسد وبقوة في الأسابيع الأخيرة واهمها وقف التمدد الإيراني والروسي في المنطقة العربية، واهم المؤشرات والأدلة التي تدعم ملامح تلك السياسة الامريكية في الشرق الأوسط على النحو التالي:
القضية الفلسطينية : على الرغم من تصريحات ترمب في الحملة الانتخابية بانه سوف يقوم بنقل السفارة الامريكية من تل ابيب الى القدس الا ان تلك التصريحات تبقى في اطار الحملات الانتخابية وليس بالضرورة ان يقوم الرئيس ترمب في تنفيذها خصوصا ان الرؤساء الأمريكيين الذين سبقوه في الحزب الجمهوري لم يقوموا بتلك الخطوة بالإضافة الى راي مستشاريه بان القدس تمثل محور الصراع الفلسطيني الإسرائيلي وبالتالي فإنني اعتقد ان ترمب لن يقدم على تنفيذ تلك الخطوة ولكن المهم في شخصية الرئيس ترمب وقوته السياسية والمادية سوف تعمل على إعادة الفلسطينيين والإسرائيليين الى طاولة المفاوضات كما ان الرئيس ترمب يملك من المقومات السياسية والمالية قوة كافيه للضغط على إسرائيل للقبول بحل الدولتين وإقامة دولة فلسطين الى جانب دولة إسرائيل لان حكومة إسرائيل طيلة السنوات الثماني الماضية من حكم أوباما لم تلق الضغط الكافي للسير بجدية في عملية السلام ولكن الرئيس ترمب من خلال فوزه في الانتخابات الامريكية وقوته الجماهيرية وقوته في مجلس الشيوخ والكونغرس ما يكفيه للضغط على إسرائيل وقبولها بحل الدولتين بالإضافة الى قوته المادية وتوفير الدعم المالي لحكومة إسرائيل مما يجعلها توافق على خطة ترمب للسلام في الشرق الأوسط بين الفلسطينيين والإسرائيليين في حال طرحه مبادرة سلام تقوم على حل الدولتين.
القضية العربية وتتمثل في ثلاث قضايا:
أولا : الملف السوري
على الرغم من المجازر والمذابح وجرائم الحرب التي ارتكبها النظام السوري بحق شعبه بالبراميل المتفجرة او الكيماوي في حلب والغوطة الا ان الرئيس الأمريكي أوباما لم يتمكن من إقامة مناطق امنه تحمي الشعب السوري واللاجئين السوريين من نيران وجرائم النظام ، ولكن منذ الأسبوع الأول لتولي الرئيس ترمب السلطة في الولايات المتحدة اعلن انه سوف يقيم مناطق امنه في شمال سوريا لتوفير الحماية للسوريين وقد خطا خطوات ابعد بكثير حين ارسل قوات برية تعدادها اربعمائة جندي امريكي في منبج معلنا بذلك انه لن يسمح لروسيا وايران ان تتمدد في سوريا والشرق الأوسط والمنطقة العربية، واعلن الرئيس ترمب والإدارة الامريكية الجديدة ضرورة خروج كافة المليشيات المسلحة من سوريا بما فيها حزب الله وميليشيا الحرس الثوري الإيراني بقيادة قاسم سليماني.
ثانيا الملف العراقي:
بدأت القيادة العسكرية الامريكية بتوجيه من الرئيس ترمب بإقامة القواعد العسكرية في العراق بأكثر من الفي جندي امريكي ومشاركة القوات الامريكية البرية في معركة الموصل وتحرير الجانب الأيمن من مدينة الموصل بناء على المصادر الصحفية العالمية ، كما اعلن الرئيس ترمب من خلال توجيه تحذير الى ريس الوزراء العراقي حيدر العبادي بانه لن يسمح بالتواجد الإيراني العسكري على ارض العراق، وضرورة خروج الميليشيات العسكرية الإيرانية من العراق.
ثالثا : الخليج العربي
اعلن الرئيس ترمب انه سوف يوفر حماية عسكرية لدول الخليج العربي واعلن السعودية صديق الى الولايات المتحدة الامريكية ولن يسمح بتمدد ايران في الخليج واليمن ويعتبر استقباله الى ولي العهد السعودي" الأمير محمد بن سلمان" اول زعيم عربي واسلامي في البيت الأبيض دليل على قوة العلاقة السعودية الامريكية وان الرئيس ترمب لن يسمح لإيران بفرض سيطرتها على منطقة الخليج العربي كما ان الرئيس ترمب والإدارة الامريكية قام بفرض عقوبات جديدة على مؤسسات وشخصيات إيرانية، بالإضافة الى قبول او رضا الولايات المتحدة الامريكية على قيام قوات التحالف العربي بقيادة السعودية للوقوف الى جانب الشرعية اليمينة والرئيس عبدربه منصور هادي ضد الحوثيين .
وهكذا نجد من خلال تلك السياسة الخارجية والعسكرية للولايات المتحدة الامريكية بقيادة ترمب صاحب الشخصية القوية والجماهيرية بدأت تتضح معالم تلك السياسة والاستراتيجية التي يقودها ترمب نحو رسم خارطة جديدة للشرق الأوسط الجديد تقوم على حماية أصدقاء أمريكا في المنطقة العربية ووقف التمدد الإيراني والروسي في سوريا والعراق بالقوة العسكرية وبناء القواعد العسكرية وارسال قوات أمريكية برية للبدء في سياسة أمريكية واستراتيجية جديدة تعلن بداية مرحلة جديدة من التاريخ الحديث في الشرق الأوسط من خلال القوة العسكرية والتي تحتاج الى شخصية قوية قادرة على اصدار قرارات حاسمة من شانها ان تؤدي الى شرق أوسط جديد ممثلة في شخصية الرئيس الأمريكي دونالد ترمب.