نشر بتاريخ: 15/03/2017 ( آخر تحديث: 15/03/2017 الساعة: 18:55 )
بقلم: المحامي أمجد الشلة
في الآونة الأخيرة ظهر حديث عن إجراء تعديل على قانون السلطة القضائية بموجب مرسوم رئاسي أي قرار بقانون.
بدايةً تجدر الإشارة إلى أنه من الممكن القبول بالمراسيم أو بالقرارات بقانون في مختلف الميادين والمجالات مع وجود تحفظات عليها ومع وجود قانون ناظم لها - أي أنها يجب أن تعرض على المجلس التشريعي - لإقرارها بالقراءات الثلاث.
ولكن ما هو مهم في موضوعنا هو أن إصدار مرسوم لتعديل السلطة القضائية هو سلاح ذو حدين وفي كليهما ينطوي على مخاطر قد تأخذنا إلى المجهول والمجهول الذي أتحدث عنه هو مجهول لا تُحمد عقباه أو نتائجه.
السلطة القضائية سلطة مستقلة بحد ذاتها وهي إحدى السلطات الثلاث التي نص عليها القانون الأساسي - الدستور- وهي لا تقل مكانتها عن السلطة التشريعية أو السلطة التنفيذية بل هي سلطة بموازاة السلطتين التشريعية و التنفيذية بل أنها أي السلطة القضائية قد يكون لها دور رقابي أو قانوني في تصرفات وأعمال و إشكاليات السلطتين سالفتي الذكر.
فالسلطة القضائية تؤثر ولا تتأثر، تقرر ولا يُقرُ ضدها، تفصل ولا يُفصل لها أو عليها، فبالرغم من استقلال السلطات الثلاث إلا أن السلطة القضائية قد تتداخل في السلطتين الأخريين دون عيبٍ من أحد وقد تتشارك في دورها مع السلطة التشريعية في مسائل لها علاقة بإقرار القوانين أو تعديلها ، وأما السلطة التنفيذية فهي كما يقول المثل - إسم على مسمى- أي أنها تنفذ قرارات السلطة القضائية وإقرار على مُخرجات السلطة التشريعية، فكما لا يجوز للسلطة القضائية أن تكون سلطة سياسية أو أن يكون من شأنها التدخل في القرارات السياسية أو القرارات الصادرة عن المستوى السياسي في أي نظام حكم بالعالم فإنه بالمقابل لا يجوز ولا يحق للسلطة التنفيذية أن تتدخل في قرارات القضاء، لأن التدخل أو حتى مجرد التدخل في استقلال السلطة القضائية سيُفقد هذه السلطة موقعها ومكانتها التي يجب أن تحافظ عليها ولو بالحد الأدنى ، فالقضاء هيبة ومطلوب من كل السلطات و من كل العاملين بالقانون ومن كل المواطنين الحفاظ على هيبة السلطة القضائية ففي بعض الأحيان لا نملك من أمرنا إلا أن نتحدث إعلاميّاً عن أن للقضاء هيبة.
المساس بالسلطة القضائية وحتى إن كان الهدف منه حسن النية قد يكون له ما له وعليه ما عليه فكما نقول نحن موقفنا من القضاء ومع كل الاحترام والتقدير في فلسطين له ما له وعليه ما عليه فإنه لا يحق لأحد في هذه المرحلة الحرجة و الحساسة المساس باستقلالية السلطة القضائية أو جرح هيبتها ، لا يخفى على أحد بأننا في مرحلة سياسية حرجة وصعبة و المؤامرات تُحاك ضدنا كشعب وكقضية وكقيادة على أعلى المستويات ومن القريب قبل الغريب وأننا لا نعلم على ماذا نحن مقدمين في هذا العام أو ما الذي ينتظرنا، وفي غياب واضح ومُعيب حقيقةً للسلطة التشريعية وللكتل البرلمانية و لدور الأحزاب السياسية و لدور النخبة و المثقفين والمحامين فالكل مُطالَب لأن يقف وقفة جادة صارمة في سبيل الحفاظ على استقلال السلطة القضائية والحفاظ على هيبتها والمنع من التدخل في شؤونها وترك الأمور حاليّاً على الأقل لما عليه، لأنه وبكل صدق لا يجوز الزج بالقيادة السياسية الفلسطينية في مُعترك خطير نتائجه غير محمودة وقد تصل الأمور إلى ما لانريده أو نحتاجه.
السلطة القضائية و القضاء في فلسطين يضم في ثناياه عمالقة ومراجع قانونية لها مكانتها واحترامها وتقديرها وهي الأقدر على علاج وحلّ أي إشكالية قد تعترض طريقهم وهم وحدهم حاليّاً قادرون على الوقوف ومواجهة كافة العقبات وتذييلها وأما الزج بهم وجرّهم إلى براثين السياسة فاقرأ السلام على القضاء.
ففي السياسة أحياناً تركُ الواقع كما هو أسلمُ من تغييره، وبعد أن نصل إلى واقعٍ قريبٍ من الإستقرار حينها سيقول الكل كلمته للوصول إلى القضاء المنشود، أما أن ندخل اليوم في معتركات جانبية وببدأ الحديث من هنا وهناك أن السلطة التنفيذية تغوَّلت وأن السلطة القضائية انهارت وأن لهذا مصلحة ولذاك مصلحة وتبدأ عمليّات الطعون القانونية والتي إن بدأت فلن تنتهي وإن انتهت سيقول كل طرف أن هذا قرار باطل وأنه مبني لمصلحة جهة على حساب أخرى، وغداً ستبدأ أحكام تفسيرية وأخرى إدارية وكل ذلك حقيقة نحن بغنى عنه حاليّاً على الأقل في هذه المرحلة وأضف إلى ذلك بأن توجه القيادة الفلسطينية في هذا الشأن توجه واضح من أنه لا تدخل في قرارات القضاء وأما الدعوات لتطهير القضاء فهو مطلب للقضاء قبل غيره وللمحامين قبل غيرهم وللمواطنين و الشعب قبل الجميع و لكن ليست المرحلة مؤاتية وليست المصلحة موجودة وتحذيري من الزج بالقيادة السياسية في هذا وسامحوني على التعبير أو الوصف بالمستنقع الخطير.
علينا أن نبدأ خطوات كبيرة وجديّة في عمليات الاصلاح و التطهير قبل الوصول الى الإصلاح الذي ننشده.
خلاصة الموضوع لازال القضاء ولا زالت منظومة القضاء تُحافظ على نوعٍ ما من الهيبة أرجوكم لا تكسروا هذه الهيبة لأن الثمن سيكون باهظاً وليس محموداً.