نشر بتاريخ: 16/03/2017 ( آخر تحديث: 16/03/2017 الساعة: 11:53 )
الكاتب: رئيس التحرير / د. ناصر اللحام
درج المصطلح " نشاط أمني " في السنوات الاخيرة عبر أجهزة اللاسلكي التي يستخدمها الامن الفلسطيني ، وهو مصطلح يعني أن قوات الاحتلال ستقتحم بدورياتها المصفحة وناقلات جندها ودباباتها وجرافاتها الى مناطق السلطة . وفي هذه الحالة يطلب الاحتلال من الأمن الفلسطيني الانسحاب الى مقراته والا فانه سيطلق النار باتجاه أي فلسطيني يحمل السلاح بمن فيهم رجال الامن وشرطة السير .
وغالبا ما يكون ذلك في منتصف كل ليلة منذ 2005 على التوالي ودون انقطاع ، لكن الاحتلال يفعلها أحيانا في وضح النهار . بل ويتعمّد الاجتياح والهجوم في ساعة بدء نزول الطلبة الى المدارس مثل تلك الاقتحامات العسكرية التي ينفذها ضد المخيمات المكتظة لا سيما الدهيشة وقلنديا وغيرها . وغالبا ما يسقط شهداء أطفال وتلاميذ مدارس يتصادف وجودهم في منطقة الاجتياح والاقتحامات ، بل ان غالبية الشهداء الاطفال يستشهدون وهم يحملون حقائب المدرسة على ظهورهم .
هذا الامر ، يشكل احراجا كبيرا للمواطنين ولرجال الامن . لا سيما انه وفور انسحاب قوات الاحتلال من مدننا ومخيماتنا ، تصدر أوامر الامن الفلسطيني لعودة انتشار قواتنا . لنجد أنفسنا في مشهد سوريالي يفهمه كل مواطن كما يريد ومن الزاوية التي يرغب .
وقد مضى على الامر حتى الان 15 عاما ، فمنذ شهر نيسان 2002 دأبت قوات الاحتلال بقيادة موفاز على الاجتياج اليومي لمدن الضفة ، وغالبا من دون اهداف عسكرية ( اطلق عليها جنرالات اسرائيل جز العشب يوميا ) في تلميح الى ضرورة الاعتقالات الاحترازية قبل أن تتمكن خلايا المقاومة من اعادة
تنظيم نفسها في الارض المحتلة .هذا الواقع دفع بالانتفاضة الى ادّخار قوتها وزخمها الشعبي الى ساعات الليل، ولذلك صارت معظم نشاطات الانتفاضة بعيدة عن الكاميرات ووسائل الاعلام وفي معظم الاحيان لا يوثّقها الصحفيون، وان الفيديوهات التي تنتشر غالبا ما تكون بواسطة هواتف ذكية من المواطنين أنفسهم وليس بواسطة كاميرات الصحافة المحترفة . لدرجة يمكننا القول انها أصبحت انتفاضة الليل . جنودها مجهولون ، مسربلون بالندى ، ويلتحفون البرد في الليل البهيم .
حتى صارت ساعات النهار ساحات للمثقفين والصحفيين والدبلوماسيين والقادة والمعارضة والسياسيين ونشطاء التواصل الاجتماعي . أما ساعات الليل فهي لجنود لا ترونهم . وربما لن ترونهم ، الا جرحى على اسرّة المشافي او أسرى في زنازين الاحتلال ، او شهداء في توابيت العز والفخار .