نشر بتاريخ: 16/03/2017 ( آخر تحديث: 16/03/2017 الساعة: 15:35 )
الكاتب: يونس العموري
في هذا الشرق ، يُسمون الكذب دبلوماسية، والنفاق ذكاء، والعبودية تعايش، واللصوصية شطارَة ... وفي هذا المشرق ستجد أمام كلِّ موسى فرعون..... لكنَّك لن ترى أمامَ كلّ فرعون موسى ...وفي الشرق المأؤزوم لهم ان يطاعوا ويأمروا … وهو الحاكم بأمره، وأمره قد يكون تنفيذا لأوامر اخرى تأتيه من وراء البحار … لك الكلام والحديث … ولك الامر ولنا الطاعة وان كنت بالرمق الاخير وفاقد للاهلية او الشرعية لا فرق … في الشرق المأزوم يجوز للمتربع على عرش الحكاية ان يقول ما يقول بحضرة جعجعة الكلام والقول المبالغ به … و سيد الموقف قرارت فرعونية ليس لها علاقة بالمقدس ذاته … والالياذة هناك مقدسة وبرتوكلات حكماء صهيون مقدسة على الضفة الاخرى من الجدار .. والقداسة ليس لها علاقة بالقبلة الاولى والبيت العتيق والجلجلة ….
في حضرة الابخرة والشعوذة واستحضار المدد من العوالم الاخرى يكون الكلام … يتربع بوسط الحضرة شيخ الطريقة ويبدأ بالتراتيل التي من خلالها سيكون برتوكول الوصايا للقادم على منصة التتويج … هكذا كان وهكذا سيكون ….
انتظر… سأورثك مجد القيصر لترتع به كما تشاء، وسأجعل منك اماما عليهم، فقد حانت ساعة توليك امورهم وهم رعاياك وجواريك من النساء، أفعل ما شئت بهم او بهن لا فرق…. وسأعلنك اميرا للمؤمنين عليهم، وقد تكون مليكا على عرش جماجمهم، وسيدا لعبيدهم ولن يظهر سبارتاكوس من جديد … والمعادلة بسيطة بقليل من الجوع والتجويع والفقر والقتل سيسود حكمك ولابد من زبانية يعملون الى يمينك وعسس يسهرون على مراقبة ليلهم وجوعهم، وبرامكة تستقدمهم ليكونوا عونك … وان ابتسموا لابد ان تعرف من المبتسم وسر هذا الابتسام … وان بكى اخر او غضب او كان عابسا وجب التفسير … وان قبلوا نساءهم بوضح النهار فاعلم ان ثمة خلل في احوال الرعية … وان اعتلى احدهم منصة الكلام وقال بحضرة الليل شعرا فانتبه للقول من اوله فقد يحمل معه مضامين اخرى … واقصد زواريب الطرقات فقد يتجمعون هناك .. ومارس التخريب لنشوتهم .. وان كانوا جالسين على قارعة الطريق فاعمل على تفريق جمعهم … واحذر صعاليكهم فلا تدري متى سيكون غضبهم … اعمل على تخريب فرحهم ولحظتهم بإنسانيتهم … اشعرهم دائما بالدونية .. واجبرهم على تقبيل اليد الممدوة دائما للعطايا … فأنت القيصر والقيصر هو المانح العاطي الواهب القادر … ولا حق لهم الا بما تجود به نفسك وما تقرر به انت وقتما تشاء … واياك والضعف وان يحنو قلبك على صغارهم فغدا سيكبر هؤلاء ليصبحوا الرجال بعهدك … وان اردت ان تتحدث وتخطب فيهم فانتبه ان تكون دائما الأعلى والأوسم والأرقى وخاطبهم بفوقية القيصر وعظم ذاتك …
ايها القيصر العتيد علمهم الإنحناء واجبرهم على فعل الانحناء هذا، حتى يصبح جزء من برتوكولاتهم حينما يصبح اللقاء معك ممكنا، واحرص على تجديد العقاب والثواب واعتمد على العصا الغليظة المغلظة والجزرة التي قد لا يحصلون عليها …. ولا تخلق منهم ابطالا واياك وايداع الرموز بين ضلوعهم وتعلم من التاريخ جيدا، ولا تخلق لهم كربلاء جديدة يحجون اليها ودمر كل معابدهم ودنس مقدساتهم ومعتقداتهم ونصب ذاتك وليا للرب وان ما تقول او تفعل مستمد من شرعية الإله … وقرب من سلطانك دعاة يسبحون بحمدك وبقولك وبفعلك …. ….
اخلق دائما بمواجهة الحسين يزيد ومعاوية واجعل من واقعة الفتنة والفتن نبراسا ودليلا لحكمك ولأسلوب ادارتك الرشيدة وشدد على اختلاف المذاهب وتعدد التفسيرات ليسود تفسيرك انت وليتصارع الهلال مع الصليب على الدوام وسياسة التكفير واحدة من اقوى اسلحتك وفتكك … وخيب ظن الحسناوات بظهور الفرسان القادمين على صهوات الجياد …. ودمر احلامهن بفحولة الرجال …
واياك من اعادة سيزيف الى المشهد مرة اخرى فقد صنع – ومن خلال صخرته – اسطورة صارت مثالا يحتذى بها لتحدي المستحيل، وحكاية الاسطورة تستهوي العبيد ويطربون على ايقاعاتها.
استعرض امامهم قدارتك وامكانيات بطشك، واعلم ان قوتك من ضعفهم، و علمك من جهلهم، و نهارك ممتعا في ظل سواد ليلهم، وربيعك من خلال خريفهم، لذلك لا تسمح لهم بربيع مزهر يا قيصر الليل لا تأبه لنداءت قد تسمعها يوما بضرورة افساح المجال للحريات ولتلك المسماة بالديمقراطية فأنت مصدر كل السلطات ولا سلطة الا سلطتك ولا عرش الا عرشك واياك بعبثهم بدستور يخذلك ويسحب البساط من تحت اقدامك ….
ونصب نفسك فرعونا مؤلها بالسيف ومن خلال زبانية يعملون على التذكير باسمك وافعالك بصرف النظر عن طبائعها … ومارس الرذيلة بوضح النهار ولا تأبه لمن يغمسون القلم بالحبر الاسود … فشعبك لا يقرأ وان قرأ ينسى وان لم ينسى يخاف … فهؤلاء الرعاع يبحثون عن اللات والعزى وعن هبل جديد ليقبع في البيت العتيق يحجون اليه راكعين ….
اجعل من ذاتك امبراطور اللحظة والتقط تلك اللحظة التاريخية واركب اية موجة قد تفاجئك بها الريح المعاكسه وان جاءت غربية فكن غربيا أعجميا اجنبيا وان تناقضت مع اعراف وتقاليد اسلافك،وانظر دائما الى عرشك وحافظ عليه وان كان تحالفك مع الشيطان ضرورة فافعل ما تؤمر به لحظتها واياك واستعداء اباطرة البيت الأبيض ونفذ سياسات يهوذا وان كانت خلسة … فهم ايها القيصر من سيحافظون على عرينك وان كان خشبيا ولا تكشف عن حنقك وغضبك امام سادة العالم فانت دائما من يحتاج له سادة البزنس المتغول …. واجزل بالعطايا لهؤلاء السادة وان كان على حساب العبيد من رعاياك …. اعقد الصفقات معهم وامهر توقيعك على كل وثائقهم ولا تدقق بتفاصيل الاتفاقيات فأنت قيصر هنا وحارس أمين لمصالحهم … ولتعلم ان عرشك لن يدوم اذا ما غضب سادة روما واباطرة بلاد العم سام …
يا سيد السادة … (ضع الصغير مكان الكبير … وضع الجاهل مكان العالم … وضع التابع في القيادة …) وحينها الويل لأمة مالها عند بخلائها وسيوفها بيد جبانئها وصغار ولاتها …
وان تجمعوا في الساحات وبدأوا بالتكاثر فبادر الى استيعابهم وحاول ان تستعطفهم بمجدك وتاريخك وان هتفوا ضدك وتجرأوا على ليلك وقصرك فاعلم حينها انك لابد راحل … وأبحث مبكرا عن خلاصك ولا تركن الى اصدقاء او مناصرين … ولا تبحث عن اسباب هزيمتك وتقويض عرشك ففي كل ما قلت اسبابا فعلية لزوال ليلك ولا قيصر دون قصر وبطش … ولا تجتهد كثيرا فالكل سيتخلى عنك لحظتها وينفض الجمع من حولك وقد تأتيك ضربة النهاية ليرتسم مشهد نهايتك من حيث لا تحتسب فحينها ايها القيصر المنتهية ولايته استجمع بقايا عرشك واهرب تحت جنح الليل باحثا عن جحر يأويك …. وتهيأ لدق الطبول فقد صار للعبيد حرية انتزعوها من بين انيابك ولابد من الانقضاض على تاريخك وتاريخ اسلافك … حينها اصمت وادخل ذاتك بغيبوبة الصمت …