الكاتب: م. سمير الحباشنة
* الشعوب الحية .. ومهما كان الجدار "سميكاً وصلباُ" الذي يقف عائقاً دون تحقيق أهدافها المشروعة ، ومهما كانت أدواتها ضعيفة ، فانها لا تتوقف عن الحفر في هذا الجدار .. وعليه :
* من قال ان فيتنام سوف تنتصر امام اقوى قوة عرفها التاريخ .. ؟!
* من قال ان الجزائر يمكن ان تتحرر بعد 130 سنةمن الاحتلال الفرنسي وخطته الثقافية الممنهجة .. للفرنسنة.. ؟ّ!
* من قال ان شعب جنوب أفريقيا سوف ينتصر على واحد من أشرس الانظمة العنصرية التي عرفها التاريخ؟!
وذلك تحقق بفعل ..
• العامل الذاتي // بفعل ارادة الحياة لهذه الشعوب ، وبفعل قواها الفاعلة التي تمكنت ان تعمل وفق كفاح لا يلين ولا يتعب ، في اطار توحيد الجهود الوطنية وتاجيل الخلافات والتناقضات الثانوية .. لجهة حسم التناقض الرئيسي لمصلحة هذه الشعوب.. والمثل الحي التحاق ماوتسي تونغ بجيش تشان كاي تشك عندما غزت اليابان / الصين.
• توظيف العامل الموضوعي ، الخارجي // توظيفاً أمثل .. ليسهم بدفع الغايات النبيلة لهذه الشعوب .. نحو التحقق .
ونحن .. العرب .. لسنا استثناءً . ولسنا خارج حركة الشعوب ، بل ونمتلك من عوامل القوى الذاتية .. ما لا يمتلكه غيرنا ..
فنحن .. أصحاب حضور ديموغرافي .. واسع ومتنوع وخلاق ..
.. اصحاب جغرافيا قل نظيرها من حيث المساحة والقيمة الجيوسياسية والجيواستراتيجية.
.. أصحاب ثروات طبيعية لا حدود لها من حيث القيمة والتنوع ..
.. أصحاب ارث / تاريخي / ابداعي / سياسي / عسكري .. تم تصنيفنا بالتاريخ كقوى عظمى مؤثرة
.. حضارة وثقافة انسانية عميقة ذات اسهامات كبيرة في التاريخ البشري .
.. أننا امة مكتملة التشكل .
اذن نحن أمة تمتلك كل الادوات المادية والمعنوية التي تؤهلنا ان نسير بثقة نحوالانعتاق والتحرر وانجاز التقدم بشتى الميادين .
هذا هو الحيز الملئ من الكأس .. اما الحيز الذي لا زال فارغاً ، فيتمثل بمشكلة مركبة ، لازمتنا منذ انتهاء مرحلة الاستقلالات الوطنية وحتى الآن.. شقها الاول ذاتي .. وشقها الثاني موضوعي ..
الشق الذاتي :
لم نستطع بناء أنظمة عربية تقوم على المشاركة والمساواة والعدل // دولة القانون والمؤسسات// .
لم نستطع بناء أنظمة عربية تحاكي متطلبات الحكم النظيف .
لم نستطع تغليب عوامل الجمع فيما بيننا داخل البلد الواحد وفي الاطار العربي الاوسع وسيَدنا عوامل الفرقة ..
لم ننجز وحدة طالما تحدثنا بها .. لكننا في الوقت ذاته كنا نرفع مداميك التجزئة.
لم نستطع حسم الصراع المركزي للأمة .. المتمثل بتحقيق اهداف الشعب العربي الفلسطيني المشروعة رغم ايماننا وحديثنا الذي لا ينقطع عن فلسطين باعتبارها القضية المركزية للأمة .
لم نستطع حماية حقوقنا التاريخية في مواجهة اطماع القوى الاقليمية والدولية / فلسطين / الاسكندرون / ااالاهواز ..
اي ان .. اخفقنا في وضع رؤيا او تصور .. نتبناه جميعاً ..على قاعدة وحدة المصالح العربية ووحدة المصير المشترك للعرب.
الشق الموضوعي :مصالح الآخرين وما نسميها "المؤمرات الخارجية" .. التي تمكنّت منا.. وهي تعتبر مشروعة من وجهة نظر الآخر.
والسؤال ماذ قدمنا لمجابهتها ؟وهل وظفنا ما نمتلك من عوامل قوة لخدمة مصالحنا وحماية أمننا بمعناه المجرد ، أوأمننا بمعناه الاقتصادي والاجتماعي والثقافي؟!
اذن .. بيت القصيد التقصير يكمنفي العامل الذاتي .. ذلك لان ارادة الحياة والطموح نحو تكريس مفاهيم السيادة لم تتوفر ، والادق لم نوفرها بعد ..
الآن / الحالة العربية :
فقر مدقع.. يحتل المساحات الاوسع في حياتنا العربية / ويحتل كل يوم مساحات اضافية.
أنظمة عربية باغلبها في عزلة عن اشواق جماهيرها .. تبحث عن بقاءها ومصالحها وأمنها خارج الحوطة العربية .. حتى وان ادى ذلك الى تخلي تلك الاقطار عملياً عن مضامين السيادة والاستقلال الحقيقين .
تغليب للهويات الفرعية :
على حساب الهوية الوطنية داخل البلد العربي الواحد .
على حساب الهوية العربية الجامعة الى جهة الهويات الفرعية ان كانت قطرية ، دينية ، مذهبية ، طائفية .. وحتى عرقية .
فالاعراق غير العربية التي تعيش بين ظهرانينا والتي هي تاريخياً تمثل جزءً اصيلاً في نسيجنا وثقافتنا ..
فشلنا في الابقاء على وحدة هذا النسيج .. مما ادى الى .. بروز خصوصية، كردية في العراق ، أمازيغية في المغرب العربي .. أفارقة في السودان .. حتى العرب المسيحون الذين هم ابناء جلدتنا بكل اسهاماتهم الكفاحية والثقافية والعلمية في الحضارة العربية .. اصبح الثوب العربي يضيق بهم !!نسينا كوكبات من الشخصيات العربية المسيحية التي أثرت في حياتنا العربية ايجابياً على كل الصعد مثل جول جمال / فارس خوري /جورج حبش / يعقوب زيادين / ميشيل عفلق / طارق عزيز / فيروز / جورج طرابيشي / نجيب الريحاني والقائمة تطول ، هؤلاء اصبحوا في الاعراف الشائنة الجديدة مسيحيون !! ليس الا!!
وحتى العرب المسلمين .. يعانون اليوم من من عوامل البغض والتباعد فيما بينهم.. فأصبحنا شيعة وسنة ودوروز وعلويين.. !!
لقد فشلنا بأن نحافظ على تنوعنا الايجابي ، وحولناه الى اختلاف سلبي.والقول الصحيحان بقيت حالتنا كما هي .. فاننا سندخل في حرب لا تقل ضراوة عن الحرب الطاحنة بين البروستانت والكاثوليك في اوروبا في القرون الوسطى.
نحتاج ايها الاخوة والاخوات .. الى معاهدة مثل معاهدة (ويست فاليا) تعيد للامة لحمتها الثقافية والاجتماعية على قاعدة المواطنة الحقه. نحتاج الى صهر المصالح العربية على اختلافها .. برؤيا تمثل المصلحة العربية الواحدة لنستطيع المواجهة .. بكل ادوات المواجهة..
ولنتذكر دائماً كل المشاريع الاقليمية والدولية التي تستهدفنا انما تستهدف قلع كينونتنا من جذورها ..
• نراهن على قمة عمان ان تكون قمة وفاق واتفاق / ثانية.. تعيد للأمة وحدة الصف وتوقف نزف الدم العربي في غير مكانه في معارك عبثية حيث يسيل هذا الدم خدمة لمشاريع الغير.
وأذكر هنا "ولربما نفعت الذكرى"بأن قمة الوفاق والاتفاق الاولى في عمان عام (1987) والتي اتسمت ببعض من صفاء النفوس ان حققت او تحقق بعدها مباشرة..
انطلاق الانتفاضة الفلسطينية الاولى المباركة.
عودة مصر الى الصف العربي.
انتهاء الحرب الاهلية في لبنان.
انتصار العراق.
فهل تتمكن قمتنا القادمة من ..
توظيف عوامل القوى العربية في خدمة نفاذ المشروع الفلسطيني الوطني في وجه التعنت الاسرائيلي؟
انهاء حروبنا الرهيبة / العبثية / التي لا غالب بها ولا مغلوب في سوريا والعراق واليمن وليبيا؟
هل نعيد سوريا الى مقعدها في الجامعة .. مقدمة لحل الموضوع السوري وفق رؤيا توافقية وفي اطار نظام ديمقراطي لكل السوريين؟
هل تنجح القمة في التمهيد للقاء سوري / خليجي وتحديداً / لقاء سعودي/ سوري باعتباره من اهم مفاتيح حل القضية السورية؟
هل نشهد في القمة لملمة لاطراف المشروع الوطني الفلسطيني في اطار وحدانية تمثيل منظمة التحرير الفلسطينية للشعب الفلسطيني؟ والاتفاق على برنامج مرحلي يحقق المتطلبات الوطنية الملحة للشعب الفلسطيني؟
هل تتوج القمة جهود مصر الخيرة في اتمام المصالحة الليبية؟
هل يكون الموضوع اليمني حاضر في القمة.. على مبدأ الحل ووقف الحرب والحفاظ على وحدة اليمن؟
وهل .. وهل.. آمال عراض وكبار نأمل ان نراها وقد أخذت مساراتها في قمة عمان..
فالقمة والجامعة العربية ، لا زالت هي بيتنا الجامع.. فهل تكون بداية لأجندة عربية حقيقية ! ، سؤال برسم الآمال والتمنيات ، نامل من قادتنا.. ان يتبعوا مساراً يقربنا من طموحاتنا المشروعة ..
في النهاية.. اود ان اقول..
كما اتفقت منذ زمن انا واخي د.اسعد عبد الرحمن "الاردنيون والفلسطينيون" مثل بيضة بصفارين.. صحيح انه خلل فسيولوجي.. لكنه خلل حميد.. فنحن شعب واحد.. او جزء من شعب وامة واحدة.. ، ولدينا نفس الواقع ونمتلك ذات التطلعات ، ولا ارى بالمدى الذي يلي قيام الدولة الفلسطينية ان يكون"للاردنيين والفلسطينيين" الا مستقبل واحد.. بل وكينونة سياسية واحدة.. واعتقد اننا يجب ان نسير بخطين في علاقاتنا الراهنة ..
- خط تمثله قيادة البلدين ، وعلى القيادتين ان لا يسمحا لدفء العلاقات الطيبة والتواصل الدائم والتخطيط المشترك.. ان تقل حرارته.. فالاردن اليوم في مرحلة انشغال العرب بهمومهم الداخلية يبقى الرديف الاصيل لفلسطين وشعبها .
- خط تمثله قوى شعبنا الواحد الفكرية والسياسية والاقتصادية التي يجب ان تكون في حالة تواصل دائم.. فبذلك نقطع الطريق على الاهداف الخبيثة التي تعتقد ان علاقة الاردنيين والفلسطينيين في الاردن هي خاصرة رخوة ، يمكن من خلالها ان يدسوا سمومهم فيلحقونا بالحال الكارثي للامة في أقطار عدة .. اقطارها الهامة .