نشر بتاريخ: 23/03/2017 ( آخر تحديث: 23/03/2017 الساعة: 10:20 )
الكاتب: مصطفى ابراهيم
في العام 1991، ألغت الأمم المتحدة قراراها رقم (3379) الذي اتخذته عام 1975، وساوى الصهيونية بالعنصرية، منذ ذلك الحين لم تنجح الدول العربية في إعادة الإعتبار لذاتها المهزومة أمام اسرائيل العنصرية وراعيتها الولايات المتحدة الأمريكية والتي كانت وراء إلغاء القرار والذي صاغ قرار الإلغاء نائب وزير خارجيتها، في ذلك الوقت لورانس إيغلبرغر، وجاء فيه: (تُقرّر الجمعية العامة نبذ الحكم الوارد في قرارها رقم 3379).
إلغاء القرار جاء بعد إنهيار الإتحاد السوفيتي وبروز النظام العالمي الأحادي القطبية، ومنذ ذلك الوقت ودولة الإحتلال الصهيونية تتجلى عنصريتها بأبشع صورها، من نهب للأرض الفلسطينية وفرض قوانين عنصرية لتجذير إستكمال مشروعها الإستعماري الإستيطاني على كامل أراضي دولة فلسطين التي تحمل صفة المراقب غير العضو في الأمم المتحدة.
وبعد 23 عاماً يصدر تقرير اللجنة الإقتصادية والإجتماعية لغربي آسيا التابعة للأمم المتحدة )إسكوا) ويذكر الأمم المتحدة إلغاءها قرارها بمساواة الصهيونية بالعنصرية، فالتقرير اتهم إسرائيل بتأسيس نظام فصل عنصري “أبرتهايد” وأوصى المجتمع الدولي، ودعا العالم بعدم الإعتراف بشرعية نظام الأبرتهايد، أو التعامل معه أو تقديم المساعدة له. والتعاون للقضاء على هذا النظام البغيض، وإعادة تفعيل قرارات مناهضة الأبرتهايد، وإحياء الآليات التي كانت تستخدم أيام نظام الأبرتهايد في جنوب أفريقيا.
التقرير أعاد للأذهان حقيقة دولة الإحتلال الصهيونية بإنها عنصرية إرهابية، وأن سحب التقرير من قبل الامين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس، يؤكد ذلك وانها لا تضع إعتبار للعالم وانها فوق الأمم المتحدة، والقانون الدولي والمواثيق والمعاهدات الدولية.
التقرير تجاوز التعامل مع مسألة الأبارتهايد على أنها أعمال وممارسات منفصلة (مثل جدار الفصل العنصري)، أو ظاهرة تولدها ظروف بنيوية مُغفلة كالرأسمالية (أبارتهايد اقتصادي)، أو سلوك اجتماعي خاص من جانب بعض الجماعات العرقية تجاه جماعات عرقية أخرى (عنصرية اجتماعية). فالتقرير عرف الأبارتهايد كما يرد في القانون الدولي، مسترشدا بالاتفاقية الدولية لمناهضة الأبارتهايد، التي تنص على أن جريمة الأبارتهايد تتكوّن من أفعال لا إنسانية منفصلة، لكن هذه الأفعال لا تكتسب صفة جرائم ضد الإنسانية، إلا إذا تعمدت خدمة غرض الهيمنة العرقية، وكذلك باتفاقية “روما” التي تتحدث عن ضرورة وجود “نظام مؤسسي” يخدم “مقصد” الهيمنة العرقية.
للعلم الدول العربية في القرن الماضي شكلت لجنة لدعم قرار إعتبار الصهيونية عنصرية وسميت اللجنة العربية لمكافحة الصهيونية والعنصرية، والتي عقبت على إلغاء قرار الأمم المتحدة بأن هذه الخطوة جاءت إثر مساع محمومة بذلتها الولايات المتحدة، ونتيجة للنظام العالمي الجديد ذي القطب الواحد الآخذ بالتشكّل. ومن ضمن نشاطات اللجنة العربية أصدرت في مارس/ آذار 1994 وثيقة سياسية ذكرت العالم أن دولة الإحتلال الصهيونية مشروع استعماري استيطاني قائم على التعصب المستند إلى معتقدات غيبية مفرطة في الخرافية والإستعلاء العنصري، وأن الصهيونية تستمد جذورها الأيديولوجية من إرث “الشعب المُختار” الإستعلائي العنصري، وأن المشروع الصهيوني يرتبط عضويًا بمشروعات الهيمنة الأميركية، ويهدف إلى إستنزاف العرب وإلحاق الإحباط والتخلف بأجيالهم، وإبقائهم نهب التمزق وقيد الهيمنة، وبالتالي، تعويق التقدّم والنهضة والوحدة في الوطن العربي.
وإذا نجحت الصهيونية مرة أخرى بلي ذراع الأمم المتحدة وإرغامها على سحب تقرير منظمة الـ’إسكوا’ التابعة لها بعد ممارسة الضغط بمساندة أمريكية، كما نجحت مرات كثيرة في منع قرارات وسحب تقارير تتعلق بالقضية الفلسطينية وممارسات دولة الإحتلال العنصرية،. غير ان ذلك لا يعني أن الصهيونية لم تعد عنصرية، فالتقرير أكد على قرار (3379).
تقرير الإسكوا دعا المجتمع المدني والمنظمات غير الحكومية إلى دعم حركة المقاطعة وسحب الإستثمارات وفرض العقوبات على إسرائيل، يبقى أن تنتصر الدول العربية لعروبتها وفضح غالبية دول العالم التي تتملق دولة الإحتلال وتسعى جاهدة لحظر وقمع حركة المقاطعة ضدها، وهي فرصة للعرب لدعم حركة المقاطعة.
والعمل على الضغط على الامين العام للأمم المتحدة الذي تنكر لمعايير الأمم المتحدة التي تعمل على فرض السلم العالمي، وإعادة التقرير المسحوب وإعتماده وإتخاذ إجراءات لإعادة قرار الأمم المتحدة الذي ساوى بين الصهيونية والعنصرية، والأهم وقف التنسيق والتعاون السري والعلني مع دولة الصهيونية العنصرية التي تساهم في تجذيرها وتشجيعها على البقاء كدولة تمارس سياستها العنصرية ضد الفلسطينيين والعرب.