نشر بتاريخ: 23/03/2017 ( آخر تحديث: 23/03/2017 الساعة: 15:27 )
الكاتب: القنصل العام، السيّد بيار كوشار
في السابع من شباط/ فبراير الماضي، استقبل رئيس الجمهوريّة السيّد فرانسوا أولاند، في قصر الإليزيه، السيّد الرئيس محمود عبّاس. وتركّز هذا اللقاء حول نقاش متابعة مؤتمر السلام في الشرق الأوسط الذي نظّمته فرنسا في الخامس عشر من كانون الثاني/ يناير بمشاركة أكثر من 75 بلداً ومنظّمة دوليّة بغية التأكيد من جديد على التزام المجتمع الدوليّ بتحقيق السلام القائم على حلّ الدولتين، وإقامة دولة فلسطينيّة كاملة السيادة وقابلة للحياة، وإنهاء الاحتلال والاستيطان. كما أتاحت لقاءات السابع من شباط/ فبراير التطرّق إلى العلاقات الثنائيّة الفرنسيّة الفلسطينيّة وتجديد، بهذا الصدد، التزام فرنسا بافتتاح مدرسة فرنسيّة في رام الله.
وقد أثار هذا المشروع، الذي يناقَش منذ عدة سنوات، اهتمام الكثير من العائلات الفلسطينيّة، وفي سبيل تلبية هذا الأمر لهم في أسرع وقت ممكن، كان علينا أن نهيّء كافة ظروف نجاح هذا المشروع الذي يستدعي حشد طاقات أطراف فرنسيّة وفلسطينيّة عديدة. واليوم قد تمّ هذا الأمر.
من الطرف الفرنسي، وفضلا عن الزخم الذي منحه رئيس الجمهوريّة، كان الدعم الذي قدّمته وزارة الشؤون الخارجيّة والتنمية الدوليّة، ووزراة التربيّة الوطنيّة والتعليم العالي، والوكالة الفرنسيّة للتنمية، حاسماً في هذا المشروع. وأتاح هذا الدعم جعل هذا المشروع ممكناً، لا سيّما من خلال إحضار مخمّن ليكون مديراً للمؤسسّة وللمدرّسين الفرنسيين.
وفيما يتعلّق بالجانب الفلسطينيّ، وفضلا عن الزخم الذي منحه سيادة الرئيس عبّاس، أودّ أن أشيد بالدعم الذي قدّمه رئيس الوزراء، السيّد رامي الحمد الله، ووزير التربية والتعليم العالي، السيّد صبري صيدم، ووزير الشؤون الاجتماعيّة، السيّد ابراهيم الشاعر، الذين أكّدوا لنا عزمهم على تسهيل إقامة هذه المؤسسة، وفقاً للإطار التشريعي والقانوني الفلسطينيّ.
كما نرحّب بحسن استضافة رئيس بلديّة رام الله، السيّد موسى حديد، لهذا المشروع. كما نشكر أيضا ممثّلي المجتمع المدنيّ الفلسطينيّ والحياة الثقافيّة والأوساط الاقتصاديّة، على دعمهم المتفاني لهذه المؤسسة ولإنجاحها.
ويرتكز هذا المشروع على شراكة بين البعثة العلمانيّة الفرنسيّة ومستثمر فلسطينيّ.
تُعَدّ البعثة العلمانيّة الفرنسيّة المشغّل للمدرسة الفرنسيّة المستقبليّة في رام الله، وهي جمعيّة غير ربحيّة معترف بها كجمعيّة ذات منفعة عامّة منذ عام 1907، وتأتي على رأس شبكة مكوّنة من 111 مؤسسة تقدّم التعليم لأكثر من 55 ألف تلميذ، في 39 بلداً. وتهدف البعثة العلمانيّة الفرنسيّة، وفقاً لبرامج وزارة التربية الفرنسيّة، إلى نشر اللغة والثقافة الفرنسيّة في العالم، من خلال تعليم علمانيّ متعدّد اللغات ومشترك بين الثقافات وملتزم بقيم الإنسانيّة والإعلان العالمي لحقوق الإنسان. وفضلاً عن النجاح الدراسي وتحقيق الذات لدى التلاميذ، تهدف إلى تنمية ممارستهم لحريّة الرأي، واحترام الآخر، وفهم الإرث التاريخيّ والانفتاح على العالم من خلال تمكينهم من لغات عديدة.
وبادر السيّد محمد الخطيب، مدير مؤسسة Bridge Development Group، إلى التعهّد بتوفير الأموال الضروريّة لإطلاق المشروع، وهو ملتزم تماما في تحقيقه بالتعاون الوثيق مع البعثة العلمانيّة الفرنسيّة. وأودّ أن أشيد بالتزامه.
سيتم افتتاح المدرسة الفرنسيّة في العام الدراسي القادم، في أيلول/ سبتمبر 2017، حيث ستستهدف في بداية الأمر تلاميذ رياض الأطفال ابتداءً من عمر ثلاث سنوات. وخلال السنوات القادمة، ستفتتح المدرسة صفوفاً للمستويات الأساسيّة والثانويّة. وستوفّر تعليما متعدد اللّغات (فرنسي- انجليزي – عربي)، وفقا للبرنامج التربوي الفرنسيّ والتشريع الفلسطينيّ، حيث ستمكّن التلاميذ من تقديم الثانويّة العامّة الفرنسيّة بفروعها المتنوّعة، بما يشمل الفرع الدوليّ الذي يفتح الباب لإتمام الدراسات العليا ليس فقط في فرنسا بل في أفضل الجامعات والمدارس الكبرى في العالم.
وندعو العائلات، الكثيرة والتي أظهرت سابقا اهتمامها بهذه المؤسسة الجديدة، إلى التعريف عن نفسها بإرسال بريد إلكتروني، باللغة الفرنسيّة أو العربيّة أو الانجليزيّة، على العنوان التالي :
[email protected] ونؤكّد للعائلات بأنّ المعلومات اللازمة حول التعليم المطروح وإجراءات التسجيل ستصلهم في أقرب وقت ممكن. وفي معرض الإجابة على سؤال – مشروع – يُطرَح بشكل متكرر، أستطيع القول بأن رسوم التسجيل ستكون بمستوى تلك المطبّقة في المدارس الدوليّة الاخرى في رام الله. ونحن متمسّكون بتحديد سقف لهذه الرسوم، حيث ندرك الجهود التي تبذلها العائلات الفلسطينيّة في سبيل تعليم أبنائها.
وسيؤكّد افتتاح المدرسة الفرنسيّة في رام الله على وقوف فرنسا إلى جانب الفلسطينيين في سبيل الحفاظ على مستواهم العالي في التعليم والانفتاح على العالم، والذي يشكّل ورقة حاسمة في بناء دولتهم. وهذا الالتزام قديم، وتمّ تجسيده سابقاً من خلال التعاون النشط في الحقل التربوي واللغوي والجامعي. وسيتواصل على وجه خاصّ من خلال دعم الأنشطة التربويّة للأونروا (في الأراضي الفلسطينيّة المحتلّة وفي الدول المحيطة) واستضافة الطلبة الفلسطينيين في جامعاتنا وكبرى مدارسنا، ناهيك عن الدور الذي تلعبه المدرسة الفرنسيّة في القدس التي تستقبل الكثير من التلاميذ الفلسطينيين من القدس والضفة الغربيّة.
وتمكّنت منذ وصولي من التعرّف على المشكلات – ومن ضمنها مشاعر الإحباط – التي قد تخلقها الشكوك المتعلّقة بالآفاق السياسيّة. وفي هذا السياق، ستصير المدرسة الفرنسيّة في رام الله رمزاً للتقارب بين شعبيّنا ولقناعة فرنسا بأنّه ينبغي على الأجيال الشابّة امتلاك أدوات بناء مستقبلهم.