الأحد: 29/12/2024 بتوقيت القدس الشريف

معروف من اللجوء الى الهجرة..

نشر بتاريخ: 30/03/2017 ( آخر تحديث: 30/03/2017 الساعة: 16:07 )

الكاتب: حسام أبو النصر

للوهلة الاولى يأسرك ذاك الكميائي علما، والروائي فكرا، ذو البعد العميق بعمق ازماتنا، والجرح الكبير بحجم ويلاتنا، وقد تخدعنا كثافة شعره، وتخفي حجم افكاره التي لا نعرفها، ولكن لم يخدعنا بروز العينين الذي يوحي برؤيته الثاقبة التي ولدت من رحم اللجوء في مخيم تل الزعتر، الى ذكريات صبرا وشتيلا، وكأن ما قرأ وسمع عن ويلات النكبة والنكسة لم يكفه، لينتهي به الامر من اللجوء الى هجرة تلك الايام، ويستل قلمه، ويحيك ثوب ذاكرته الاليمة، في روايات الفنتازيا التي تسخر من الواقع المرير، فانتج ما هو اكبر من الرواية واقل من الفلسفة، فرسم بقلمه "ملاك على حبل غسيل"، وصوّر "الكاميرا لا تلتقط عصافير"، وتخيل "كأن حزننا خبز"، بل اكثر من ذلك ليجعل من حقيبة سفره ولجوءه الدائم حكايات تسرد المعاناة، فيصبح فخر آيسلندا مشتعلا كما نشاطها البركاني الجيولجي الدائم، بحجم فخرنا به ، وكان ذلك تتويج ما بعد ترجمة اعماله، واثّر في الفكر الغربي، ليصبح الخلطة الشرقية الغربية التي تحمل ثقافة فلسطين، بل وهموم العرب.
تجربة فريدة جعلت من مازن معروف لا يشبه احد حتى نفسه، ولا يقبل بحد المعنى بل ما بعد المعنى، ولا يقف عند حدود الجملة بل ما خارج حدود الكتاب، عميق التفكير بحجم الهوة التي عاشها بين الغرب والشرق، وبين مخيمات لبنان ومخيمات الهجرة في اوربا ، وحتى حياة الحرب التي انتجت له "نكات للمسلحين" الرواية التي حصلت على جائزة الملتقى الكويتية، وقرر اخيرا ان يكتشف "الجرذان التي لحست اذني بطل الكراتيه" ليجعلنا ننتظر بشغف القادم منه.
ظنت امه انه يكذب عليها وهو ذاهب الى فلسطين، فحزم الحقائب واذ به يعيش تجربة العودة ولو لحين، ويطفىء قليلا من نار الحنين لهذا الوطن الذي لطالما حلم به وكتب له، معروف أحيا فينا الامل كما يحيي ذلك في الاشياء الجامدة بتعابيره وايحاءاته الجميلة، فتاخذك الى عالم الفنتازيا، وكأنه مهرطق من زمن العصور الوسطى، المتمرد على الواقع المحيط، واليوم عاشت فلسطين الفرحة بعودة احد ابنائها اللاجئين لتكرمه بأيام الثقافة الفلسطينية ويكرمها بحضوره جنبا الى جنب مع وزير الثقافة د.ايهاب بسيسو الذي قاتل لعودة احد مثقفي فلسطين، ضمن استراتجية الثقافة مقاومة، وجمع شمل الادباء والكتاب في ارض الوطن.