الجمعة: 29/11/2024 بتوقيت القدس الشريف

الوثائق الفلسطينية المعلنة للتنازل والرجوع إلى الخلف

نشر بتاريخ: 04/04/2017 ( آخر تحديث: 04/04/2017 الساعة: 10:09 )

الكاتب: المحامي سمير دويكات

لا ارغب دائما الكتابة بهذه المواضيع المقيتة، ولكن لخطورة الخبر، سمعت كما باقي الشعب الفلسطيني بان هناك وثيقة ستصدر عن آخر القلاع الثورية والمقاومة من حيث الحجم، وحسب بنودها فإنها ستتنازل عن ثلثي فلسطين لليهود، وان قبول حماس بإقامة دولة فلسطينية على حدود 67 في ظل الدعوة إلى استمرار الجهاد لتحرير فلسطين لن يكون له صدى وسيستغله اليهود إلى المطالبة بالمزيد والمزيد، وهو ما سيظهر التوجه انه متناقض ومعلن من قبل ناس يدللون على أن ما عملوه سابقا كان على خطأ وان اليهود هم على صواب بل وسيتمادون وسيطلبون تعويضات بدل الأضرار المادية والجسدية لقتلاهم في العمليات الفدائية داخل 48 التي ارتبطت بالفصائل، وسيؤدي إلى انقسام جديد وشديد. لأننا لا نسمع للمستشارين والمتخصصين وأعمالنا كلها ارتجالية لغياب المؤسسات وحرية الرأي والتعبير والمشورة الصح.
بالمقابل لهذا، لن يقبل اليهود بهذا الطرح ولن يغيروا من سياساتهم تجاه الفلسطينيين وخصوصا أن هذا الطرح لم يعد مقبول لدى الفلسطينيين ومنذ اتفاق أوسلو لم يفز مؤيدوه بأي انتخابات حرة وديمقراطية مما يعطى مؤشر على أن الشعب الفلسطيني لم يقبل أوسلو وإجراءاته ولا يوجد ما يؤيده أكثر من 20% في أحسن الأحوال مما لهم ضرورات سياسية واجتماعية أو مرتبطين بمناصب تدور في فلك هذا الاتجاه. وفي كل الأحوال هذا الطرح لن يمثل الفلسطينيون أو توجهاتهم وسيؤدي بتلك الفصائل إلى الزوال الحتمي.
الموقف الإسرائيلي اليوم هو في أسوأ مراحله وفي قمة الصلف والهمجية والعدوان ضد الفلسطينيين وهم يعدون لأكبر توسع استيطاني منذ قدومهم إلى هنا، والأمريكان في دعم غير مسبوق لهم، على الرغم من انه وفي كل المراحل السابقة لم يتغير الموقف الأمريكي تجاه الفلسطينيين ولو قيد أنملة، والموقف العربي في أسوا حالاته والذي دعا في اجتماع القمة العربية إلى الذهاب إلى التطبيق مع إسرائيل بدون مقابل، في الوقت نفسه وعلى الرغم من الظروف الصعبة على الشعوب العربية، ما تزال صامدة في مواقفها تجاه القضية الفلسطينية ورافضة للإسرائيلي ولا تقبله إلا إذا دخل البلدان العربية بجواز أجنبي.
أما الموقف الفلسطيني أيضا فلا يحتمل مزيدا من ضياع الحقوق، في الوقت الذي يشهد الوضع الداخلي الفلسطيني مؤشرات على شبه انهيار دراماتيكي لكل مقومات المجتمع الفلسطيني وبالتالي المؤسسات الديمقراطية التي تدعو الوثيقة إلى بناءها ديمقراطية لن تكون موجودة وقت التنفيذ، فالأولى الذهاب إلى تحسين مستويات المعيشة لمواطني غزة والضفة بدل الكلام الذي لا يرقى إلى فهم متطور في السياسة والقانون.
وفي كافة المجالات ومنها المقاومة، الفلسطينيون أفضل من إسرائيل، ويمكن لهم الصمود أكثر إذا ما تم محاربة الفاسدين والمتآمرين على القضية والعودة لاستقطاب الأحرار والبناء المنهجي لمؤسسات وطنية بها بشرة خير.
فقط، أمام الفلسطينيون في هذا الوقت مشروع واحد وهو التمسك بمفهوم الدولة الفلسطينية وترك كل ما هو قديم خلفها، والذهاب إلى مشروع موحد لإنهاء الانقسام، وترك ما هو خلف ذلك،لان الإنسان بتطوره وتقدمه قادر على الإنتاج بأدوات جديدة وليس قديمة لأنها باتت معروفه، وبالتالي إن أرادت الفصائل جذب الانتباه الدولي، فإنها ستفقد الانتباه الداخلي واهتمام المواطن الفلسطيني والعربي وهو اكبر خسارة.
لذلك إن طرح أي وثيقة فيها تنازل ستكون مجانية للاحتلال ولن تفيد مقدمها ولن تفيد فلسطين أيضا، بل على حركة فتح في ضوء فشل مشروع التسوية أن تمنع الفصائل الفلسطينية من تقديم مثل هذه الوثائق لان فتح وطنية ومشروع تحرري ضد احتلال وستتخلى عنها عما قريب وتعود للمربع الأول لان الإسرائيليين لن يقبلوا بشيء من هذا القبيل والتاريخ سيحدثنا بما هو آت.