نشر بتاريخ: 04/04/2017 ( آخر تحديث: 04/04/2017 الساعة: 15:35 )
الكاتب: ماهر حسين
تعلمت من السياسة كوني فلسطينيا" يجب علية أن يعي ما يحصـــل ...
بأنه في حال وجود نزاع أو خلاف بين طرفين أو أكثر، أو حدوث صراعٍ جديّ ومعقّد، مترافقاً مع إيمان هذه الأطراف المتقاتلة بعدم قدرتها على تحقيق النصر التام على الأخر أكانت أهدافها إلغاءه أو القضاء عليه؛ أضف إلى ذلك اذا توصلت الأطراف المتصارعة الى القناعة بضرورة تجاوز الخلاف والصراع بالتفكير بالمستقبل وتجاوز الماضي على أمل التعايش والسلام ؛ فان هذه الأطراف أو الجهات المتصارعة حتما" سوف تتوجه للحوار وللمفاوضات بغية حل الخلاف القائم بينهـــا.
وعندهـــا ومن أجل المستقبل ولتحقيق السلام ولإستعادة الحقوق وبلا تردد أقول بإنّ التحريض بكل اشكاله مرفوض، إذ لا يمكن أن يترافق التحريض مع المفاوضات .
ولا يمكن أن يستمر التحريض مع الحوارات .
وحتما" لا علاقة أبدا" قد تجمع ما بين التحريض و حلول الصراعات وخاصة المعقد والدموي منهـــا .
فالتحريض هو تأجيج للصراع وإستعادة للغة الإنتقام وهو حتما" تدمير لفرص السلام والحل في المستقبل .
من المؤكد بأن المفاوضات والحوارات والحلول تقتضي من الجميع وأكرر من الجميع التوقف عن ممارسة التحريض كي يكون الحل مقبولا" لدى الشعب، المتأثر الأول والأخيرة بنتائج هذه الممارسات .
ويرتبط التحريض عادة" بمراحل الصراع الأولى حيث يكون الهدف منه الإنتقام من هزيمــــة وحشد الجماهير لتحقيق نصر ، وعادةً ما ترتفع وتيرة التحريض حين يكون الصراع في أوجّه خاصة في حال وجود إقتتـــال أو إشتباك .
فتكون النتيجة الحتمية للتحريض المستمر إقتتال أو رفض أي حلول ممكنة بين المتصارعين وفي المجتمع الواحد أو في الدولة الواحدة قد يخلق التحريض شرخ عميق في النفس فالتحريض الطائفي وكمثال هنـــا قد يحتاج الى سنوات لتتمكن هذه المجتمعات من تجاوز أثار التحريض لإستعادة وحدتهـــا كأبناء بلد واحد.
وبكل الأحوال أكرر هنا لتثبيت الفكرة .. طالما إرتضت الأطراف المتصارعة الحوار والتعايش والبقاء معا" فالتحريض مرفوض ويجب الحؤول دونه عبر منعه ومراقبته ومحاربته ذاتيا" ووطنيا" ولو من قبل طرفٍ ثالث .
هذا إذا آمنا بالحل والحوار والمفاوضات والتعايش .
والتحريض لا يمكن وقفه من جانب واحد دون الآخر لأنه يعكس حالة ضعف غير مقبولة جماهيريا". فلا يعقل أن يكون هناك أزدواجية كحالنا في الصراع الفلسطيني الإسرائيلي فهناك رغبة في المفاوضات والسلام من الجانب الفلسطيني ويقابلها في ذات الوقت مصادرة للأراضي وإستيطان من قبل الإحتلال.
إنّ مصادرة الأراضي وإستمرار الإستيطان ليسا تحريضاً وفقط، بل هو ممارسة فعلية للتحريض في إسرائيل حيث يعتبر البعض بأن فلسطين هي أرض الميعاد وكنتيجة لتكرار هذه المقولات البعيدة عن أي إثبات يعتقد البعض بأن الإستيطان حق .
علما" بأنني أرى بأن الإستيطان هو عدو للطرفين لأنه نتاد تطرف وتحريض والإستيطان حتما هو عدو لكل أنصار السلام والحق في العالم .
ولهذا نقول يجب أن يكون هناك وقف لكل الأفعال والممارسات الإحتلالية التي تسبب تراجعاً في فرص تحقيق السلام الذي لن يكون بدون إقامة دولة فلسطينية عاصمتها القدس الشرقية التي ستكون مفتوحة للجميع .
أنا مع وقف التحريض من كل أطراف الصراع فنحن مثلا" في فلسطين أصحاب حق لا نحتاج للتحريض العرقي أو الديني في صراعنا لنيل حقوقونا فالتحريض يلغي العقل لحســـاب العاطفة بعيدا" عن رؤية المستقبل .
بالنسبة لي لا يجب أن نقبل التحريض على خلفية الدين أو العرق أو الأصل أو اللون أو الجنس وهذه الرؤية نابعة من إيماني المطلق بأن الله عز وجـــل خلق التباين بيننا كرحمة .
أعلم بأنه ليس من السهل التعاطي مع موضوع التحريض فلسطينيا" ولكني مع وقف التحريض في عدة مجالات :
داخليا": أنا مع وقف التحريض بين التنظيمات ولا يجب ألا نسمح للغة التخوين والتكفير الملعونة بأن تسود في الشأن الداخلي، وهنا ادعوكم مثلا" لمراجعة مواقف (حماس) التحريضية التكفيرية من أي حل على جزءٍ من فلسطين وستلاحظون مقدار التخوين والتكفير غير المعقول الذي ما إنفكت حماس تستخدمته في وصفها منظمة التحرير الفلسطينية وحركة التحرير الوطني الفلسطيني (فتح) والسلطة الوطنية. اليوم حماس وبشكل علني ودائم تكرر بأنها مع دولة فلسطينية على الأراضي المحتلة عام 1967 فأين التكفير والتخوين وأين شعارات (أرض وقف) و(لا يجوز التنازل عنها) وغيرها.
إن وقف التحريض الداخلي بين كل مكونات الشعب الفلسطيني وفصائله هو أساس للمّ شمل الجميع ضمن إطار واحد هو منظمة التحرير الفلسطينية. وهو أساس لعودة اللحمة بين الضفة وغزة وهو أساس لوحدة شعبنا في الداخل والخارج فلا مخيم ولا مدنية ولا قرية ولا ضفة ولا غزة ولا عرب إسرائيل ولا لاجئين أو دروز أو نازحين أو عائدين ولا مسيحي أو مسلم فالكل فلسطيني .
أما في صراعنا الدائم لننال حقوقنا الثابتة وعلى رأسهــــــــــا إقامة الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس الشريف فأنا مؤمن بأن الحوار والمفاوضات هي الطريق الى السلام، وهي أساس الحل القـــادم ، وهذا يحتّم علينا العمل لتوفير الأجواء الازمة لتحقيق ما نريد.
أعلم بأن هذا المقــال سيغضب البعض ولكني بشجاعة المؤمن أقــــول بأن التحريض لا علاقة له بالقوة وبأن الشتائم صفة مقيتة لمن يطلقهـــا.
في النهاية أنا أدعو لتعزيز الحوار الداخلي و لوضع وثيقة و عهد بين كل مكونات الشعب الفلسطيني وفصائلة تتضمن الرفض التام للتحريض الداخلي على خلفية أي تباين في المواقف .
وخارجيا" في صراعنا مع إسرائيل لنيل حقوقنا الوطنية لإقامة فأقف مع مقترح الرئيس محمود عباس (أبو مازن) القائد الحقيقي للسلام في المنطقة و أدعو لإعادة تفعيل (لجنة وقف التحريض ) من الجانبين فلا يجب أن يستمر رئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو في الترويج لكذبة (التحريض) الفلسطيني كسلاح لضرب فرص السلام في المنطقة وللتهرب من عملية السلام .. فلا يمكن أن يتم التعامل مع مقال أو كلمة على الفيس بوك كالتعامل مع إغتصاب أرض وإقامة مستوطنة عليها .
نعم كلا العملين تحريض ولكن احدهمـــا لفظي ولا يخرج عن غضب في العالم الإفتراضي والآخر تحريض يمارسه الطرف الأقوى بمعايير القوة على الأرض ويصنف كجريمة.
في فلسطين لقد أخترنـــا الطريق ووضعنا البرنامج فلنقم بما يجب للوصول الى ما نريد وما نستحق وما يمكن .