نشر بتاريخ: 04/04/2017 ( آخر تحديث: 04/04/2017 الساعة: 15:23 )
الكاتب: خالد بركات
بالأمس قرر السيد أسامة القواسمي أحد المتحدّثين باسم حركة فتح أن يهاجم الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين بسبب بيانها الرّافض للقاءات مع الصهاينة، وتحذيرها قيادة السلطة من مغبة الاستمرار في مثل هذه اللقاءات العلانيّة منها و السرّية، التي تجري أمام - أو من وراء - ظهر الشعب الفلسطيني، واعتبرت الجبهة أن هذه اللقاءات تقوض جهود حركة المقاطعة الدّولية لعزل الاحتلال وهي لقاءات عبثية ولا قيمية لها، بل وضارة جداً.
واليوم تطالعنا وكالة معاً الإخبارية (مُقربة من حركة فتح ) بإعادة نشر " افتتاحية الحياة الجديدة " الجريدة الرّسمية للسلطة الفلسطينية التي جاءت هجوماً جديداً على الجبهة الشعبية للسبب والغرض نفسه.
لا بأس، يبدو أن رئيس وحزب وأجهزة السلطة الفلسطينية ضاقوا ذرعاً بالجبهة ومواقفها، وهذا موقف وشعور متبادل على أي حال، لكن، لماذا لا نبحث في صلب الموضوع؟ لماذا تريد أبواق السلطة حرف النقاش عن مساره وجوهره الحقيقي؟
أصدرت الجبهة الشعبية بيانا قبل عدة أيام استندت فيه إلى تقرير نشرته منظمة " بايكوم " الصهيونية في بريطانيا وهي منظمة معروفة وتشبه إلى حد كبير " إيباك " في الولايات المتحدة ولو أنها أقل قدرة وتأثيراً. وتناقلت بعض الصحف البريطانية، ومنها " ذا ايفنينغ ستاندرد " وغيرها خبر هذا التقرير، ومفاده أن لقاءات سرّية جرت بين فلسطينيين واسرائيليين في لندن أواخر العام 2016 ، وكان هدف هذا اللقاء - المسار البديل - هو إزالة أية عثرات تقف في طريق المفاوضات!
ولا أظن أن شعبنا الفلسطيني فوجئ من الخبر أو حتى اهتم به أصلاً، عداك على أن المستهدف من نشر التقرير المذكور ليس الفلسطينيين والعرب بل الرأي العام الدولي في بريطانيا تحديداً، وللقول له: هناك لقاءات وجهود تبذل للاستمرار في عملية السلام فلماذا تقاطعوننا طالما أننا وممثلي الشعب الفلسطيني علاقتنا تمام؟!.
وبصراحة أكبر، لم يكترث شعبنا للأمر لأن المفاوضات واللقاءات والنشاطات التطبيعية أصبحت عادة سرّية وعلنية ويومية أدمنتها سلطة أوسلو حتى وصلت إلى حدود بات يعرفها كل الناس.
ولا أحد يحسب أو يعّد عدد اللقاءات المباشرة وغير المباشرة التي أجراها أبو مازن وفريقه مع الصهاينة، وهناك لجنة مشبوهة جرى تشكيلها لتسويق التطبيع كثقافة وسياسة يومية ( شطارة) اسمها " لجنة التواصل مع المجتمع الاسرائيلي " يترأسها محمد المدني عضو اللجنة المركزية لحركة فتح، وسبق أن طالبت اللجنة الوطنية للمقاطعة وكل قوى المقاومة الفلسطينية حل هذه اللجنة المشبوهة.
كان الأجدر بحركة فتح أن ترد على تقرير " بايكوم " لا على بيان الجبهة الشعبية، وكان الأجدر بها أيضاً أن تنفي مشاركة مقربين من السلطة في هذه اللقاءات التي جرت ( ليس لأننا نصدق الصهاينة لكن لأن السلطة تكذب ولم تُصدق ولا مرة واحدة )، كان الأولى لحركة فتح أن تردع نفسها ورئيسها من الاستمرار في طريق العبث، لا أن تحاول " تعليم " الجبهة الشعبية درساً في الأخلاق الوطنية.
هجوم إعلام حركة فتح على الجبهة الشعبية ليس سببه بيان أصدرته الجبهة حول لقاءات سرية جرت في لندن ، بل الخلافات بين الجبهة وبين القيادة المتنفذة في (م.ت.ف) أعمق وأكبر وصلت إلى حدود اللاعودة؛ فالجبهة تستعد لخطوات سياسية جادة ومرحلة جديدة حسمتها اللجنة المركزية العامة في دورتها الأخيرة وسوف نترجمها، وقريباً جداً.