الجمعة: 29/11/2024 بتوقيت القدس الشريف

وثيقة حماس؛ بين الاستراتيجية والتكتيك في الواقع السياسي

نشر بتاريخ: 04/04/2017 ( آخر تحديث: 04/04/2017 الساعة: 19:49 )

بقلم: المبعد فهمي كنعان
كثر الحديث في الآونة الاخيرة حول الوثيقة التي تعتزم حركة حماس اصدارها، وخاصة بعد تسريبها من قبل قناة الميادين، وما بين التأكيد والنفي تعددت الآراء والاقوال في ما تناولته الوثيقة من رؤية سياسية جديدة.

وبعد نشر هذه الوثيقة اليوم استطيع ان اسجل بعض الملاحظات عليها بالمقارنة مع ميثاق حركة حماس الذي صدر في العام 1988.

اولا: تؤكد حركة حماس في وثيقتها الجديدة انها حركة تحرر فلسطينية، ولم تشر الى انها احد اجنحة جماعة الاخوان المسلمون بعكس المادة الثانية من ميثاقها وهنا اقتبس من ميثاقها " حركة المقاومة الإسلامية جناح من أجنحة الإخوان المسلمين بفلسطين. وحركة الإخوان المسلمين تنظيم عالمي، وهي كبرى الحركات الإسلامية في العصر الحديث" وهي بذلك تنتقل من كونها ذراع للإخوان المسلمين الى واقع التنظيم السياسي المستقل للخروج من مأزق تبعيتها للتنظيم الدولي.

ثانيا: ادخال مصطلح حركة تحرر وطنية وهنا اقتبس من النقطة (1) من الوثيقة الجديدة" حركة المقاومة الإسلامية "حماس" هي حركة تحرر ومقاومة وطنية فلسطينية إسلامية، هدفها تحرير فلسطين ومواجهة المشروع الصهيوني، مرجعيتها الإسلام في منطلقاتها وأهدافها السامية" حيث لم ترد مصطلح الوطنية في ميثاقها السابق، وهنا اقتبس من المادة السادسة للميثاق السابق " حركة المقاومة الإسلامية حركة فلسطينية متميزة، تعطي ولاءها لله، وتتخذ من الإسلام منهج حياة، وتعمل على رفع راية الله على كل شبر من فلسطين" وهذا يأتي في سياق تعاطيها مع الواقع الراهن وتأكيدها على انها حركة وطنية فلسطينية بعيدا عن أي توجهات او ولاءات اخرى.

ثالثا: وهذا هو اهم ما في الوثيقة هو استعدادها بالقبول بدولة على حدود الرابع من حزيران 1967 وهنا اقتبس جزء من النقطة (19) من الوثيقة الجديدة " وإن إقامة دولة فلسطينية مستقلة كاملة السيادة وعاصمتها القدس، على خطوط الرابع من حزيران/ يونيو 1967، مع عودة اللاجئين والنازحين إلى منازلهم التي أخرجوا منها، هي صيغة توافقية وطنية مشتركة، ولا تعني إطلاقاً الاعتراف بالكيان الصهيوني، كما لا تعني التنازل عن أي من الحقوق الفلسطينية. وهذا يتعارض من ميثاقها القديم وهنا اقتبس بعض الفقرات من المادة الثالثة عشر" تتعارض المبادرات، وما يسمى بالحلول السلمية والمؤتمرات الدولية لحل القضية الفلسطينية مع عقيدة حركة المقاومة الإسلامية، فالتفريط في أي جزء من فلسطين تفريط في جزء من الدين" وكذلك اقتبس من نفس المادة " ولا حل للقضية الفلسطينية إلا بالجهاد، أما المبادرات والطروحات والمؤتمرات الدولية، فمضيعة للوقت، وعبث من العبث. والشعب الفلسطيني أكرم من أن يعبث بمستقبله، وحقه ومصيره" وهذا يدلل على تغير استراتيجي في رؤية حماس للواقع السياسي الراهن وامكانية التعاطي معه.

رابعا: اقرار حركة حماس بمنظمة التحرير الفلسطينية كممثل شرعي ووحيد للشعب الفلسطيني، وهنا اقتبس من النقطة (27) من الوثيقة: "منظمة التحرير الفلسطينية إطار وطني للشعب الفلسطيني في الداخل والخارج يجب المحافظة عليه، مع ضرورة العمل على تطويرها وإعادة بنائها على أسس ديمقراطية، تضمن مشاركة جميع مكونات وقوى الشعب الفلسطيني، وبما يحافظ على الحقوق الفلسطينية" بعكس ما اكدت عليه في ميثاقها السابق حول علاقتها بمنظمة التحرير الفلسطينية وهنا اقتبس جزء من المادة السابعة والعشرون" ومن هنا، مع تقديرنا لمنظمة التحرير الفلسطينية -وما يمكن أن تتطور إليه- وعدم التقليل من دورها في الصراع العربي الإسرائيلي، لا يمكننا أن نستبدل إسلامية فلسطين الحالية والمستقبلية لنتبنى الفكرة العلمانية، فإسلامية فلسطين جزء من ديننا، ومن فرّط في دينه فقد خسر"

اضافة لما ذكرت هناك بعض الاشارات التي ارسلتها عليها حركة حماس في وثيقتها الجديدة كعلاقاتها بالمحيط العربي والدولي، وهنا اقتبس من النقطة (36) من الوثيقة الجديدة " تؤمن حماس بالتعاون مع جميع الدول الداعمة لحقوق الشعب الفلسطيني، وترفض التدخل في الشؤون الداخلية للدول، كما ترفض الدخول في النزاعات والصراعات بينها" وتأكيدها على عدم التدخل بشؤون الدول الاخرى، واضافة الى تأكيدها على احترام كافة الاديان في فلسطين من خلال النقطة (8) من الوثيقة الجديدة اضافة الى رؤيتها للواقع السياسي الراهن وتقبل هذا الواقع.

اخيرا اعتقد ان حركة حماس وبهذه الوثيقة وما ورد فيها تحاول ان تسجل نقلة فريده، بين التوجه او التنظيم الأيدلوجي الى التوجه او التنظيم السياسي الجديد، ليعطيها هذا التوجه مجالا اكبر في قبولها في مختلف الساحات، سواء الفلسطينية او العربية او الدولية، لكن السؤال المهم او الاهم هل تستطيع حركة حماس الجمع ما بين هذه التناقضات، ما بين فكرها القديم ووثيقتها الجديدة؟ وهل ستستطيع حركة حماس من خلال نهجها وسلوكها على الارض، التعاطي مع متطلبات الواقع السياسي دون التخلي عن بعض الاستراتيجيات التي كانت تشكل لقياداتها ولأفرادها عقيدة تعتبر جزء من الدين الاسلامي؟