الجمعة: 29/11/2024 بتوقيت القدس الشريف

لا مصالحة ولا تعايش مع العنصرية

نشر بتاريخ: 10/04/2017 ( آخر تحديث: 10/04/2017 الساعة: 09:19 )

الكاتب: د.مصطفى البرغوثي

من أهم مزايا التقرير الذي أعده الباحث ورجل القانون الدولي ريتشارد فولك وفريقه بتكليف من منظمة الاسكوا، أنه حلل علميا وقانونيا الوضع في فلسطين، مثبتاً وقوع جريمة الأبارتهايد دون اللجوء إلى الخطابات السياسية، بل من خلال التقيد العلمي الكامل بتحليل يستند إلى القانون الدولي.
ومن مزاياه أنه أوضح أن تجزئة الشعب الفلسطيني إلى أربعة أجزاء، اللاجئون في المنافي، وسكان الضفة والقطاع، وسكان القدس، والفلسطينيون في الداخل، هو أداة من أدوات منظومة الهيمنة العنصرية والأبارتهايد.
كما أظهر "أن استراتجية تفتيت وتجزئة الشعب الفلسطيني هي الأسلوب الرئيس الذي تفرض من خلاله إسرائيل نظام الأبارتهايد".
ولعل أهم ما ورد في التقرير التوصيات الأربع التي قدمها للأمم المتحدة وكل دول ومؤسسات العالم:
وأولها عدم الاعتراف بشرعية نظام الأبارتهايد. وثانيها عدم تقديم أي دعم أو مساعدة لنظام الأبارتهايد. وثالثها أن من واجب الأمم المتحدة والدول التعاون للقضاء على نظم الأبارتهايد. ورابعها أن من واجب مؤسسات المجتمع المدني استخدام كل ما في حوزتها من أدوات للتوعية حول نظام الأبارتهايد والضغط على إسرائيل لإنهائه.
وفي المحصلة طالب التقرير، بإعادة إحياء لجنة مكافحة العنصرية في الأمم المتحدة والتي تم حلها بعد إسقاط نظام الأبارتهايد العنصري في جنوب إفريقيا، بحكم أن نظاما أشد سوءا وعنصرية قد أنشئ من قبل إسرائيل، ولا بد من النضال لإسقاطه.
لا يمكن اتهام ريتشارد فولك بأنه لا سامي، فهو يهودي الأصل، ولا يمكن اتهامه باللاعلمية، فهو من خيرة خبراء القانون الدولي في العالم، وتولى منصبا رفيعا في مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة.
ولا يجوز رغم خضوع الأمين العام للأمم المتحدة للابتزاز والإرهاب الفكري الإسرائيلي، السماح بنسيان هذا التقرير وأهميته، كما أن من المهم عدم السماح بتحييد تأثير هذا التقرير واستنتاجاته، التي باركها كل الفلسطينيين، عن النشاط السياسي والمواقف الدبلوماسية الفلسطينية والعربية.
وعندما يدور الحديث عن الحلول كإنشاء دولة فلسطينية أو ما يسمى "حل الدولتين"، وعندما تتكاثر كالفطر بعد مطر الشتاء مشاريع التسويات السياسية، لا بد من تذكر أن أي حل يتجاهل قواعد العدالة الإنسانية لن يكون ظالما فحسب، بل لن تكتب له الديمومة والحياة، فهذه حصيلة تجارب سبعين عاما منذ وقعت النكبة وخمسين عاما منذ احتلال الضفة والقطاع.
ولكل ذلك فمن الضروري، بل من الحتمي، أن يتضمن الخطاب السياسي الفلسطيني، والأهداف الاستراتجية الفلسطينية لكل القوى والمؤسسات الرسمية والشعبية والأهلية، هدف إسقاط نظام الأبارتهايد العنصري ورفض التعايش معه أو القبول به.
إنهاء الأبارتهايد هو الطريق للحرية وهو السبيل لتحقيق المساواة والعدالة الإنسانية، وإلغاء كل أشكال التمييز العنصري.
ولا أعتقد أن هناك في العالم كله من سيتجرأ على الدفاع عن التمييز العنصري أو نظام الأبارتهايد.
ولذلك تتجنب المؤسسة الإسرائيلية والإعلام الإسرائيلي النقاش في هذا الموضوع، وتحاول جر الفلسطينيين إلى نقاش قضايا مفتعلة كالتحريض أو العنف أو ما تسميه الإرهاب.
نقطة القوة في خطابنا يجب أن تكون رفض التمييز العنصري وما أفرزه من نظام أبارتهايد، ورفض التصنيف والتجزئة التي تعرض لها الشعب الفلسطيني.
لم ألتق بمجموعة صديقة أو معادية، غربية أو شرقية، سياسية أو مجتمعية، تجرأت على الدفاع عن العنصرية والتمييز العنصري.
هذه نقطة قوتنا وجوهر عدالة قضيتنا.