الكاتب: منذر ارشيد
كنت قد اتخذت قرارا ً بالتوقف عن كتابه المقال ولكن من أجل أبطالنا الأسرى ، ودعما لجهودهم ومعاناتهم ،أكتب مقالا إستثنائيا وذلك لأهمية الأمر ، وأيضا ً تجاوبا ً لطلب الإخوة الذين ناشدوني بالعزوف عن التوقف..ولا أدري هل سأستمر أو أتوقف ..!
بدون أدنى شك إن الإضراب الذي يخوضه الأسرى وبقيادة الأخ مروان البرغوثي لهو أمر في غاية الأهمية أولا..رسالة من أبطالنا الأسرى بشكل عام، رسالة للسجان بأن للفلسطيني كرامة ولا يتنازل عنها ...
و رسالة خاصة من مروان للجميع مفادها...
مازالت الرصاصة في جيبي وبمعنى أدق ..
(مازالت كلمة السر لدي)
وبأكثر توضيحا ً ما زلت الرقم الصعب
لست هنا هتيفا ولا مروجاً ولا داعيا ً (من دعاية) لمروان...!
أتحدث هنا بكل تجرد ومن خلال رؤيا وواقع واضح وليس رأي شخصي بالمطلق ..أللهم سوى أنني أحلل الوضع كما هو وليس كما أرغب..
ولو كانت رغبتي ورؤيتي لقلت جملة واحدة (ضاعت القضية)
فالمسألة تعدت كل ذلك إلى ما هو كائن وسيكون...
وكله عند رب الكون ، وله الأمر من قبل ومن بعد..
وشاء من شاء وأبى من أبى فلسطين ستعود بأمر الله، ووعد الله أقوى وأعظم وأحق من وعد بلفور..وهي قناعة لدى كل مؤمن بالله وكتبه ورسله.....بأنهم زائلون ونحن الباقون مهما طال الزمن...
( أين وكيف ومتى )...!؟
اسئلة يطرحها كل فلسطيني في الوطن والشتات والحيرة تملأ القلوب خاصة أن مؤشر الإنقسام أصبح أكثر وضوحا ً وفضوحا ً وخطورة من ذي قبل ، والمشاريع التصفوية للقضية باتت تؤرقنا جميعاً ، وأكثر ما يتمناه الفلسطيني أن يبقى على أرضه..ولا يتشرد كما هو الحال في الجوار..!
مروان البرغوثي الذي كان لي تجربة معه ربما كانت فاشلة وكان لي تحفظات وانتقادات نتيجة بعض المواقف التي حصلت في حينه ولكن ورغم كل شيء وقفت معه في أكثر من موقف..ولا يمكنني الان وهو يعاني قهر السجان إلا أن أقول خيرا ً ولا أصمت..
وكما أنه لا يمكنني أن أنكر حقيقه أنه مازال ذلك القائد الذي كان له الباع الطويل في تحريك الشارع من خلال الثقة التي ترسخت بينه وبين غالبية الفتحاويين وغيرهم ناهيك عن القدرة الخطابية في تشجيع وتهييج الرأي العام ، مما أهله لاستقطاب الجمهور العريض وليس الجمهور الفتحاوي فقط ...
والدليل ...أنه بعد غيابه فَتَرَت لا بل نامت الساحة الفلسطينية وما عادت الفعاليات الميدانية كما كانت في عهده..وكلنا يعرف كيف كانت الساحة تعج بالفعاليات والمسيرات والتظاهرات ضد العدو ، والمواجهات اليومية التي قضّت مضاجعه على مدار الساعة..قبل الإنتفاضة وبعدها.
اليوم مروان وهو العارف بما يجري في المنطقة وما تتعرض له القضية الفلسطينية والحلول المطروحة، وهو يدرك تماما أن الميدان الان مفتوح لكل الإحتمالات وهناك من دخل في محور هنا أو هناك والبعض يلهث للركوب في قطار المشاريع على أعتبار أنه المؤهل وصاحب التاريخ وأول القنابل وآخر الحجارة ...
مروان الذي عانى سنوات الظلم والقهر كغيره من الأسرى لن يكون ضحية لهؤلاء الطامحين الطامعين وهم يتاجرون بإسمه وحتى بأسماء الشهداء ولن يستمر بدفع الثمن كما يرغب الطامعون.. والسجن لن يغلق عليه للأبد ..ومصيره الحرية حتما ًعاجلا أو آجلا، وهو يعمل ويتابع على إعتبار أنه هو المؤهل ... وقد استفاد من فترة سجنه حيث إبتعد عن المهاترات التي حصلت خلال الأعوام الفائته وحافظ على سمعته لا بل زادت طهارتة معاناته الطويلة ..
وأعتقد جازما أنهم إستوعبوا الأمر الان مع نجاحه بتحقيق الإضراب في الوقت الذي حدده
مروان أطلق كلمة السر التي أثبتت أنها مفتاح الشارع والجماهير ، وكان لقوله وبعد غياب طويل ردود فعل إستطاع أن يؤكد من جديد أنه ورغم غيابه القسري أنه هو القادر أن يحرك الشارع وليس غيره
( المؤتمر السابع )
كلنا شاهدنا مجريات المؤتمر السابع وكيف تم تغييب عدد كبير من القوى الفتحاوية الأصيلة والتاريخية ولا أعتقد أن مروان كان ليوافق على مهزلة شطب الخميرة الفتحاوية الأصيله ممن دفعوا برأس المال النضالي يوم كان النضال بالروح والدم والمال...
مروان ليس لأحد من اللجنة المركزية فضلٌ عليه في كسب الأصوات بل هو من له الفضل على بعضهم ولولاه لما وصلوا فبشعبيته حصد الأصوات ، وكم من الأشخاص إستفادوا بتحالفهم معه وأصبحوا لجنة مركزية ...وهم أنفسهم من تحالفوا مع غيره (دحلان ) في السادس وبعد أن وصلوا إنقلبوا عليه
وليس ما حصل مع مروان بأقل ما كان مع غيره نسبةً وتناسب فالرجل ربما شعر بشيء من المهانة جراء الخذلان الذي لاقاه من رفاقه اللزم ممن كانوا يدعون الولاء والحب والتقدير له.
وكان المؤتمر السابع ومخرجاته وما تبعه من تعيينات كل ذلك كان مؤشرا ً للخذلان...
فبعضهم إستعمل الكلام المعسول وبعض الجمل الفضفاضة مثل مروان في القلب ..مروان القائد ...مروان بعد أن يخرج مكانته محفوظه...ووالخ وفيهم من يتمنى أن يبقى مروان سجينا أبدياً ، لأنهم بوجود مروان أسفاراً
كل ذلك لم يقنع مروان ..فالأمور تتسارع والاوضاع تتطور وقد تأسست لجنة مركزية جديدة فعالة لا دور لمروان فيها سوى الغائب الغير حاضر.. وكل ما طالت غيبته كلما زادت غُربته أو تَغريبه إن صح التعبير.. سواءً قصد مروان أو لم يقصد ...فهو يرفع الكرت الأحمر ليقول ( أنا هنا ) ممنوع التجاوز...ومروان اليوم حاضراً ليس بإسمه فقط بل بالقاعدة الشعبية التي تكرست وتضاعفت اليوم...وليس كبعض الواهمين ممن لو ظهروا في الشارع لشبعوا بصاقاً وتريقة واستهزاءً
( الإضراب ومطالب بسيطة )..
ربما يقول البعض لا تُكبر الموضوع, وما هو إلا إضراب كباقي الإضرابات... أقول نعم إنه إضراب...ولكنه غير عادي وفي ظروف إستثنائيه تتسارع خلالها الأحداث وتتحدد فيها معالم المرحلة القادمة... وسيتحدد خلالها من سيقود المرحلة القادمة خاصة أن أبو مازن أعطى كل ما يمكنه ، وآن له أن يعتزل وقالها وكررها أكثر من مرة .، والوضع الطبيعي أن تجري إنتخابات رئاسية وليتنافس المتنافسون..ومن سينافس مروان بعد الان...!!
( مقال في التايمز الأمريكية )
مروان الذي نشرت له أكبر الصحف الأمريكية مقالا يتحدث خلاله عن رؤيته السياسية ومطالب الأسرى وظروف الإعتقالات الإجرامية بما فيها أساليب تعذيب وحشية .. فنشر هكذا مقال في هذا الوقت بالتحديد لهو مؤشر هام على الاهتمام العالمي الأمريكي به ولأول مرة
(ضربة معلم )
إضراب الألف وما يزيد ، فهو إضراب مروان بالدرجة الأولى..فمروان بهذا الإضراب ضرب أكثر من عصفور بحجر واحد.. مروان بعد سنوات السجن التي لم يكن له فيها نشاطا ً يذكر سوى بعض الرسائل الموجهه للقيادات سواء في فتح أو حماس والتنظيمات وفيها من البرامج والمناشدات وطرح الحلول التوفيقيه لبعض الأزمات والتي أخذت بعض الإهتمامات هنا وهناك ولكن هذه المرة كانت رسالته أكثر من توجيه أو طرح حلول أو مناشدات...بل يتعاداها إلى أكثر من ذلك
مروان هذه المرة وجه رسالة من أقوى الرسائل الى القواعد الشعبية وقد تلقفها الجمهور الفتحاوي والفلسطيني بكل أطيافه وتفاعل معها
وها نحن نشهد كيف تم التفاعل مع المضمون وبالتوقيت الذي حدده مروان.. ال17 من نيسان ..فكان أكثر من ألف أسير بمن فيهم أسرى ليس لهم حاجة وأمورهم ميسرة مثل القائد كريم يونس الذي ألقى بكل الإمتيازات التي له وتضامن مع مروان لهو دليل على الثقة التي يوليها الأسرى لمروان
صحيح أن التفاعل لم يكن بما يتمناه مروان وإخوانه الأبطال فالدعوة للإضراب بحد ذاتها نجحت بنسبة كبيرة والدليل الاول.. أن الإضراب حدث فعلا ً ..
ثانياً ..التفاعل معه بدأ من خلال الفعاليات الميدانية حتى لو لم تكن كما كان في الماضي .
( أختلفت الظروف ) وكلنا يعرف الظروف وقوى الشدالعكسي الخفيه التي تُظهر مساندتها لمروان وفي سرها تسعى لإفشاله
( مروان سينتصر )
بيت القصيد....مروان البرغوثي أثبت أنه لا يزال على رأس العمل الوطني وهو القادر على تفعيل أي عمل ميداني وكل من يدعي من القادة أنه قادر على فعل شيء ، فالميدان شاهد عليه ... فمروان البرغوثي أثبت بكل جدارة أنه القائد الفتحاوي القادر أن يجمع الناس وبنفس القدر والقوة هناك من وظيفتهم التفريق والتدمير وهؤلاء الفاشلون أعتقد جازما بأن الإضراب سينجح وسيفوز مروان وسيحقق المطالب كلها وهكذا يكون قد أثبت أنه أول من يحقق شروط فك الإضراب كاملة ً ..وستبدأ المرحلة التالية والتي لا يقدر عليها غير مروان من خلال اعادة وحدة الحركة وربما المصالحة الوطنية كي يتم التوافق على الإستراتيجية الجديده حسب متطلبات الوضع الإقليمي والدولي وغيرها.
تحية إلى الأخ مروان وإلى الإخوة منهم الأخ كريم يونس وناصر عويص وعبد الكريم عويص وغيرهم من الأبطال
اللهم فرج كربهم وأطلق سراحهم فالوطن بحاجة لهم
والله من وراء القصد